الصادرات الزراعية الأردنية ...الحاجة لنجم إرشادي

تدهورت قيمة صادراتنا الزراعية من الخضراوات والفواكه والمكسرات في جدول التركيب السلعي للصادرات الوطنية، وذلك من 540 مليون دينار العام 2015 إلى 288 مليون دينار في نهاية العام 2019، متراجعة أهميتها في إجمالي الصادرات من 11.3 % العام 2015 إلى 5.8 % في نهاية 2019، وهذا قبل اندلاع جائحة كورونا. كما وتراجعت قيمة تلك الصادرات من 162.4 مليون دينار في السبعة أشهر الأولى من العام 2019 (5.8 % من إجمالي الصادرات الوطنية) الى 145.5 مليون دينار (أو 5.3 % من الإجمالي) في الفترة المماثلة من هذا العام. فما هي أسباب هذا الانحدار والتراجع؟اضافة اعلان
لا شك أن عالم التصدير لم يعد كما كان في السابق، العالم يتغير والظروف تتغير. العالم بعد كورونا وبعد الربيع العربي وبعد اتفاقيات السلام لم يعد كما كان سابقاً. دخول المنتجات الزراعية الإسرائيلية بقوة ومباشرة إلى أسواق الشرق الأوسط ودول مجلس التعاون الخليجي يعني أن قواعد اللعبة الاقتصادية والإنتاجية والتصديرية والتسويقية يجب أن تتغير، شئنا أم أبينا. الأسواق ليس فقط للأقوى، وإنما للأكثر منافسة ولمن يقدم منتجاً أفضل من ناحية النوعية والسعر والتغليف والتسويق. لا مجال للعواطف ولقواعد اللعبة السابقة. هناك تغيرات جذرية دراماتيكية في توجهات وأسس ومبادئ الاتفاقيات الاقتصادية في المنطقة، فقد أصبحت قائمة على المصالح البراغماتية بعيداً عن الخلافات السياسية. وهذا واقع حياتي ملموس نراه اليوم على أرض الواقع ولا مجال أمامنا إلا التعامل معه، وإذا اخترنا غير ذلك نخرج من السوق، وهو سوقنا. فما المطلوب من الأردن لضمان كسب حصة كبيرة لمنتجاته الزراعية في أسواق المنطقة؟
باعتقادي أنه يجب علينا أن نتحرك بصورة إستراتيجية براغماتية وفعالة يكون هدفها الأول تحقيق رؤية تخضير الأردن أكثر، بجعله أخضر بحلول العام 2030. وهذا يعني إحداث ثورة خضراء ويكون ذلك من خلال ما يلي: أولاً، أن يكون لدينا حكومة فعالة لديها التزام طويل الأمد بالزراعة والمياه وذلك عن طريق إحداث تحول جذري في هيكل ومكونات موازنة العام 2021 والموازنات المقبلة، بجعل 30 % على الأقل من استثماراتها الرأسمالية موجهة لقطاع الزراعة والمياه. ثانياً، أن ندخل مرحلة جديدة وذكية في تنظيم المزارعين من خلال تعاونيات واتحادات فعالة تكون ممثلة كفؤة وفعالة للمزارعين يمكنها التفاوض أمام مختلف الجهات، وقادرة على أن توصل المزارعين للتمويل ومدخلات الإنتاج الزراعي والتدريب الجيد والوصول للأسواق.
ثالثاً، أن يكون نهج الأردن الزراعي موجهاً للسوق بحيث يعمل السوق كنجمٍ إرشادي للتخطيط وتحديد الأولوليات والتنسيق لكل من الحكومة والمزارعين. علاوة على حل مشكلة التسويق الزراعي بذكاء من خلال تفعيل هيئة أو مؤسسة التسويق الزراعي لتمكينها من حل كافة مشاكل التسويق الزراعي في المملكة. رابعاً، أن يكون الأردن دولة ترتكز على الزراعة والمزارعين وتكون دولة متنوعة التخصصات الزراعية ومبتكرة لحلول المشاكل الزراعية وقضايا المزارعين وخاصة في القطاع الخاص. وأخيراً لا بد من جلب الدعم الدولي للقطاع الزراعي الأردني من خلال الصناديق المتخصصة في الزراعة والمياه والبيئة ومنها على سبيل المثال لا الحصر صندوق البيئة الأخضر وبرنامج البيئة التابع للأمم المتحدة ومقره جنيف ومنظمة الأغذية والزراعة، ولا بد أيضا من الاستفادة من تجارب الدول الرائدة في العالم بهذا المجال.
بهذا فقط نستطيع تحويل الأردن إلى بلد رائد في الزراعة على المستوى العالمي ونستطيع أيضا تحويل العقلية الزراعية الأردنية لتصبح روابطها أيديولوجية متأصلة ومتوارثة. فهل نبدأ من موزانة 2021؟! نأمل أن نجد آذانا صاغية في وزارات الزراعة والمياه والمالية.