الطراونة و"الزمجرة" ورفض الاسترضاء

لا يمكن فهم تصريحات رئيس الوزراء فايز الطراونة للزميلة "الرأي" أمس، التي أكد فيها أن "تعديل قانون الانتخاب ليس استرضاء لأحد"، إلا من باب ضيقه الواضح بإعادة وضع قانون الانتخاب على مائدة التعديل، ليرتقي منتجه إلى مطالب صف عريض من القوى السياسية والشعبية، كانت رفضت ما خلصت إليه الحكومة ومجلس الأمة من قانون حرص على إعادة إنتاج الصوت الواحد.اضافة اعلان
حالة الضيق بالرأي الآخر من قبل الرئيس الطراونة كانت واضحة عندما قال "لن نعدل القانون (الانتخاب) لأن أحدهم زمجر هنا أو هناك (...)"، متناسيا أن حكومته أبدعت خلال عمرها القصير، الذي ناهز الثلاثة أشهر، في تحشيد الشارع ضد الإصلاحات السياسية التي تحققت سابقا، وكادت تنسف، بمساعدة جهود التيار المحافظ، كل الجهود الإصلاحية، بإنتاج أسوأ وصفة لقانون الانتخاب، في ربع الساعة الأخير لخريطة الإصلاح والربيع الاردني، ما هدد بتشكل جبهة مقاطعة واسعة للانتخابات المبكرة المقبلة، كان سيعيد البلاد إلى المربع الأول.
الاستدارة الجذرية التي أمر بها جلالة الملك يوم الخميس الماضي بشأن قانون الانتخاب أنقذت الموقف بلا شك، وأبعدت شبح تشكل جبهة المقاطعة الواسعة للانتخابات النيابية المبكرة، التي يراهن عليها في وضع أقدامنا كأردنيين على سكة قطف ثمار الإصلاح السياسي في موسم الربيع العربي والأردني.
لكن أيدينا ما تزال على قلوبنا؛ فالعقلية السياسية التي تصدر عنها مثل هذه التصريحات تجاه الرأي الآخر، تشير إلى أن معركة الوصول إلى قانون انتخاب يليق بالأردنيين في زمن الربيع العربي، وبتوقهم للإصلاح السياسي الحقيقي، ما يزال دونها معيقات وعقليات تشدنا إلى الوراء، وترفض الاعتراف بالتغييرات الكبيرة في ربيع العرب، الذي شبت فيه الشعوب عن الطوق، ولم تعد ترضى إلا بالحرية والكرامة والمشاركة الحقيقية في صناعة القرار.
أول المؤشرات المقلقة على وجود ممانعة قوية لدى البعض لتجاوزنا مربع أزمة قانون الانتخاب، بل أزمة الإصلاح الأساسية، هو ما صدر عن الحكومة والرئيس الطراونة من قصر توجيهات تعديل قانون الانتخاب في الدورة الاستثنائية المرتقبة على قضية القائمة الوطنية، باتجاه رفع حصتها بصورة متواضعة، لا تزيد عن عشرة مقاعد فقط، و"كفى الله المؤمنين شر القتال" فيما يتعلق بحصة الناخب في الدائرة المحلية، بحيث تبقى حصته صوتا واحدا!
لا نريد أن نتشاءم تجاه مصير قانون الانتخاب في محطة الدورة الاستثنائية القادمة، لكن المؤشرات، وللأسف، غير مشجعة، ما يستدعي، اليوم وقبل الغد، دفعة ضغط سياسية وشعبية، تذكر تيار المحافظين بأن ثمة استحقاقات إصلاحية يطالب بها الأردنيون، ولن يتنازلوا عنها.

[email protected]