الصراع في الائتلاف يضغط على نتنياهو للعمل في غزة

مشهد يظهر القصف الإسرائيلي لقطاع غزة بداية الأسبوع الحالي.-(ا ف ب)
مشهد يظهر القصف الإسرائيلي لقطاع غزة بداية الأسبوع الحالي.-(ا ف ب)

هآرتس

عاموس هارئيل

شهر العسل القصير بين غادي أيزينكوت واليمين في إسرائيل وصل في هذا الاسبوع إلى نهايته المتوقعة. سلسلة النجاحات العملياتية للجيش في الأشهر الاخيرة في الشمال وفي قطاع غزة (علينا الاعتراف أيضا بعدد القتلى المرتفع في الطرف الآخر) اوقفت الانتقاد في اليمين لرئيس الاركان. الهجمات الكثيفة عليه في قضية اليئور ازاريا استبدلت بتهنئة استثنائية على أداء الجيش. ولكن كل ذلك انتهى بعد تسريب الجدالات التي جرت في الطاقم الوزاري للشؤون العسكرية والسياسية "الكابينيت" بين أيزينكوت وبينيت.اضافة اعلان
مشكوك فيه إذا كان أيزينكوت هو هدف بينيت. رئيس البيت اليهودي يمتدح مؤخرا بصورة علنية ومن وراء الكواليس مواقف وقرارات رئيس الاركان، لا سيما حول المواجهة مع إيران في سورية. ولكن بينيت ينشغل الآن مرة اخرى بتضاؤل مكانة وزير الأمن أفيغدور ليبرمان. يبدو أن رئيس الاركان ببساطة وجد نفسه في مرمى تبادل النار في حاملة الجنود الائتلافية المدرعة.
في جلسة الكابينيت كرر بينيت مطالبته من الجيش بأن يضرب مباشرة الخلايا التي تطلق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة. أيزينكوت أشار إلى الصعوبات: عدد كبير من مطلقي الطائرات هم من الأطفال، الخلايا تعمل على الأغلب من اوساط الجمهور، لا توجد امكانية للضرب بصورة دقيقة فقط الأشخاص المشاركين في العملية، وتعليمات اطلاق النار في الجيش تستند إلى الدمج بين الوسائل المستخدمة ونوايا العدو، الامر الذي يصعب على ضرب كل من يقرر اطلاق طائرة ورقية في سماء غزة. بين الاثنين جرى نقاش خلاله أشار رئيس الأركان إلى أنه يمكن القيام بعلاج محدود لخلايا تتكون من نشطاء بالغين، لكن الضرب الكثيف من الجو لخلايا الطائرات الورقية لا يناسب حسب موقفه قيم الجيش واسلوب عمله.
هذا الأمر كاف لاشعال موجة جديدة من الهجمات على رئيس الأركان والجيش في الشبكات الاجتماعية ومن قبل مراسلين محسوبين على اليمين. في القناة 20 حتى قالوا إنه في "دولة سليمة" كان سيطلب من رئيس الاركان الاستقالة بعد تصريح مثير. الهجمات الكثيرة ضد الاهداف الإيرانية وقوافل السلاح لحزب الله في سورية نسيت وكأنها لم تكن، وبالطبع أيضا حقيقة أن الجيش من خلال استخدام وسائل متشددة جدا، منعت حماس من تحويل المظاهرات قرب الجدار إلى اقتحام جماهيري لاراضي إسرائيل.
أيزينكوت تم عرضه على انه شخص انهزامي، وفاشل اخلاقيا. لو أنه فقط ترأس الجيش شخصا مثلما نريد لما كانت هيئة الاركان تقيد المستوى السياسي وتمنعه من الرد. المنتقدون تجاهلوا حقيقة أن هذه الحكومة وعلى رأسها نتنياهو هي التي تدعم رئيس الاركان وتمتنع عن اعطائه تعليمات لتغيير أوامر اطلاق النار ضد خلايا الطائرات الورقية. قرار الكابينيت أول من أمس اصدر تعليمات للجيش الإسرائيلي للعمل بتصميم "لازالة تهديد" الطائرات الورقية والبالونات الحارقة. ولكن لم يتطرق إلى التفاصيل. ولم يسأل أحد ما هي صلة وزراء الكابينيت بالنقاش حول التعليمات التكتيكية لضرب الخلايا، وهو امر عسكري واضح، بدل التركيز على مسألة الحل الاستراتيجي المطلوب الآن في قطاع غزة.
تحت التأثير الدراماتيكي للشبكات الاجتماعية، النقاش السياسي حول القطاع تحول إلى نقاش مشتعل يقترب من الهستيريا. من معظم تصريحات التماهي مع سكان قطاع غزة نسيت الحقيقة المعروفة وهي أن اطلاق الصواريخ والقذائف اكثر خطورة على أمنهم من الطائرات الورقية والبالونات. الحرائق المستمرة الغت الشعور بالأمن في غلاف غزة، لكن خطرها الأمني حتى الآن محدود.
ولكن في النقاش الحالي حول القطاع لا يوجد تقريبا مكان لاعتبارات معقدة، بل فقط للمشاعر والوعظ الاخلاقي الوطني، الذي يدعم الآن مثلما دعم في صيف 2014 بالمنافسة والعداء السياسي بين بينيت ونتنياهو، وبين بينيت ووزير الأمن (رغم أن موشيه يعلون تم استبداله في هذه الاثناء بليبرمان الذي اتهم بينيت أمس بـ "التفاف من وراء ظهر رئيس الأركان وهو أمر مقرف جدا").
اندلاع الحرب في حينه، عملية الجرف الصامد ساهم فيه عنصران يغيبان الآن عن الصورة وهما العثور على جثث الفتيان الثلاثة الذين اختطفوا وقتلوا على أيدي حماس في غوش عصيون، والتوتر حول اعدادات محتملة لعملية هجومية من قبل حماس على حدود القطاع في منطقة كرم أبو سالم. ولكن ربما يجسر هذه الفجوة الآن النقاش الحساس في وسائل الاعلام وتأثيره على السياسيين الذين في هذه المرة أيضا يستعدون لاحتمالية انتخابات مبكرة.
إذا تدهورت إسرائيل مرة اخرى إلى مواجهة عسكرية في القطاع، رغم أن القيادة لا تريد ذلك، فإن جزءا من هذا سيحدث نتيجة الضغوط المستخدمة على نتنياهو في الكابينيت وفي وسائل الاعلام.
أمس كان يبدو أن إسرائيل زادت مبلغ الرهان: وزير الأمن أعلن عن وقف تزويد الوقود والسولار للقطاع حتى يوم الاحد القادم. ومقابل ذلك جاء أنه اتخذ قرارا بشأن التزود بالغذاء والادوية فقط بـ "مصادقة خاصة" من منسق اعمال الحكومة في المناطق. بكلمات اخرى، رجعنا إلى فترة منع ادخال الكزبرة التي كانت قبل صفقة شليط. في نفس الوقت أعلنت مصر أن معبر رفح الذي كان مفتوحا في الشهر الاخير سيغلق اليوم "لاسباب تقنية".
في هذه الاثناء استغل الجيش أمس المناورة الواسعة للفرقة 162 في النقب، التي تم التخطيط لها منذ وقت طويل مسبقا من اجل ارسال عدة رسائل دعائية. قادة عدد من الوحدات المتدربة اجروا مقابلات مع قنوات التلفاز وشرحوا أن جنودهم يتدربون على احتلال قطاع غزة، وامتدحوا مستوى اهلية قوات هذه المهمة.
ربما يكون الدمج بين التهديدات الإسرائيلية وضغوط مصر يؤثر بدرجة ما على اعتبارات حماس. أمس تم التخطيط لاجتماع كبير لحماس في غزة كان من المفترض أن يلقي فيه الجنرال قاسم سليماني خطابا بالفيديو. الجنرال قائد قوة القدس في حرس الثورة الإيراني هو رجل إيران في المنطقة. فهو الذي يقود معركتها من اجل نظام الأسد في سورية وفي نفس الوقت يمنح المساعدة لحماس والجهاد الاسلامي في قطاع غزة. ولكن بث الخطاب الغي في اللحظة الاخيرة. ويمكن التقدير بأن هذا جاء للتعبير عن عدم رضى مصر من اعطاء منصة لإيران في القطاع في هذا الوقت الحساس جدا.
قاسم سليماني لم يواجه مثل هذه الصعوبات في سورية. فهناك يواصل تحالف القوات حول النظام باشراف وقيادة روسيا، العمل على ابعاد المتمردين بصورة ثابتة عن هضبة الجولان السورية. في محيط نتنياهو اظهروا أمس الرضى من ذكر مصالح إسرائيل الامنية في قمة ترامب بوتين في هلسنكي.
من المهم لإسرائيل ان تعيد للعمل اتفاقات الفصل الموقعة مع سورية في العام 1974 بعد حرب يوم الغفران، لكن هذا فقط هدف ثانوي بالنسبة للهدف الاساسي الذي يقلقها وهو ابعاد إيران والمليشيات الشيعية عن الحدود (حسب نتنياهو من الاراضي السورية كلها). هنا بقي الكثير من المساحة للشك. من غير الواضح تماما إذا كانت روسيا وحتى أميركا ستستجيب لطلبات إسرائيل مثلما تعهدت.