الطريقة الفلسطينية لإبادة إسرائيل

هآرتس

أمنون لورد

آن ابلبوم، التي تكتب مقالات رأي وتحليلات في "واشنطن بوست" هي احدى الخبيرات الكبيرات في التاريخ، في السياسة وفي الاستراتيجية الروسية. وفي مقالها الاخير حذرت من أن ما يراه الغرب اليوم امام ناظريه في اوكرانيا ليس أقل من اجتياح روسي. هذه حرب تتم بطريقة قتالية جديدة. وقد استخدمت الكلمة الروسية "مسكيروفكا". الحرب بالقناع.   اضافة اعلان
في نظرة إسرائيلية لا ينبغي لهذا ان يكون جديدا. في إسرائيل كان ينبغي لهم أن يعرفوا هذا منذ زمن بعيد. مثلما في مسكيروفكا الروسية لا توجد أهداف فورية للنصر، بل هذه طريقة لحرب متواصلة، هكذا بالضبط يخوض الفلسطينيون قتالهم.
قبل 15 سنة و10 سنوات كنا نعرف كيف نقول كل شيء عن الحرب غير المتماثلة. الجيش الإسرائيلي العظيم، المجهز والساحق، ضد الفلسطيني الضعيف مع الحجارة، بعد ذلك الكلاشينات وبعد ذلك الاحزمة الناسفة والسيارات المفخخة. قبل حرب الايام الستة وفي السنوات التالية قاتل الفلسطينيون بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية حسب نموذج فيتنام والجزائر. وكان أملهم أن يشعلوا النار وأن تقوم الجيوش العربية الكبيرة والمجهزة بتنفيذ اجتياح عسكري لهزم إسرائيل مثلما فعلت فيتنام الشمالية مع جيشها اذ انضمت إلى حرب الفيتكونغ وصفت جنوب فيتنام.
لقد نجحت هذه الطريقة بشكل محدود. لم تهزم إسرائيل ولكنها اصيبت بالصدمات التي رافقتها على مدى عشرات السنين كنتيجة للحروب الكبرى. ولكن الفلسطينيين وقيادتهم عملوا على مدى كل الطريق ولم يهجروا أساليبهم حتى اليوم، حسب عقيدة الحرب الشعبية، القتال السياسي. هدفهم: ابادة دولة إسرائيل. مرة اخرى، يهوشفاط هركابي بحث في المسألة كثيرا واخترع إلى جانب اصطلاح "الجينوسايد" (قتل الشعب) اصطلاح "البوليتيسايد" (ابادة الدولة).
وتتضمن الادوات استخدام منظمات الجبهة، تفعيل جهات داخلية في الدولة مهمتها اثارة الاضطراب في دولة إسرائيل، المجتمع بعمومه، والاقتصاد. ولا يتوقع الفلسطينيون جيشا
عربيا كبيرا ينضم الان إلى حرب عصاباته. ولكنهم لم يتخلوا ايضا عن الارهاب الفظ، وهم يفعلون ذلك بنجاح كبير: لدرجة ان حتى أصحاب الرأي داخل إسرائيل، وكذا دولة إسرائيل الرسمية، وبالاساس العالم، ينفون بشكل عام بانهم ينشغلون بالارهاب وزعيمهم غير المنتخب يعتبر معتدلا ويرفض تماما طريق الارهاب.
ولكن هل تعاني إسرائيل اقل من العمليات المسلحة منذ سيطر ابو مازن على السلطة الفلسطينية؟ بالتأكيد لا. هناك قاعدة صواريخ في جنوب إسرائيل عرضها هو قاطع بري لاكثر بقليل من عشرة كيلو مترات. ونحن نسمي هذا الان حماستان، ولكن هؤلاء لا يزالون فلسطينيين يطبقون طريقة الكفاح المسلح في ظل فرض الرعب على عدد كبير من السكان في ارجاء إسرائيل.
وفي هذه الاثناء، فان إسرائيل منقسمة داخل نفسها ومتهمة في العالم كمن بسببها انهارت المفاوضات للسلام. طريقة القتال السياسي للفلسطينيين يعتمد على القتال النفسي. واستخدام كلمة "السلام" نجح عمليا في إعماء النخبة الإسرائيلية. وهذه تقرأ صحيفتين وتتغذى ببحوث أكاديمية تتحكم بها ايديولوجيا معينة.
وهي في معظمها تتشكل من اناس لا يعرفون على الاطلاق عن استراتيجية الحرب التي تتحدث عنها آن ابلبوم. وهم لم يسمعوا عن أبي الدعاية وأساليب القتال السياسي للشيوعية، ويلي منسنبرغ. فهم يعيشون في عالم من المفاهيم العدمية، في داخلها توجد دولة احتلال، مصابة بالشر، مثلما تعلمهم البروفيسورة آفا ايلوز. ويوجد شعب صغير وخاضع للاحتلال يريد أن يتحرر.
يكفي أن نقارن الاصطلاحات التي توجه خطى قادة الدولة في بداية طريق المسيرة السياسية مع الفلسطينيين والمفاهيم التي توجه خطاهم اليوم كي نفهم أي تقدم حققه الفلسطينيون في أهدافهم. وهذه هي انجازات الحرب بالقناع، سواء أسميناها "مفاوضات السلام" او "منظمات السلام" او "معسكر السلام" او القبول في مؤسسات الأمم المتحدة والمواثيق الدولية.