"الشكاؤون".. أشخاص "ينفرون" من حولهم

Untitled-1
Untitled-1

مجد جابر

عمان- بعد أن كانت الثلاثينية سهاد عبدالله تشعر بأن عملها هو المكان الذي يعطيها شعورا بالراحة وكأنها برفقة عائلتها، بدأت تغير نظرتها تماما، وتبدلت تلك الطاقة الايجابية لمشاعر سلبية ترهقها.اضافة اعلان
لم تستطع سهاد إخفاء مشاعرها اتجاه تلك الزميلة التي استلمت الوظيفة معها بذات المكتب، إذ أصبحت تزعجها بسبب تذمرها المستمر و"الشكوى" التي لا تتوقف من كل شيء يقابلها.
سهاد تستغرب من زميلتها الجديدة والتي تحول كل شيء يحصل معها لشكوى، حتى الأشياء المفرحة تتعمد أن ترى منها الجانب المظلم الذي يدعوها للتذمر واللوم، وهذا الشيء منذ أن تبدأ ساعات العمل وحتى آخر الدوام.
وبالرغم من مرور 3 أشهر على وجودها معها بالمكتب، لكنها لم تسمعها يوما قد مدحت بشيء أو شعرت بالامتنان اتجاه أي أمر يحصل معها، فهي تشتكي من أبسط الأمور، وحتى طريقة العمل، فضلا عن تعليقاتها السلبية على الموظفين.
طاقة سلبية باتت تبثها عليها تلك الزميلة، واستطاعت فعلا أن تؤثر على مزاجها بالعمل وحتى بعد أن تعود لبيتها، متساءلة عن كيفية التعامل مع تلك الشخصيات؟.
العديد من الأشخاص ينجذبون بقوة نحو السلبية التي تقود للشكوى والتذمر الدائمين، ويبتعدون عن كل ما هو ايحابي ومتفاءل، ذلك يجعلهم بكثر من الأحيان عبئا على المحيطين بهم، والذين يشعرون مع الوقت بالضجر والملل من علاقات لا تبث إلا الطاقة السلبية.
"لي أنا هيك حظي"، "ما عرفت تجيبلي شي أحسن "، "ليش أنا بس عن دون الكل بصير معي هيك".. بهذه الجمل والعبارات يستفتح معتز أحمد يومه صبيحة كل يوم، والسبب زوجته التي لا يعجبها شيء مهما فعل لها، فهي تتفنن في الشكوى.
يقول معتز أنه في البداية كان يلوم نفسه ويعتبر أنه قصر كثيرا، وربما لم يعطها حقها كما يجب، غير أنه ومع الوقت عرف أنها فقط "عادة" لديها ولا يمكنها الابتعاد عنها، فهي شخصية لا تدرك معنى الرضا، وكل ما تجيده هو التذمر مهما فعل أو قدم لها، رغم أنه يحاول أن يؤمن لها كل شيء ويحقق لها ما ترغب به.
معتز يعترف أنه أصبح يملّ منها كثيرا ومن تصرفاتها غير المبررة، وعدم تقديرها لكل ما يقوم به، لافتا إلى أي زوج يرغب بأن يرى امتنان ورضا زوجته، خصوصا عندما يحاول أن يقدم ما بوسعه لتشعر عائلته بالارتياح وتأمين المستلزمات التي تحتاجها.
أسماء هي واحدة أخرى باتت تلاحظ تغيرا في شخصيتها وطبيعتها، وهو من لاحظه كل من حولها، خصوصا زوجها الذي أصبح يمل ويضجر، فضلا عن المشاكل غير المنتهية بينهما.
لم تكن تلاحظ ذلك من قبل إلى أن واجهها زوجها في إحدى المشكلات وسألها "مع من تجلسين هذه الفترة". ذلك الأمر الذي جعلها فعلاً تفكر ما اذا كانت جارتها التي تجلس معها باستمرار وتشكو وتتذمر يوميا من الحياة الزوجية وأعباء المنزل والأولاد، إذ يبدو أنها تأثرت بها كثيرا وبكلامها.
لذلك قررت أسماء أن تبتعد عنها لفترة، لتتأكد من شكوكها، واكتشفت فعلا أنها تأثرت بها وبكلامها وعدم رضاها عن أي شيء واكتسبت منها بعض تلك الصفات، فقررت أن تبتعد عنها نهائيا حتى لا يتأثر أطفالها وبيتها بطباع لم تكن موجودة فيها، فهي لا تحتاج لأشخاص سلبيين في حياتها.
وفي ذلك يذهب الاختصاصي النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة الى أن هذا النوع من الشخصيات هم من يطلق عليهم "سارقيين الايجابية"، ودائماً يعتبروا أنفسهم ضحايا وحظهم عاثر، مبينا أن السلبية تغلف حياتهم وتؤثر على كل علاقاتهم.
وينصح مطارنة بتجنب الجلوس مع هؤلاء الأشخاص، لأنهم يقتلون الابداع والأمل والتفاؤل لدى الطرف الثاني، لافتا إلى أن هذه النوعية من الشخصيات بداخلها حقد وضغينة وترغب في الحصول على كل شيء.
ويضيف أن هنالك أشخاصا دائما ينظرون إلى ما يملكه غيرهم، ويعتبرون أنفسهم فاقدين لكل شيء، ومهما امتلكوا ما يريدونه يبقى شعور الرضا مفقودا لديهم، ويعبرون عنه بالشكوى التي لا تتوقف.
ويشير مطارنة إلى أن هؤلاء الأشخاص لا يتقبلون أحيانا الانتقاد، أو توجيه اللوم لهم ويرفضونه ولا يعترفون بسلبيتهم، بل يصل الأمر لأن يثوروا ويغضبوا، لذلك يبقى الحل الأفضل تجنبهم إن لم يغيروا بشخصيتهم.