الطريق القصير إلى الجنة!

الحمد لله أنني نجوتُ في الوقت الأصليِّ من الحياة، من الدخول الحتميِّ إلى جهنم، رغم أنني فعلتُ أشياء "يندى لها" الجبين، واقترفتُ آثاماً كبيرة في مراهقتي المتأخِّرة، وأخرى صغيرة في نضجي المبكِّر، يكفلُ لي حاصل مجموعها، ألاَّ أدخل الجنة أبداً، ولو متُّ شهيداً على "يوتيوب"، ومظلوماً على فراش الزوجية، وعاشقاً عفيفاً من بني عذرة، ويتيماً أكل زوج أمه طعامه الذي يكفي لأربعة أشقاء!اضافة اعلان
أتكلَّمُ الآنَ بثقةٍ مفرطةٍ، رغم أنَّني لم أفعل خيراً في السرِّ، ولم أجهر في العلن، إلاَّ بما يتفاخر فيه الفتيانُ اليافعون في "سنِّ اليسار الطفولي"، ولم أبدِ بعد استجابةً فورية أو متلكئة لإلحاح أمي المؤمنة، المستعجلة على هدايتي، و"ما اعتذرتُ عما فعلت"، مشيتُ "بأثر غواية الفراشات"، وما أعلنتُ التوبة بعد "عُمْرَةِ الخمسين"، التي تقومُ بها ممثلات الصف الأول في مصر. ما زلتُ أمارسُ الأخطاء بغرورٍ، وأصرُّ على مزاولة الطيش الذي له طعم النار!
لكنني لستُ عاصياً مَعاذ الله، ولا ينطبقُ عليّ أي وصفٍ من أوصاف الجاهلية المؤذية، إنَّني بشرٌ قد أكون في يوم ما من "خير الخطائين"، أحبُّ الحياة "لأنَّني استطعتُ إليها سبيلاً"، وفعلتُ عن جهل متعمَّد "الأخطاء اللذيذة"، والضروريَّةِ لاحتمال "العيش النكد"، كنتُ في لحظات مجنونة، شريراً مع جارتنا الطيِّبة، وفي لحظات العقل أبرِّرُ ما فعلته بتواطؤ معلن مع الشيطان، وأقول كما يقولُ محامي إبليس أيضاً:" أطلب البراءة لموكلي، والأمر لله ولكم من قبل ومن بعد"!
والحمد لله أنني نجوت، رغم أنني لم أذهب إلى الحرب للدفاع عن الوطن، فأموتُ "شهيداً"، وتغتفر ذنوبي السابقة،  وكنتُ في كثير من الليالي أفضلُ النومَ ظالماً لزوجتي، من دون أنْ أكترث لمدى قوة دعائها على مساري في الآخرة، كنتُ كائناً طبيعياً، أو هكذا اعتقدتُ لزمن طويل اقترفتُ فيه الذنوب، ومحوتُها، وزدتُ من عُمْر الساعة الخاصة لقلبي، وعدتُ إلى الصراط، لأستقيم عندما أبالغ في الانحراف، ثمَّ عدتُ إلى الضلال؛ هكذا كنتُ أجسد الحكمة المبتورة السياق: "عشتُ لأعيش"!
وعشتُ حتى ظنتُ أنني ذاهبٌ إلى النار لا محالة، لو مِتُّ في حادث سير مشترك في الرابعة والثلاثين من عمر قصير كالشعور بالذنب، أو تناولتُ طعاماً مكشوفاً يفسدُ قبل الودِّ الذي بين الناس، أو بالغتُ في حبِّ البنت الشريرة لجارتنا الطيبة، لكنَّ طالباً نبيهاً اسمه صعب النطق في مقطعه الثاني، "مارك جوكربيرج"، ابتكر غرفة افتراضية واسعة لكلِّ إنسان واقعي، سيكون اسمها "فيسبوك"، فأنشأتُ واحدة كما فعل أغلب الناس، زادت من فرص دخولي الحتميِّ إلى جهنم، ففعلتُ من الذمم السيئة "سبعة كاملة"، لولا اختراع أكثر دهشة في تلك الغرفة، يتمثل في إشارة Like، التي إن وضعتُها على حبة بطاطا مكتوب عليها لفظ الجلالة، ذهبتُ إلى الجنَّةِ مع ألفي شخص في الدقيقة، على ذمة "Admin" الصفحة الوَرِعَةِ!

[email protected]