أسبوع على "الشيجيلا".. القلق ما يزال مستمرا

ممرضون وأهال خلال متابعة حالة مريض من بلدة جبة - (الغد)
ممرضون وأهال خلال متابعة حالة مريض من بلدة جبة - (الغد)

صابرين الطعيمات وعامر خطاطبة وعبدالله الربيحات

محافظات – في بيان لوزارة الصحة حول التسمم الذي تعرض له أطفال في بلدة جبة بمحافظة جرش، أمس، كشفت أنها حددت 3 مصادر للتلوث تتسبب بالتسمم، بعد فحوصات مياه متخصصة، اجرتها مديرية صحة البيئة فيها.اضافة اعلان
وأظهر البيان أن فحوصات أجريت لمصادر مياه قريبة من القرية (سيل الزرقاء)، ومسبح خاص وخزان مياه في مدرسة بالبلدة، مؤكدة انها أغلقت هذه المصادر، لكنها مستمرة بأخذ العينات من المصادر المحتملة للعدوى في المحافظة، وإجراء الفحوصات لاستكشاف أي مصادر عدوى أخرى، بالتعاون مع شركاء الوزارة الاستراتيجيين في هذا المجال.
وأوضحت، أن نتائج الفحوصات الأولية التي أجريت للعينات المائية، والتي أخذت من بلدة خربة الوهادنة في محافظة عجلون، أثبتت وجود تلوث في بعض محطات تحلية المياه الخاصة بالبلدة، وقد جرى إغلاقها مسبقا كإجراء احترازي.
ويأتي هذا التصريح بعد أكثر من أسبوع على ظهور حالات التسمم في جبة التي لم تتوقف الاصابات فيها حتى أمس، ولم يكن قد اعلن عن السبب المباشر والرئيس لأسباب تسمم المصابين، وغالبيتهم أطفال تتراوح أعمارهم بين 3 و13 عاما، بحيث إظهرت نتائج فحصهم الأولية، إصاباتهم بجرثومة الشيجيلا المعدية.
على طرف آخر، فإن أهالي البلدة التي يزيد عدد سكانها على 5000 نسمة، ما يزالون يرون أن سبب إصابة أبنائهم بالشيجيلا غير معروف، بخاصة وأن الإصابات لم تتوقف، وهو ما يجعلهم يعيشون حالة من الترقب والقلق.
وفي ضوء ذلك طالبوا بوضع حد لتفشي هذه العدوى، وتسمم أبنائهم، بخاصة وأن الإصابات بينهم لم تتوقف، ومعالجة انتشار الجرثومة بأسرع وقت، لتجنب إصابة أعداد أكبر من الأطفال وانتقال العدوى إلى آخرين.
مصدر مسؤول في مستشفى جرش الحكومي، قال إن عدد الإدخالات للمستشفى من أطفال جبة ممن ظهرت عليهم أعراض اشتباه بالتسمم بلغ 16، حتى امس، وهم ما يزالون قيد العلاج، فضلا عن مصابين صنفت حالتهم بـ"البسيطة"، وقدمت لهم الإسعافات الأولية ثم غادروا المستشفى، كما ظهرت نتائج فحوصات لمصابين، كشفت عن إصابتهم بجرثومة الشيجيلا.
وقال المصدر إن الإصابات تحول بعد تشخيص الكادر الطبي الموجود احترازيا خلال هذه الفترة في مركز صحي جبة الأولي، لينقلوا بسيارة إسعاف خاصة بالمركز الى مستشفى جرش الحكومي.
وأوضح أنه تظهر على غالبية المصابين أعراض الإصابة بالشيجيلا، اذ ثبت حتى الآن وبعد فحوصات عدد كبير منهم، أنهم مصابون بها.
هذا وكانت مديرية تربية جرش، علقت دوام مدارس جبة أول من أمس وأمس، بهدف تعقيمها وتنظيفها، وتيسير عمل فرق التقصي الوبائي بهدف أخذ عينات من الأهالي وجمعها، وإجراء فحوصات لها، وفق مدير تربية جرش الدكتور فيصل الهواري.
وقال الهواري؛ إن إغلاق المدارس، يجري بالتعاون مع المركز الوطني لإدارة الأزمات ووزارة الصحة، بهدف الحفاظ على سلامة الطلبة، بخاصة وأن معظم الإصابات تقع بينهم.
وأضاف، أنه وفور تبليغه عن وجود إصابات في بلدة جبة بين الطلبة منذ السبوع الماضي، تفقد مدارسها الاساسية والثانوية، ونفذ تفريغ لخزانات المياه فيها، وجرى فحص عينات منها ومن مختلف مرافق المدارس للتأكد من سلامتها، وذلك في نطاق الاجراءات الاحترازية للحد من الاصابات، بعد أن بلغ عددها 43 بين الطلبة.
وأوضح الهواري في اتصال "الغد" معه، بأن فرق التقصي الوبائي، جمعت عينات من مختلف مرافق المدارس وفحصتها في أول يوم ظهرت فيه حالات التسمم، مؤكدا أن النتائج كانت سلبية.
كما أخذت لاحقا عدة عينات من مختلف مرافق المدارس التي تجري متابعتها لتطبيق شروط الصحة والسلامة العامة فيها على مدار الساعة وفي كل مدارس المحافظة، بخاصة وأن مياه الخزانات، تستخدم للنظافة الشخصية كغسل الأيدي ولا يسمح بالشرب منها نهائيا.
وقال إنه مستمر بتنفيذ جولات على مدارس المحافظة، واستبدال خزاناتها القديمة وغير المناسبة ولا تنطبق عليها شروط السلامة العامة، بخزانات جديدة، ومراقبة نوعية المياه فيها، وفحصها والتأكد من صحتها ومناسبتها للاستخدام، ومراقبة المرافق الصحية ومدى نظافتها، والقيام بتعقيمها باستمرار.
وأضاف الهواري، إن وزارة التربية والتعليم وبالتعاون مع مركز إدارة الأزمات، هدفت من وراء تعليق دوام الطلبة في مدارس جبة، الى تنظيف خزاناتها ومرافقها وتعقيمها، وهي إجراءات تنفذها الوزارة باستمرار في مدارس المحافظة كافة، الى جانب حملات الرقابة على إجراءات السلامة والصحة والنظافة الشخصية يوميا فيها.
عضو مجلس محافظة جرش السابق حتمل الزبون، إن الإصابات ما تزال مستمرة وعلى مدار الساعة بين أطفال جبة، فيما تبذل الحكومة قصارى جهدها للسيطرة على المرض، غير أن طبيعة الجرثومة في انتقال العدوى منها، رفعت عدد الإصابات وقد تجاوزت الـ80 حالة، فيما يرشح العدد للزيادة في حال لم يعالج مصدر الجرثومة.
وأوضح أن مياه سيل الزرقاء، لا يمكن أن تكون مصدرا للجرثومة، لاسيما وأن مياه السيل تمر بعدة محافظات، ويستخدمها سكان قرى تمر بها في تلك المحافظات، فضلا عن أن منطقة السيل هناك، هي موقع للتنزه، ترتاده أعداد كبيرة من الزوار القادمين من المحافظات في نهاية كل أسبوع، بينهم آلاف الأطفال الذين يسبحون في مياه السيل، ولم نسمع عن اصابات بينهم، فما هو سبب ظروف الإصابات في بلدة جبة فقط إذن؟
وبين الزبون أن أهالي البلدة يعتمدون منذ مئات السنين على تربية المواشي، وتعتاش غالبية أسر البلدة على هذه المهنة، لكن لم تسجل أي إصابات بينهم خلال عملهم ذاك منذ سنوات بهذه العدوى، فما السر أيضا وراء ظهور الإصابات بالشيجيلا في هذا الوقت تحديدا، برغم تربية أهالي البلدة للمواشي منذ مئات السنين فيها؟
ويرى الزبون، أن وجود كادر طبي متخصص في المركز الصحي الأولى يعمل على مدار الساعة ويستقبل الإصابات طول ساعات اليوم الـ24، ويقدم الإسعافات الأولية للمصابين، خفف كثيرا على الأهالي.
ولفت الى أن نقل الإصابات بسيارة الإسعاف المخصصة للمركز الصحي الى مستشفى جرش الذي تزيد المسافة بينهما على 20 كلم، يساعد في بالتخفيف على الاهالي أعباء التنقل ماليا ونفسيا على أسر المصابين، بخاصة وأن العديد من المصابين بحاجة لدخول المستشفى والاقامة فيه لعدة أيام ولعدة مراجعات.
بيد أن رئيس بلدية جبة السابق محمود الخوالدة، ما يزال يصر على أن سبب الجرثومة هو مخلفات المواشي التي تجري تربيتها في حدود التنظيم، وداخل أحواش المنازل والحدائق، وهي بؤر تفتقر لشروط الصحة والسلامة العامة والنظافة، إذ يجمع روثها من بين الأحياء، بينما الأطفال يلعبون في تلك البؤر التي لم يسبق وان جرى تعقيمها وتنظيفها.
وقال الخوالدة؛ إن وجود 30 ألفا من المواشي في داخل حدود البلدة، يعد كارثة بيئية يجب الانتباه إليها، بخاصة وأن أعراض التسمم هذه تتكرر سنويا باصابة أفراد من القرية غالبيتهم أطفال، ولكن لم يجر الإعلان عن ذلك، إذ كانوا يتلقون العلاج في المركز الصحي دون الحاجة لمراجعة مستشفى جرش.
ولفت الى أنه ورئيس بلدية باب عمان، خاطبا الجهات المعنية في مسعى منهم يهدف الى نقل أحواش المواشي خارج حدود البلدة، لكن مخاطاباتهم لم تحقق هدفها.
واستبعد أن يكون سبب الجرثومة من سيل الزرقاء، بخاصة وأن السيل يمر بلواء المصطبة وآلاف الدونمات التابعة له واقعة في نطاق حرم السيل، وبرغم ذلك لم يعلن عن أي إصابة في المصطبة، بينما السيل أقرب لها من جبة، الى جانب ارتياد زوار من مختلف المحافظات في عطلة نهاية الأسبوع لمناطق السيل هناك، والسباحة فيه، لكن دون أن تسجل بينهم أي إصابة.
في محافظة عجلون، أكدت نتائج الفحوصات والجولات التفقدية للجان التقصي التابعة لمديرية الشؤون الصحية فيها وجمع العينات، أن الحالات التي راجعت مستشفى الإيمان الحكومي، أصيبت جراء استهلاكها مياها ملوثة ابتاعوها من محل بيع مياه.
وأكدت مصادر في المديرية، ان جميع العينات المأخوذة من مصادر مياه الشرب وشبكات المياه في المحافظة، تراعي سلامة المياه ومطابقتها للمواصفات، لافتة إلى ان بلدة الوهادنة شهدت حالات تسمم، واثر ذلك أغلق محل مخصص لبيع المياه فيها مؤخرا، لعدم التزامه بالشروط الصحية وتعليمات التراخيص لهذه الغاية.
وقال حمزة الخطاطبة، إن محالا مخصصة لبيع مياه الشرب، قد تلجأ تحت جنح الظلام الى التزود بالمياه من مصادر مائية غير مخصصة للشرب، وغالبا تكون تلك المياه ملوثة، مؤكدا ضرورة تشديد الرقابة عليها، ومخالفتها وفرض التزام عليها بالتزود من محطات مياه مخصصة للشرب، وعمل صيانة دورية لفلاترها ومعداتها.
الى ذلك؛ زارت لجنة الصحة والبيئة النيابية، محافظتي جرش وعجلون لمتابعة الأوضاع الصحية فيهما، بعد تسجيل حالات إصابة لأطفال وذويهم في جبة والوهادنة، تسببت بدخول عشرات منهم الى المستشفيات لتلقي العلاج ومراقبتهم طبيا واجراء الفحوصات لتحديد سبب وقوع حالات التسمم.
وأكد رئيس اللجنة، النائب الدكتور أحمد السراحنة، أن هذه الزيارة تأتي انطلاقاً من دورها الرقابي وحرصاً منها على متابعة الوضع الطبي للمصابين، والوقوف على إجراءات الوزارة في التعاطي مع هذه القضية، والتأكد من تلقي المصابين الرعاية الطبية المناسبة.
والتقت اللجنة في جرش، مدير الصحة ومدير مستشفى جرش اذ قدم شرحا حول والاجراءات الطبية التي اتخذت لمواجهة هذا الحدث، وتقديم الرعاية الطبية واجراء الفحوصات المخبرية للوقوف على اسباب حالات التسمم.
وقال عضو اللجنة، النائب الدكتور احمد جميل عشا، انه من الواضح وبالنظر للأعراض المصاحبة لحالات التسمم التي اصابت الاطفال، انها ناجمة عن عدوى بكتيرية تسببت بها جرثومة "الشيجيلا" جراء تلوث حدث اما لمياه الشرب او للخضراوات والأطعمة.
فيما أكد النائب الدكتور فريد حداد، اهمية متابعة الحالات المرضية لفترة طويلة، للتأكد من عدم وجود تأثيرات جانبية على صحة الاطفال المصابين بالتسمم.
وقال النائب الدكتور فراس القضاة، ان الوزارة لم تعلن بوضوح عن السبب المباشر لوقوع حالات التسمم، وانه بانتظار صدور نتائج الفحوصات المخبرية التي اخذت من المصابين لتحديد السبب الفعلي للتسمم.
وكان وزير الصحة الدكتور فراس الهواري أوعز بتقديم الرعاية الطبية للمصابين ومتابعة الحالات التي وصلت الى المستشفى، بعد زيارته اول أمس الى جرش للاطمئنان على المصابين.
من جانب آخر، وفي معرض تصريح للناطق الإعلامي لوزارة الزراعة لورانس المجالي، في هذه الصدد، أكد عدم وجود اي زراعات مباشرة على سيل الزرقاء، لافتا الى اقتصار الامر وبعيدا عن نطاق السيل، على الاشجار المثمرة والمشاتل الحرجية والزراعات العلفية، بحكم أن حرم موقع السيل يعد مكانا للتنزه.
وأضاف أنه خلال آب (اغسطس) الماضي، جرى فحص عينات مياه على طول السيل من منطقة الخربة السمراء ولغاية سد الملك طلال في مختبرات المركز الوطني للبحوث الزراعية، وكانت جميع العينات ضمن مواصفة الدليل الارشادي لمياه الري الصادرة عن منظمة الصحة العالمية.
وقال المجالي انه في آب (اغسطس) الماضي، وجدت مساحات مزروعة جرى إتلافها فورا، باشراف لجنة السلامة العامة في محافظة الزرقاء، ووقع المزارعون على تعهدات بعدم تكرار ذلك.
الى ذلك، بينت مصادر طبية وصحية، ان الشيجيلا تبدأ بالظهور بعد يوم أو يومين من التعرض للجرثومة والعدوى بها، لكن الامر، قد يستغرق نحو أسبوع للإصابة بالمرض، ومن أعراضه، الإسهال ويظهر فيه دم أو مخاط، آلام في المعدة أو تقلصات مؤلمة، حمى، غثيان أو قيء، بحيث تستمر هذه الأعراض بين 5 إلى 7 أيام، واحيانا قد تستمر أكثر من ذلك، وهي جرثومة تنتمي الى فصيلة بكتيرية تُعرف باسم الشيجيلا.
وتحدث الاصابة بهذه الجرثومة، عند ملامسة فضلات لشخص مصاب بها، وتحدث مثل هذه الإصابات غالبا في حضانات الاطفال والمدارس، كما وتنتقل أيضا عن طريق الأطعمة الملوثة، أو بسبب شرب مياه، أو السباحة في مياه ملوَّثة.
وأفادت المصادر أن الإصابة بالجرثومة، ترتفع لدى من هم دون الخامسة، لكن هذا لا ينفي إصابة بقية الأعمار بها، وتشفى الحالات المرضية الخفيفة من تلقاء نفسها خلال أسبوع.