الصوت الواحد.. يدمر الإصلاح

ردود الفعل السلبية على قرار اللجنة القانونية النيابية باعتماد الصوت الواحد للدوائر الانتخابية الفردية التي خصص لها 108 مقاعد، يضاف إليها 15 مقعدا للكوتا النسائية، وصوت آخر للقائمة الوطنية التي خصص لها 17 مقعدا، ردود الأفعال هذه يجب أن يأخذها مجلس النواب بالاعتبار عند مناقشته، يوم غد الأحد، مشروع قانون الانتخاب، وتوصيات اللجنة القانونية.اضافة اعلان
الغالبية العظمى من القوى السياسية والحزبية والحراكات الشعبية والشبابية ومنظمات المجتمع المدني رفضت قرار اللجنة، واعتبرته عودة إلى الصوت الواحد المرفوض شعبيا وحزبيا. والغريب أن اللجنة القانونية استمعت إلى آراء العديد من الفاعليات السياسية والشعبية والنقابية التي أجمعت على رفض الصوت الواحد وطالبت بدفنه، إلا أن اللجنة، وعكس ما كان متوقعا منها -وقد يكون ذلك مرده إلى الحوارات النيابية الحكومية التي جرت بشكل مكثف خارج إطار اللجنة- قررت إعادة إحياء الصوت الواحد.
وقد اعتبر ذلك تحديا للقوى الحزبية والشعبية التي طالبت بدفن الصوت الواحد، وكذلك إلغاء كاملا لتوصيات لجنة الحوار الوطني التي أوصت بصوتين للدائرة الفردية، وصوت للقائمة الوطنية. وليس هذا فقط، وإنما اعتبر قرار اللجنة، وهو كذلك، "ردة" عن عملية الإصلاح السياسي؛ إذ كيف يستقيم الإصلاح مع الصوت الواحد الذي سينتخب المواطن عبره 108 أعضاء في مجلس النواب، في حين سيعطى الناخب صوتا آخر، لكنه سينتخب من خلاله 15 نائبا؟ فالصوت الواحد الذي قسم المجتمع، وأضعف الحياة السياسية والحزبية والنيابية، سيستمر في عهد الإصلاح والتغيير. إنها معضلة حقيقية، وفي ذات الوقت "ملهاة ساخرة"! فبعد سنة من الحديث عن الإصلاح السياسي، والمطالبات بإقرار قانون انتخاب آخر غير الصوت الواحد؛ وبعد أن أصدرت لجنة الحوار الوطني توصياتها التي استبشرنا بها خيرا، وبعد حوارات عديدة ظهر جليا فيها رفض الصوت الواحد، تأتي حكومة ومجلس نواب ليعيدا الجميع إلى المربع الأول؛ مربع الصوت الواحد.
الواقع الذي أوصلتنا إليه اللجنة القانونية النيابية مأساوي. وإذا ما أقرت توصية اللجنة من قبل مجلس النواب، فإن الإصلاح السياسي في خطر حقيقي. فهذه التوصية لن تأتي بحكومات برلمانية، ولن تأتي بمجلس يمثل حقيقة المواطنين، ولن تساهم بحياة ديمقراطية حقيقية. وفوق ذلك، فإن الانتخابات النيابية المتوقع إجراؤها هذا العام، ستشهد مقاطعة كبيرة، حزبية وسياسية ونقابية، ما سيضعف من هذا الإجراء الديمقراطي، ويثير ردود فعل سلبية كبيرة.
لكن، ما نزال في مربع من الممكن أن نجد فيه الحلول. فالمجلس الذي من المفترض أن يناقش قانون الانتخاب غدا، بإمكانه إجراء تغييرات جوهرية عليه، وبالتحديد على الصوت الواحد والقائمة الوطنية. وبإمكان المجلس اعتماد توصية لجنة الحوار الوطني: صوتان للدائرة الفردية، وصوت للقائمة الوطنية، ولكن بشرط زيادة عدد المقاعد المخصصة للقائمة، إذ أوصت لجنة الحوار بـ15 مقعدا للقائمة الوطنية، وجاءت اللجنة القانونية بتوصيتها بـ17 مقعدا. ولكن هذه المقاعد المخصصة لـ"الوطنية" لن تساهم في تحقيق الإصلاح السياسي، ويجب زيادتها. وهنا، يتبادر سؤال: لماذا لا يأخذ مجلس النواب برؤية غالبية الأحزاب على هذا الصعيد، والمتمثلة في زيادة عدد المقاعد "الوطنية" لتتراوح ما بين 25 - 50 مقعدا؟
إنقاذ الإصلاح يتطلب جهدا كبيرا، وعلى المستويات كافة. فهل يفاجئ مجلس النواب الجميع ويرفض توصية لجنته القانونية، ويقرر اعتماد توصية لجنة الحوار الوطني، مع تعديلات تساعد على تنمية الحياة الحزبية والسياسية، وتؤدي إلى حكومات برلمانية؟