"الضمان" يتجرأ على أموال المواطن (2 – 2)

استكمالًا لمقال سابق، نُشر قبل أسبوعين، حول إصرار المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي على "التجرؤ" على أموال المواطنين، الذين يستفيدون جزءا يسيرا فقط من أموالهم وأموال مؤسساتهم التي عملوا بها، وذلك بعد أن أفنوا على الأقل ربع قرن من أعمارهم في أشغالهم وأعمالهم، حتى يستطيعوا العيش ببحبوحة، ولو قليلة، تحترم أواخر أعمارهم.اضافة اعلان
بما أن مؤسسة الضمان، همها الأول والأخير المواطن وحماية التأمينات الاجتماعية له، كما يصرح مسؤولوها ليل نهار وتصدح حناجرهم، بكل "عنجهية" بأن ذلك ديدنهم، فلماذا لا تُقدم على اتخاذ قرارات تعود بالنفع على المواطنين وتحافظ على حقوقهم وتضمن ألا تتأثر سلبًا في المستقبل، أفضل من أي يتنعم بأموال المواطنين موظفو المؤسسة وثلة من مستفيدين، لا يقيمون أي اعتبار لضنك العيش الذي يعيشه المواطن.
"الضمان"، تُصر على الإسراف في التعامل باستخفاف بالمواطن وعقله وعدم احترامه، فها هي تقوم بشرح مفصل، حول إطلاقها خدمة إلكترونية لتقديم طلب المعالجة الطبية للمؤمن عليهم الذين يتعرضون إلى إصابات عمل في منشآتهم… فالمؤسسة أسهبت بلا كلل أو ملل، في شرح هذه الخدمة ومزاياها وفوائدها، من خلال تقرير مطول، بثته إلى كل الصحف اليومية والمواقع الإلكترونية، وكذلك المؤسسات الإعلامية الرسمية.
لكنها لم تكلف نفسها، أو بمعنى أصح لم تجرؤ، كما تتجرأ على أموال الأردنيين، على شرح قيمة إصابة العمل، وكم تبلغ نسبة اقتطاعها، ومن يتحمل هذه النسبة، وكم هي الأموال التي تتحصل عليها نتيجة ذلك؟
للعلم، مؤسسة الضمان تقوم باقتطاع 2 بالمائة، تحت بند ما يُسمى "تأمين إصابة العمل"، من إجمالي الراتب الذي يتقاضاه العامل الذي يعمل بمنشأة خاصة، يتحملها كاملة صاحب العمل، أي بمعنى أدق القطاع الخاص، والهدف منه حسبما تدعي هذه المؤسسة "حماية المؤمن عليه".
حسب أرقام المؤسسة نفسها، يوجد بالأردن مليون و163 ألف مشترك بـ"الضمان"، من بينهم 596 ألف مشترك يعملون بالقطاع الخاص، وكلي يقين كما القارئ بأن الرقم أكثر من ذلك وبكثير، ويبلغ متوسط الراتب الشهري لهؤلاء 508 دنانير.
وبحسبة بسيطة، فإن هؤلاء تدفع عنهم منشآتهم نحو ستة ملايين و55 ألف دينار شهريًا، أي ما يعادل سنويًا حوالي 72 مليونا و664 ألف دينار.. وهنا نتساءل لماذا أخفت "الضمان"، وهي تشرح إيجابيات المعالجة الطبية الناجمة عن إصابات العمل، قيمة ما تحصله جراء تلك الاقتطاعات؟.
ولماذا لم تكشف المؤسسة أين تذهب هذه الأموال؟.. فإن قال قائل بأن هناك إصابات عمل يتعرض لها المؤمن عليه، تقوم بتحملها "الضمان"، سنجيبه بأن كلامه سليم مائة بالمائة. لكن هل يعقل أن تبلغ قيمة ما تم صرفه على إصابات العمل ذلك المبلغ؟.. هذا ما لا يصدقه عاقل أو مجنون.!
تجرؤ آخر على أموال الأردنيين، يتمحور حول ما تحصله "الضمان" جراء اقتطاع 0.75 بالمائة، تحت بند ما يُسمى "تأمين الأمومة"، من إجمالي الراتب الذي يتقاضاه العامل في القطاع الخاص، سواء أكان ذكرًا أو أنثى، يتحملها كاملة أيضًا صاحب العمل.
من هذه العملية فقط، تجني المؤسسة، التي يُفترض بها أن تكون بالأصل حامية لأموال الأردنيين، شهريًا ما يقرب من 2 مليون و270 ألف دينار، أي ما يُعادل سنويًا نحو 27 مليونا و250 ألف دينار.. فهل تستطيع "الضمان" الكشف عن قيمة ما تصرفه تحت هذا البند، وأين يتم الاحتفاظ أو صرف ما تبقى من تلك المبالغ.
أموال الأردنيين في هذه المؤسسة، لا يعلمون هم أنفسهم عن مصيرها وإلى أين ستؤول، باستثناء ثلة من مسؤولي "الضمان".. وأتحدى هذه المؤسسة وأيًا من القائمين عليها، مهما علا أو صغر منصبه، أن يكشف أين تذهب هذه الأموال، وبمعنى أصح "خميرة" الأردنيين، الذين جلهم واصلوا الليل بالنهار، مقاتلين بكل ما أوتوا من قوة كي لا يعيشوا في خريف أعمارهم في عوز وحاجة.
مرة ثانية، نكرر، ألا تعلم المؤسسة ومن قبلها، الحكومة، بأن الظلم ظلمات، وعواقبه وخيمة!.