الطبيعة أصبحت آخر ضحايا الوباء

1
1

إنديا بوركي - (ذا نيو ستيتسمان) 29/6/2020
ترجمة: علاء الدين أبو زينة

حتى بينما ترددت أغاني العصافير أكثر صفاء من أي وقت مضى عبر شوارع العالم الهادئة هذا الربيع، كان هناك شك صحي حول فكرة أن الطبيعة في الواقع "تعود".
سرعان ما تغير الهدف من هاشتاغ "نحن الفيروس" #WeAreTheVirus، الذي أشّر في وقت مبكر من عمليات الإغلاق التي تسبب بها "كوفيد-19" على التعافي الظاهري للعالم الطبيعي. بدلاً من ذلك، أصبح المستخدمون يضيفونها إلى جانب صور تمت معالجتها أو التي لا معنى لها للتقليل بطريقة مرحة من شأن اتجاهات الشعار الخاصة المعادية للإنسانية والمفرطة في التبسيط: الديناصورات تعود إلى تايمز سكوير، والأبقار تعود إلى البحر.
كان هذا التحول مدفوعًا جزئيًا بالكشف عن أن العديد من الصور المنتشرة بطريقة فيروسية على وسائل التواصل الاجتماعي كانت مزيفة في الحقيقة -من الدلافين في مدينة البندقية، إلى الأفيال التي تسكر في مزارع الكروم الصينية. ولكنه كان متجذرًا أيضًا في الشعور بأن الوباء، بعيدًا عن إزالة التحديات البيئية، قد يجعل من الأصعب حلها في الحقيقة.
كما قال لي أحد مستخدمي "إنستغرام": "الرأسمالية هي الفيروس الذي يحتاج إلى التغيير، وليس البشر ككل".
والآن، بينما تشرع أجزاء من العالم في سحب نفسها من تحت ثقل الموجة الأولى من العدوى، يبدو الكثير من الشك الذي يحيط بشفاء الطبيعة الظاهري مبرراً.
ليس الأمر أن القطب الشمالي يحترق حرفيًا فحسب، بل ومن المرجح أن تعود الملوثات التي دمرت الغلاف الجوي قبل "كوفيد-19" بقوة وبنزعة انتقام بمجرد كبح انتشاره. ومن المتوقع أن يرتد الطلب على النفط عائداً إلى الارتفاع في العام 2021. وقد ضغطت شركات الطيران بنجاح من أجل تعديل أهدافها المناخية. وفي الصين، تجاوز تلوث الهواء مسبقاً، لفترة وجيزة، مستوياته لما قبل الفيروس. ووفقاً لرئيس وكالة الطاقة الدولية، فإن أمام العالم ستة أشهر فقط لدرء كارثة مناخية.
كما يعاني التنوع البيولوجي أيضًا. في البرازيل، ارتفعت نسبة إزالة الغابات خلال فترة الإغلاق، حيث اقترح وزير حكومي أنه يجب استخدام تشتيت الانتباه الذي يجلبه الوباء لزيادة رفع القيود واللوائح. وفي كينيا، كان هناك ارتفاع مقلق في الصيد الجائر وقتل الحيوانات من أجل العاج. وحتى داخل المملكة المتحدة، ربما نجت حيوانات الغرير خلال تقليل استخدام الطرق -لكن الفئران أكلت بيض الطيور بسبب عدم وجود العاملين في المحميات لحمايته.
كما يبدو أن العديد من الحكومات غير مجهزة حتى الآن لمواجهة هذا التحدي. وقد وجد تقرير جديد صادر عن اللجنة البريطانية المعنية بتغير المناخ، والذي يقيّم تقدم الحكومة البريطانية في اتجاه تحقيق أهدافها المناخية، أن الحكومة فشلت في 14 من أصل 21 مؤشرًا قطاعيًا للتقدم. وفي الولايات المتحدة والصين، لا يتجه الاندفاع لإنقاذ أكثر القطاعات تلويثًا إلى أي شيء يشبه التحفيز الأخضر بعد. وبينما يقول الاتحاد الأوروبي إنه وضع مكافحة تغير المناخ في صميم خططه للتعافي من "كوفيد-19"، فإن مقترحاته الحالية تبقي على مستويات الدعم الحالية للصناعات القذرة بلا تغيير.
قالت لي روزي روجرز، مديرة برنامج الانتعاش الأخضر في منظمة "السلام الأخضر" بالمملكة المتحدة: "ثمة عالم من الهواء النظيف والوظائف الخضراء الجيدة تنتظر هناك في المتناول. ولكن، ليس هناك ما يضمن أننا سنسلك هذا الطريق. بالنسبة لجميع الأصوات التي تدعم تعافياً أخضر، يمكن أن نشاهد أنفسنا أثناء محاولة الخروج من الإغلاق ونحن نعلُق أكثر في الأنظمة الملوثة. نحن نشهد بالفعل ارتدادًا سريعًا إلى انبعاثات الكربون لأن وسائل النقل العام ما تزال محظورة بينما يزداد استخدام السيارات الفردية".
ولكن، لا يجب أن تكون الأمور على هذا النحو. في تقرير لجنة التغير المناخي الذي صدر الأسبوع الماضي، حثت الهيئة المملكة المتحدة على "اغتنام الفرصة" لتحقيق "تعافٍ صديق للبيئة"، من خلال تمديد حظر السيارات وزيادة الدعم للبدائل العاملة بالكهرباء. وفي جميع أنحاء العالم، تتزايد الدعوات إلى إبرام صفقات جديدة خضراء؛ حيث تتعرض الحكومات لضغوط لخلق الأموال وإنفاقها على حد سواء، وكذلك لمعالجة ارتفاع البطالة. وقد قطعت كوريا الجنوبية بالفعل بعض الطريق في مواجهة التراجع.
يأمل علماء الحياة البرية أيضًا في استخدام البيانات التي تم جمعها أثناء عمليات الإغلاق لتحديد تأثير البشرية على الطبيعة بشكل أفضل. ومن بين جميع الاضطرابات المؤلمة التي أحدثها الوباء، ثمة جانب مشرق صغير يتعلق بزيادة الانخراط مع العالم الطبيعي -محليًا، من خلال الزيارات إلى المتنزهات، وعلى نطاق أوسع، من خلال الزيادة في أعداد الذين تحولوا إلى مشاهدة عروض البث المباشر للحياة البرية.
بطرق كهذه، ربما تجلب عمليات الإغلاق إلى الذهن كلمات الشاعر الويلزي وليام هنري ديفيز: "ما هذه الحياة إذا لم يكن لدينا، نحن المثقلين بالأعباء، وقت للوقوف والتحديق". ومع ذلك، في حين أن فيروس كورونا منح بعض الناس المزيد من الوقت للتوقف والتحديق وتقدير العالم الطبيعي، بكل إمكاناته المتنامية والمتجددة، فإنه سلط الضوء أيضًا على الحاجة التي تزداد إلحاحاً إلى إنقاذه.

اضافة اعلان

*نشر هذا المقال تحت عنوان: How nature became the pandemic’s latest victim