الشعور بالأمان العاطفي يحافظ على العلاقات الزوجية ويحميها من الانهيار

figuur-i
figuur-i

ديمة محبوبة

عمان- يختلف شعور الحب بين الناس عن شعور الأمان العاطفي، ويقول خبراء إن الأمان العاطفي هو الذي يولد شعور الحب الصادق، ويستمر طويلا.اضافة اعلان
الكثير من الفتيات أو الشباب يقعون في الحب ويحاولون الوصول إلى مرادهم بالاستقرار، لكن هذا قد لا يحدث، إلا إذا ارتبط ذلك الحب بالأمان العاطفي، وهو الشعور بالارتياح تجاه ذلك الشخص.
يارا عيسى انجذبت لأحد زملائها في الجامعة، ومن ثم تقدم لخطبتها، لكنها لم تستطع أن تكمل معه؛ إذ تقول "اكتشفت عدم احترامه لرابط الشراكة بين الطرفين، وذلك بالحديث مع الأخريات طوال الوقت، بالإضافة لطريقة تشكيكه بكل فعل أو اتصال أقوم به، وعليه وجدت نفسي مضطرة لتبرير أي عمل أو قول أقدم عليه، مما دفعني للتفكير بأن هذا الارتباط لن ينتهي بالسعادة التي حلمت بها، والأمان الذي أبحث عنه".
وتكمل "فكرت بمستقبل هذه العلاقة، متسائلة، هل الحب وحده يكفي ويتغلب على الأمان الذي بت أفتقده معه؟، لم يدم الأمر طويلا، وقررت أن أرجح عقلي وأفكر بشكل جدي في اختيار الأفضل لي، وكانت نصيحة والدي أن الحب مهم جدا، لكن الأمان العاطفي أساس الشراكة بين الطرفين".
وتشرح أن تعريف والدها للأمان العاطفي هو الراحة والاتكال على هذا الشخص بأنه السند، فعندما تشعر بأن الجميع ضدها، تدرك أن هناك شخصا يفهمها ويعلم نواياها.
وحول ذلك، يقول اختصاصي علم الاجتماع د. محمد جريبيع "إن الحياة الزوجية والعلاقات بين الناس يجب أن تكون مبنية على أسس قوية، لتكمل في مسارها الطبيعي، ولتحقيق ذلك على الأفراد أن يبتعدوا عن التشكيك والانتقاد، والتي تذهب الحب مهما كان قويا، وتشعر الشخص بالافتقار للأمان العاطفي، وهو البناء القوي للعلاقات".
وما حدث مع ميسون الحاج في زواجها من الشاب الذي أحبته لأعوام عديدة، وهو ابن خالتها، وصديق طفولتها، واليوم هو زوجها وأب طفليها، يمثل "غياب الأمان العاطفي".
وتقول إنها رغم الحب الكبير الذي تكنه له، إلا أنها تشعر أحيانا بغياب الأمان العاطفي بينهما، والسبب في ذلك كثرة انتقاد زوجها لها بعد الارتباط، وحديثه المستمر عن حياة نعيم العزوبية، ووصف حياة أصدقائه غير المتزوجين بأنها "أجمل وأفضل من حياته".
وتضيف أنها شعرت بأن علاقتهما بدأت تهتز، ورغم طيب تعامله، وإظهار حبه لها أحيانا، إلا أنه يتعمد قول كلمات تشعرها بالخوف من مدى استمرارية هذا الزواج، والوصول إلى الأمان الذي تنشده كل امرأة من زوجها.
ويبين جريبيع أن الفرد عندما يشعر بالأمان الاجتماعي، فهو شخص يعيش بارتياح ولا يحمل نفسه طاقة أكبر للدفاع عن ذاته، مقابل قلة الأمان العاطفي، ومحاولته إصلاح الحب بشكل مستمر.
ويقول جريبيع "الحب مع الأمان العاطفي يجعلان الشخص في أي علاقة يقترب من الحياة الكاملة، فرغم الظروف الصعبة، إلا أنه يعلم أن هناك شخصا أو مكانا سيلجأ له ليكون راحته، وأن هناك من يعامله باحترام ولطف دائما، وبالتالي يشعره بالسلام الداخلي".
اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة، يؤكد أن الأمان العاطفي أكثر متطلبات الحياة ليس فقط للكبار وإنما حتى للأطفال، فعندما يصلون له يتوجب عليهم أن يحافظوا على هذه السمة، وذلك يكون من خلال قول الحقيقية والحفاظ على الوعود.
ويؤكد أن الشخص لا يمكنه أن يشعر بالأمان مع شخص يخدعه، لافتا إلا أنه ليس هناك ما يسمى بالحياة الكاملة أو علاقات مثالية بشكل كامل، لكن المقصود هنا بأنه بوجود هذا الأمان يكون الشخص أكثر تسامحا، وأكثر تقبلا وتفهما، ما يجعل الحياة أفضل وأبسط وأكثر استمرارية.
ويشير مطارنة إلى أهمية الوقوف مع الأطفال وإكسابهم الأمان العاطفي من خلال والديهم، ما يجعلهم متحضرين للحياة بشكل أفضل، ومقبلين عليها.
ويقول "الكثير من الأفراد اليوم يعانون من غياب الترابط، وكذلك نقص العاطفة، وأيضا غياب الأمان جراء ما عانوه في طفولتهم، ما يجعل هذا الجرح مفتوحا، والخيبة مستمرة، ولأنهم يحاولون الدفاع عن ذاتهم من هذه الآلام، فيلجؤون للتصدي وعدم السماح للحب والثقة بالتخلل لحياتهم".
ويضيف "‏الأطفال الذين لم ينشؤوا في ظل عطف أسري كاف، كانوا بالتأكيد أقل أمنا وأقل ثقة بالنفس، ‏‏وأكثر قلقا من أولئك الذين يعيشون في كنف عطف أبوي مستمر وفعال".
ويشدد مطارنة على أن الأمان ‏‏العاطفي هو العلاقة أو الارتباط القوي بين الطفل والشخص الذي يهتم به، وفي العادة ‏‏هو الأم أو الأب أو الاثنان معا، باعتبارهما المصدر الرئيسي لإشباع حاجات الطفل ‏الأساسية.‏