الصواريخ الفلسطينية وحدود الردع

دوري غولد: إسرائيل هيوم 

أنباء الاسبوع الماضي التي جاء فيها أن إدارة أوباما طلبت من الكونغرس المصادقة على 205 ملايين دولار لمصلحة منظومة الدفاع "قبة حديدية"، تشكل تطورا هاما بعد أن اجتازت إسرائيل حربين، في 2006 وفي 2008 أطلق فيهما حزب الله وحماس صواريخ نحو تجمعات سكانية مدنية.

اضافة اعلان

ولكن التقارير في وسائل الاعلام ألمحت إلى دافع آخر لدى واشنطن لتأييد هذه المنظومة الدفاعية ألا وهو الافتراض بأن منظومة الدفاع التنفيذية ستزيد احتمالات انسحاب إسرائيلي من مناطق في يهودا والسامرة. وذلك، على أساس حقيقة أن محافل إسرائيلية رسمية أشارت في الماضي بأن منظومة دفاعية من هذا النوع هي شرط مسبق لانسحابات إسرائيلية مستقبلية. وعاد مسؤول كبير في الادارة ليشدد الأسبوع الماضي بأن "قبة حديدية" هي ضرورة لحل الدولتين.

ولكن هل صحيح هو الافتراض بأنه إذا كان بوسع إسرائيل أن تعطل بنجاعة صواريخ قصيرة المدى مثل القسام وغراد فإن بوسعها أن تنسحب من دون مخاطرة؟ الحقيقة هي أن الواقع أكثر تعقيدا بكثير. ويجدر الذكر أن حماس طورت صاروخ القسام في غزة في الفترة التي كانت ما تزال فيها السلطة الفلسطينية مسيطرة. وأطلق القسام الأول نحو إسرائيل في العام 2001 قبل وقت طويل من طرد السلطة الفلسطينية من غزة في العام 2007. ما يعني أنه من المعقول الافتراض بأنه إذا ما قامت دولة فلسطينية في الضفة الغربية فإن منظمات فلسطينية ستنتج صواريخ قسام في مشاغل محلية مثلما فعلت في غزة. وسيكون مطار بن غوريون داخل مدى القسام الذي سيطلق من قرى مجاورة للخط الأخضر مثل بدرس ورنتيس.

كيف سترد شركات الطيران الدولية في مثل هذا السيناريو؟ وهل ستوافق شركات مثل ايرفرانس، بريتش ايرويز ودلتا على إدخال طائراتها في مدى القسام، حتى لو كانت هناك "قبة حديدة" منتشرة للدفاع عن المطار؟ وهل ستزيد شركات التأمين الدولية دفعات التأمين بحيث ترفع أسعار الرحلات الجوية الوافدة ارتفاعا كاسحا؟

ما سيحسم في منظومة اعتبارات الشركات الدولية حول مستوى المخاطرة في إسرائيل سيكون نشوء التهديد وليس وجود هذه المنظومة الدفاعية أو تلك، فلا يوجد إنسان عاقل يقرر أن يزور دولة تجري فيها اشتباكات نارية في الشوارع، حتى لو زود بسترة واقية.

في الماضي تصدت إسرائيل لتهديد الصواريخ من خلال الردع فقط. وعلى مدى السنين درج السياسيون الإسرائيليون على القول بأنه إذا تعرضت إسرائيل للهجوم من منطقة انسحبت منها ستكون لها الشرعية الكاملة لتوجيه رد عسكري أليم.

ردع من هذا النوع ما يزال ساري المفعول حيال دول سيادية، ولكن في المواجهات على مستويات متدنية أكثر، لا يكون مثل هذا الردع ناجعا. إسرائيل ترددت في رد فعلها عندما أطلقت حماس الصواريخ انطلاقا من غزة نحو التجمعات السكانية الإسرائيلية حتى بعد فك الارتباط في العام 2005 وردت بشكل قاطع فقط في العام 2008. وحتى عندها اضطرت إسرائيل إلى التصدي لانتقاد دولي وتقرير غولدستون. وإذا تعرضت إسرائيل لهجوم بالصواريخ انطلاقا من أراضي الدولة الفلسطينية، سيكون من الخطأ الجسيم الافتراض بأن يكون بوسع إسرائيل أن تجتاح بشكل تلقائي القرية التي أطلقت منها النار ومعاقبة المنفذين.

يحتمل ألا تستطيع إسرائيل السيطرة على كل مجالات إطلاق الصواريخ المحتملة في إطار تسوية مستقبلية مع الفلسطينيين، ولكن عليها أن تصر على مواصلة السيطرة في المناطق التي توجد فيها احتمالية عالية لنشاط مطلقي القسام ممن سيهددون المطار والبنى التحتية الوطنية الأخرى. قبل سنتين بعثت وزيرة الخارجية كونداليزا رايس بفريق خاص بهدف ايجاد بديل عن السيطرة البرية حول المطار. وعاد الفريق بيدين فارغتين.

وبالتوازي مع تعطيل التهديد المحلي، على إسرائيل أن تبقي غور الأردن وتحميه من تهريب الصواريخ ذات مدى إصابة أوسع مثل غراد.

وأخيرا فإن نصب منظومة "قبة حديدة" وإن كان شرطا مسبقا ضروريا لأي تسوية مستقبلية، إلا أنه من الواضح أنه ليس في هذه المنظومة وحدها ما يقدم ردا على تهديد الصواريخ.