الطراونة يكتب: وزير الزراعة.. غياب وقت الشدة

مكرم أحمد الطراونة

حجم الاستهتار في التعامل مع فوضى التنظيم وتحول الشارع المحاذي لسوق الخضار المركزي في عمان اليوم إلى سوق سوداء بلغت فيها الأسعار أرقاما غير مسبوقة، يكشف هشاشة الإجراءات الاستباقية التي اتخذتها الجهات المسؤولة، ما يعني أن هناك مسؤولين في الدولة ليسوا بحجم الحدث وأهميته وخطورته.

اضافة اعلان

لماذا على البلد أن تستفيق كل يوم على حادثة جديدة عنوانها الترهل وسوء التخطيط، وعدم أخذ احتياطات السلامة العامة في زمن الـ"كورونا"، فبعد "ثلاثاء الخبز" الذي نرجو من الله أن لا يعيد الدولة إلى نقطة الصفر، أطل علينا "خميس الخضار"، الذي اختلط به الحابل بالنابل وتاهت فيه البوصلة.

عمليات بيع بلا أي تنظيم، تكدس للناس واختلاط خطير، في ظل غياب أي دور رقابي من أي جهة، وتحديدا وزارة الزراعة وهي الطرف المسؤول عن السوق وكل ما يحدث فيه. وزير الزراعة غاب تماما عن المشهد بعد أن كان قد تباهى في وقت سابق بنقل مكتبه إلى داخل السوق.

مسؤولون، للأسف، يصرون على إضاعة جهد دولة كاملة في محاربة هذا الفيروس ومحاصرته تمهيدا للقضاء عليه، لأنهم فقط لا ينفذون ما هو مطلوب منهم، ويختفون وقت الشدائد.

ملايين الدنانير صرفت، وتعطلت الحياة بأنواعها كافة في المملكة، واقتصاد سيعاني الكثير مستقبلا جراء الأزمة التي نمر بها، وملايين الناس الذين حوصروا في منازلهم، لأن أولوية الدولة هي تحقيق الأمن الصحي أولا، وكل ذلك يذهب أدراج الرياح لأن شخصا ما لم يقم بواجبه، أو لأن منظومة العمل عنده غير مكتملة بعد وغير ناضجة.

البلد يمر في مرحلة تاريخية، والخطأ غير وارد أبدا، ولا يمكن تبريره، أو التقليل من نتائجه، ووزير الإعلام أكد، في إيجازه الصحفي أمس، أن نتائج "ثلاثاء الخبز" ستكون حتمية وسنشعر بها لاحقا، وهذا يعني أيضا أن نتائج "خميس الخضار" ستكون وخيمة على المجتمع إذا ما تناقل بها المواطنون والتجار الفيروس.

وعلى جانب آخر، فإن غياب الرقابة على الأسعار أدى إلى استغلال التجار لذلك، والمواطن هو من دفع ثمن استهتار المسؤولين في وزارة الصناعة والتجارة وغيابهم عن المشهد تماما، وضعف إجراءاتهم الرادعة؛ حيث اضطر الأردنيون لشراء احتياجاتهم من الخضار والفواكه بأسعار مضاعفة، من دون مراعاة لوضهم المالي المتردي نتيجة توقف أعمالهم جراء حظر التجول المفروض وفق قانون الدفاع.

هناك تأييد شعبي جارف للحكومة باتجاه محاسبة المواطنين المخالفين للتعليمات الرسمية، وإيمان مطلق بضرورة التشديد في الإجراءات لضمان سلامة المواطن، كون ذلك أولى خطوات تجاوز الأزمة، لكن يبدو أن الخطورة ليست من المواطن وحده، فهناك مسؤولون يتسببون بأضرار تفوق تلك التي يفرزها سلوك مواطن، هؤلاء أيضا يجب أن يحاسبوا، ويدركوا أنهم إن لم يكونوا على قدر المسؤولية فعليهم الجلوس بمنازلهم.

قلنا إننا لا نملك ترف الوقت، ولا يمكن تحمل أي هفوات، أو أخطاء، لأن ضريبة ذلك مكلفة جدا ولا نقوى على تحملها.