الشوارع.. ملاذ أطفال للعب حتى منتصف الليل بالعطلة الصيفية!

أطفال يلهون في أحد الأحياء السكنية في ساعات المساء - (تصوير: امجد الطويل)
أطفال يلهون في أحد الأحياء السكنية في ساعات المساء - (تصوير: امجد الطويل)

 مجد جابر

عمان- حالة من الضجر تنتاب الأربعينية هدى أسعد يومياً منذ أن بدأت العطلة الصيفية لدى طلبة المدارس، فهي لا تستطيع النوم طوال الليل بسبب أصوات الأطفال الذين يلعبون ويلهون تحت شباك غرفتها حتى ساعات الفجر.اضافة اعلان
تشعر يومياً بتعب وإرهاق شديدين، يجعلها غير قادرة على إكمال يومها بشكل طبيعي على الإطلاق، مبينةً أنها لا تستغرب من الأطفال بقدر ما تستغرب من عائلاتهم الذين لا يسألون عنهم، ويوافقون على بقائهم في الشارع دون حسيب أو رقيب حتى ساعات متأخرة.
حاولت هدى أن تخرج إليهم محاولة إقناعهم بخفض صوتهم، لكن دون نتيجة، كما تحدثت مع بعض الأهالي، منهم من استجاب ومنهم من قال لها "لا نستطيع أن نحشر أطفالنا بالبيت". والآن هي تنتظر أن يأتي اليوم الذي يعودون فيه لمدارسهم، لكي تستطيع اكمال حياتها بشكل طبيعي.
هدى ليست وحدها التي تعاني من هذا السلوك والازعاج من أطفال الحارة. الطالب ابراهيم علي اصبح يبحث عن مكان للدراسة، بعد أن كان يعتبر أن الليل هو أفضل وقت بالنسبة له للتحضير لامتحانات الفصل الصيفي في الجامعة، حيث يحتاج الى درجة هدوء كبيرة كان يجدها في الليل.
غير أن قدوم عطلة الأطفال الصيفية أثرت عليه كثيراً، خصوصاً أنهم قاموا بتشكيل فريق كرة قدم، ويستمرون باللعب تحت البيت حتى ساعات متأخرة من الليل، مع صراخ عال دون أدنى احترام للجيران وظروفهم، ودون أي تنبيه لهم من قبل أهلهم أو حتى مراقبة لهم. وهو الأمر الذي جعله يبحث عن أماكن أكثر هدوءاً في بيوت أصدقائه.
الثلاثينية ربا عباس كانت في البداية تفرح كثيراً لأن ابنها ذا الثماني سنوات وجد له أصدقاء في الحارة، وأصبح ينزل يوميا للعب معهم لساعات طويلة، مما جعلها تشعر ببعض الراحة من إزعاجه في البيت، واعتبرت أن ساعات الليل أفضل حتى لا يتعرض لحرارة الشمس المؤذية في النهار، ويبقى تحت عينيها.
إلا أنها وبعد فترة بدأت تلاحظ على ابنها سلوكيات سلبية، جعلها تمنعه من النزول والاختلاط بأبناء الحارة، مبينةً أن ابنها يعود إليها كل يوم بمعجم من الألفاظ السيئة، عدا عن العادات السلبية الأخرى التي اكتسبها.
وتضيف أنها لا يمكن أن تعيد تكرار هذه التجربة، خصوصاً بعد كمية الشكاوى أيضاً التي جاءت من الجيران لما يسببونه من إزعاج لهم طوال الليل.
في موسم العطلة الصيفية لا تكاد تخلو حارة من وجود هذا النوع من الإزعاج، على مداخل البنايات السكنية، من أطفال يتركون بمفردهم حتى ساعات متأخرة من الليل في الشارع، بحجة أنها عطلة وأن على الأولاد أن يأخذوا قسطاً من الراحة، دون مراعاة لكمية السلوكيات السلبية التي يكتسبها الطفل في هذه الأجواء، والإزعاجات التي لا تتوقف.
اختصاصيون اعتبروا أن مرحلة الطفولة، يكتسب فيها الطفل العديد من الصفات، وتتشكل فيها شخصيته للمستقبل، لذلك لا بد من الأهل ضبط الأبناء بشكل أكبر، وعدم تركهم في الشارع طوال هذا الوقت وفي ساعات متأخرة من الليل، لأنه يعود عليهم بالاثر السلبي تربوياً وأمنياً.
الاختصاصية التربوية الأسرية رولا أبو بكر ترى أن البيت والتربية هما الأساس، وبعض الأهالي لا يبالون بما يفعله أطفالهم، ولا مشكلة لديهم بكمية الازعاج الذي يسببونه للعائلات المجاورة.
ويفترض، وفق أبو بكر، أن يقوموا الأهل بالسيطرة أكثر على الأبناء، ومراعاة الذوق والاحترام، خصوصاً في حقوق الجار على الجار، وتعليم الأطفال أهمية المحافظة على القيم، واحترام الكبير، وعدم التسبب بالإزعاج.
ويجب أن يكون هناك توعية للأهالي، خصوصا بالأضرار الجسدية والنفسية على نموه وصحته بسبب السهر حتى أوقات متأخرة، عدا عن العادات والسلوكيات السلبية التي يكتسبها.
وتشير إلى أن هناك أمهات يجدن بذلك راحة لهن ويشجعن أبنائهن على النزول، الا أنه لا بد من الحد من هذه الفوضى ومتابعة الابناء ومراقبتهم بشكل أكبر، خصوصا في هذا العمر الحساس ومرحلة الطفولة.
وينبغي على الأهل أن ينظموا للأبناء أنشطة ترفيهية في العطلة الصيفية، تنمي مواهبهم، وتغير أجواءهم، ومشاركة أطفالهم بها، سواء بالبيت، أو مرافقتهم للحدائق العامة، لكي يفرغوا طاقاتهم، ويستمتعوا باللعب مع أقرانهم، والابتعاد عن تركهم بمفردهم في الشوارع لساعات متأخرة.
وفي ذلك يرى الاختصاصي النفسي التربوي الدكتور موسى مطارنة أن على الأسرة الالتزام بنظام لا يختلف كثيرا بتغير المواسم، مبينا أن سهر الأطفال وتواجدهم بالليل في الشارع هو أمر سلبي من الناحية التربوية والأمنية.
ويشير إلى أن طبيعة حياتهم يجب أن تسير بشكل منهجي، والعطلة لا تعني التسيب بخلل بالأنظمة، مبينا أن الطفل بهذه الطريقة يأخذ الكثير من العادات السلبية من الشارع، وكأن كل جهود الأهل طوال العام تذهب سدى، خصوصاً وأن هؤلاء أطفال، والأصل أن يكونوا تحت رقابة الأهل، وتعليمهم النظام واحترام الوقت خصوصاً وأن أهم مرحلة في حياة الابن هي الطفولة، وهنالك مشكلات نفسية وسلوكية يصعب حلها في المستقبل.