الطريق إلى العبدلي مزدحم

استقر العدد النهائي للمرشحين المتنافسين للفوز على مقعد في مجلس النواب السابع عشر الذي ستجرى انتخاباته في الثالث والعشرين من الشهر المقبل على 1528 مرشحا، من بينهم 203 سيدات.اضافة اعلان
العدد كبير ومشجع، ويمنح مؤشرا إيجابيا على نسبة التصويت المتوقعة يوم الاقتراع، ويعطي طمأنينة بأن النسبة لن تكون ضعيفة.
الواضح أن الطريق للعبدلي مزدحم بمتنافسين كثر، ما أربك الصورة لدى المواطن العادي، وخاصة أن ما يقرب من 829 منهم ذهبوا للقوائم الوطنية التي بلغ عددها 61 قائمة، ما ألقى بظلال قاتمة على فكرة القائمة الوطنية، وجعل التجربة بحد ذاتها موضع قلق وارتباك، بانتظار ما سيفرزه "سامر" القوائم الوطنية من كتل وأسماء في البرلمان المقبل، وبعد ذلك قياس مدى الاستفادة من التجربة وطريقة تجذيرها وتوسيعها.
قد ينخفض عدد المرشحين خلال الأيام المقبلة بحوالي 100 مرشح، بفعل الانسحابات هنا أو هناك، وهذا لا يؤثر على المجموع العام لعدد المرشحين، والمؤمل أيضا أن لا يؤثر عل  النسبة العامة  للمقترعين أيضا.
القصة ليست في عدد المرشحين أو نسبة الاقتراع، إذ قد يذهب البعض لصندوق الاقتراع بفعل تحفيز من هذا المرشح أو ذاك، أو بفعل المخاجلة أو "المونة"، كما درجت العادة، ولكن ما يقلق أكثر هو قدرة المجلس المقبل على وضع البلاد والعباد على سكة الإصلاح الحقيقي، ومدى محاكاة الشعارات المرفوعة في شوارع عمان والمحافظات الأخرى لهموم الناس.
في المرحلة الحالية المواطن لا يحتاج لشعارات تزول ثاني أيام الاقتراع، ولكننا بحاجة لشعارات يعمل بموجبها المرشح تحت قبة البرلمان في العبدلي بمقدار بقاء المجلس واستمراره.
في الحقيقة ما كان يحدث خلال الفترة الماضية هو انفصال النائب، بعد فوزه، عن محيطه، وعن هموم وواقع منطقته، وذهابه للبحث عن واسطة هنا، ومحسوبية هناك، أو وظيفة درجة رابعة في مؤسسة حكومية أو شبه حكومية.
في الأصل ذالك يجب أن لا يكون من صلب عمل النائب، ولكنه عندما بات عمل نواب في مجالس نيابية سابقة، تراجع منسوب الثقة العام بالمؤسسة التشريعية، وأصبحت تتعرض للكثير من النقد والتجريح، والاستقواء من قبل مؤسسات أخرى أحيانا.
المرحلة لا تحتاج لشعارات براقة، أو اعتماد على المال، ولا اعتماد على الثقل العشائري فقط، وإنما نحن بحاجة لنواب مشرعين حقيقيين لهم القدرة الكاملة على قراءة النصوص القانونية المعروضة عليهم، وإعطاء رأيهم دون هواجس من هنا أو هناك، وبحاجة لنواب عندهم كامل الثقة أن باستطاعتهم مراقبة أداء الحكومات، ويؤمنون حقا بقدرة مجلس النواب على سحب الثقة من الحكومات إن حادت عن برنامجها الذي منحت الثقة على  أساسه.
المرحلة تحتاح لإعادة الثقة بالمؤسسة التشريعية من خلال شخصيات وازنة، وعندها المكنة بأن تستوعب المرحلة المقبلة من الإصلاح.
 إن شديد خوفنا من أن تكون المرحلة المقبلة بخلاف ما نتمنى، وبأننا حرقنا المراحل دون أن نهيئ للأردنيين ونعيد إليهم الثقة بالمؤسسة البرلمانية، وبالتالي نعيد استنساخ تجارب ماضية لا نريد لها أن تعود تحت أي ظرف من الظروف.
طريق العبدلي حيث قبة البرلمان مزدحم بمرشحين، ولكني لا أرى منهم سوى قلة يتحدثون بوضوح عن هموم الوطن، وطريق الإصلاح. وبخلاف أولئك النفر اليسير، فإن البعض لا يعتمد إلا على ماله، أو جاهه أو ثقله العشائري، وهذا لا نريده لتجربتنا البرلمانية المقبلة التي نبني عليها الكثير.

[email protected]