الصكوك الإسلامية السيادية.. ملكية لأجل

غسان الطالب*

آراء متعددة ومفاهيم مختلفة تطرح بين الحين والآخر حول الصكوك الإسلامية السيادية وأهميتها للاقتصاد الوطني، جميعها جديرة بالتوقف عندها، كونها تضيف عمقا فلسفيا واقتصاديا في موضوع التعامل مع هذه الصكوك.اضافة اعلان
ومن هذه الآراء استوقفنا رأي تحدث به معالي الدكتور عبد السلام العبادي، رئيس هيئة الرقابة الشرعية المركزية وصاحب الخبرة الطويلة في مجال الصكوك، قال فيه "إن الصكوك الإسلامية السيادية هي عبارة عن خصخصة مؤقتة للمشاريع؛ أي "ملكية لأجل"، بمعنى أن الصكوك تعد خصخصة مؤقتة للمشاريع، أو بناء مشاريع جديدة تمكن من التوسع في بناء مشاريع البنى التحتية، خصوصا الطرق والجسور والمباني العامة"، لافتا إلى تجارب دولية ناجحة في مجال تمويل مشاريع عامة من خلال الصكوك الإسلامية، مثل: مطار دبي، والجسر الواصل بين أوروبا وآسيا عبر الأراضي التركية.
توقفنا مطولا عند هذا المفهوم الذي هو وسيلة منطقية وعملية للمحافظة على المؤسسات الوطنية الإنتاجية والتي يمكن أن ترفد الاقتصاد الوطني بإمكانات مادية تساعده على تجاوز الاختناقات المالية التي تواجه الدولة أحيانا بسبب خصخصة العديد من المشاريع العامة التي كانت بحاجة الى إمكانات مادية لتحافظ على بقائها واستمرارها، فكان بالإمكان الاعتماد على الصكوك الإسلامية السيادية كملكية مؤقتة لحملتها لإنقاذ هذه المشاريع والمؤسسات بدل خصخصتها بالكامل، الذي يعني خروج الدولة من ملكية هذه المؤسسات كما حصل في العديد منها في السنوات السابقة، هذا من جانب، ومن جانب آخر يمكن الاعتماد عليها أي الصكوك الإسلامية في إقامة المشاريع التنموية المستدامة مثل مشاريع البنية التحتية خاصة الطرق والجسور والمطارات؛ حيث أثبتت العديد من التجارب نجاحها في بعض الدول.
يتضح لنا أهمية الصكوك الإسلامية وخاصة السيادية منها لبلد يحتاج إلى مشاريع تنموية بطرق تمويلية فاعلة مثل الأردن كبلد ليس لديه موارد اقتصادية كافية، وهو بحاجة لتوفير التمويل المناسب لمشاريع البنية التحتية مثل الطرق والجسور والمباني العامة، والجانب المهم في ذلك هو بالإمكان مراجعة بعض خطط الخصخصة للمشاريع الوطنية الكبرى أو التي تمت خصخصتها وما تزال الدولة موجودة في ملكية رمزية فيها، هنا تأتي أهمية الصكوك السيادية الإسلامية في تلبية الحاجات التمويلية وبالاعتماد كذلك على المدخرات الوطنية والاستفادة منها بشكل فاعل بدل الاعتماد على مؤسسات التمويل الأجنبية التي تمثل الاستدانة منها عبئا على الاقتصاد الوطني وزيادة في المديونية الخارجية وخدماتها، لكن تبقى الدولة في النهاية هي مالكة المشروع ويبقى النفع العام للمجتمع، فالخصخصة المؤقتة عامل محرك وفاعل للاقتصاد الوطني، بينما الخصخصة الكاملة التي تعني البيع الكامل للمشاريع الوطنية لابد وأن تفضي الى خسائر مادية على المدى الطويل يتحمل عبئها الاقتصاد الوطني.
على الرغم من إعلان البنك المركزي الأردني قبل أيام عن الإصدار الثالث من الصكوك السيادية لصالح شركة الكهرباء وبمبلغ 150 مليون دينار، يبقى التساؤل المهم، وهو لماذا هذا التردد الخجول من طرح المزيد من الإصدارات السيادية لمشاريع ذات أهمية تنموية للمجتمع أو صكوك من قبل المؤسسات وشركات القطاع الخاص طالما الهدف واحد، وهو خدمة الاقتصاد الوطني في الاعتماد على التمويل المحلي بدون اللجوء الى التمويل عالي التكلفة والمعتمد على معدل الفائدة، إضافة الى توفر السيولة اللازمة لذلك، خاصة في مصارفنا الإسلامية العاملة في الجهاز المصرفي الحالي، وهنا نتحدث عن أداة ادخار واستثمار مجدية تسهم مما لا شك فيه في تحسين قدرة البنوك والمؤسسات المالية الوطنية، وخاصة الإسلامية على إدارة سيولتها بكفاءة وفعالية أكبر.

*خبير في التمويل الإسلامي