الطفيلة: 7 آلاف حفرة امتصاصية تلوث تربة وأجواء المحافظة

فيصل القطامين

الطفيلة – تفتقر أغلب مناطق محافظة الطفيلة لخدمة الصرف الصحي، بما يحرم سكانها من تلك الخدمة الصحية المهمة، ما يساعد على انتشار استخدام الحفر الامتصاصية، التي تعتبر بديلا تقليديا سلبيا يتسبب بمعاناة دائمة لهم. اضافة اعلان
ولا تزيد نسبة تغطية خدمة الصرف الصحي في كافة المحافظة على 25 % ، ما يجعل مطالب السكان ملحة حيال إيجادها، لاسيما مع تراجع الوضع البيئي بشكل عام، بعدم تزايد عدد الحفر الامتصاصية لأكثر من 7 آلاف حفرة تنشر بين التجمعات السكانية وفي المناطق الزراعية.
ويرى مهتمون بالشأن البيئي، أن انتشار الحفر الامتصاصية في مناطق التجمعات السكانية وبين الأراضي الزراعية يعتبر مشكلة بيئية أصبحت تهدد الوضع البيئي بشكل عام، لما تسببه من تلوث للتربة الزراعية وحتى بين المساكن التي أصبحت متلاصقة .
وقالوا إن كل منزل يتم إقامته لا بد من إيجاد حفرة امتصاصية تابعة له للتخلص من المياه العادمة الناجمة عن الاستخدام اليومي للمياه، بما يعني مزيدا من الحفر الامتصاصية، فيما لا توجد مشاريع لشبكات للصرف الصحي منذ سنوات طويلة .
ويشير مواطنون إلى معاناتهم المستمرة مع نظام الحفر الامتصاصية التقليدي، الذي يعتبر الأسلوب الوحيد والسيئ للتخلص من المياه العادمة، وبما يتبع ذلك عملية نضح تلك الحفر في حال امتلائها، والتي قد تؤجل لأشهر بسبب ارتفاع أجور صهاريج النضح، التي تصل إلى أكثر من 30 دينارا للحمولة الواحدة.
ويؤكد المواطن أنس محمد، أن منزله المقام في منطقة تتميز تربتها بكونها تربة طينية لا تمتص المياه بشكل جيد، احتاج حتى الآن لإنشاء حفرتين، بسب الانهيار الذي وقع للأولى بما اضطره إلى تحمل كلفة كبيرة تجاوزت ألفي دينار لكل منهما.
وبين محمد، أن عملية نضح تلك الحفر مكلفة أيضا، حيث تتطلب عملية النضح في كل مرة نحو 30 دينارا، بما يحمله أعباء مالية كبيرة شهريا، لاسيما مع حاجة الحفرة احيانا للنضح مرتين شهريا.
ودعا إلى إيجاد شبكات للصرف الصحي في مناطق محرومة منها كمناطق عين البيضاء وبصيرا والقادسية التي تشكل أكثر من ثلثي مساحة المحافظة وبانتشار سكاني يقارب هذه النسبة.
وقال المواطن عادل الخوالدة من بلدة القادسية، إن منطقته محرومة من خدمة الصرف الصحي التي لا تشكل ترفا خدميا، بل تعتبر خدمة صحية أساسية مهمة، بسبب ما ينجم عن الحفر الامتصاصية من آثار سلبية نتيجة مساهمتها في تلوث البيئة بشكل عام، وتأثيرها على التربة الزراعية والتجمعات السكانية عند فيضانها المتكرر نتيجة عدم قدرة المواطنين على متابعة عملية نضحها بشكل مستمر، بعدما ارتفعت أجور صهاريج النضح لأكثر من 35 دينارا لكل حمولة.
وأشار الخوالدة، إلى أن لواء بصيرا بالكامل حرم من خدمة الصرف الصحي، ما دفع السكان إلى إنشاء حفر امتصاصية باتت أعدادها في تزايد، فيما تلك الحفر أصبحت كلفة إنشائها مرتفعة وتتجاوز الألفي دينار مع ما يعانيه السكان من أوضاع معيشية صعبة.
ولفت المواطن محمد الرفوع إلى خطورة الوضع البيئي في مناطق في الطفيلة حرمت من إيجاد شبكات للصرف الصحي، وتشكل نسبة كبيرة من المساحة الكلية للمحافظة، حيث تنتشر تلك الحفر على نطاق واسع، ويؤثر فيضانها المستمر تأثيرا واضحا على البيئة أو الصحة العامة بشكل عام، لعدم قدرة أصحابها على مداومة التخلص من المياه العادمة منها لارتفاع أجور صهاريج النضج.
ولفت مدير مديرية البيئة في الطفيلة المهندس هشام الخلفات، إلى ان هناك تأثيرات سلبية عديدة تتسبب بها الحفر الامتصاصية على البيئة بشكل عام، حيث تسهم في تغيرات خطيرة في التربة التي تمتصها، وتحولها الى تربة مشبعة بالمواد السامة العضوية، فيما ينجم عن تحللها في التربة غاز الميثان الذي يلوث الهواء.
وبين الخلفات، أن مواد عضوية تتكون منها المياه العادمة يمكن ان تتسرب في التربة وتعمل على جفافها نتيجة بعض الانبعاثات السامة، وتحول لونها العادي مشكلة كتلا جديدة من التربة غير قابلة لنمو النباتات فيها، عدا عن عملية اختناق الأشجار والنبتات نتيجة استيعابها لكميات كبير من المياه الملوثة، مشيرا الى انه يحدد ذلك نسبة وكمية التدفق المائي من تلك الحفر والتي لا يهتم أصحابها كثيرا بالتخلص من محتوياتها من مياه عادمة.
وأضاف أن النباتات التي تتعرض لتلك المياه أو تسقى منها تتعرض للجفاف، بسبب المواد العضوية المتنوعة والتي تضر بشكل واضح في الغطاء النباتي وتجعل منه أشجارا جافة، خاصة في حال اختلاط المكونات بمواد التنظيف الكمياوية التي تتحول لمواد سامة تضر كثيرا بالتربة، وما ينجم عنها عند تعرضها لأشعة الشمس وارتفاع درجات حرارتها لتنبعث مها غازات لها أضرار على الهواء بشكل عام وتشكل مصدر تلوث دائم.
من جانبه قال مدير مياه الطفيلة المهندس مصطفى زنون، إن خدمة الصرف الصحي في الطفيلة ضرورية وذات أهمية كبيرة، خاصة بعد تزايد التجمعات السكانية والعمرانية، والتي تتطلب إيجاد نظام صحي للتخلص من المياه العادمة.
وبين زنون أن نسبة تغطية شبكات الصرف الصحي تبلغ على مستوى المحافظة نحو 25 %، بينما تصل إلى نحو 70 % على مستوى مدينتي الطفيلة والعيص التي تشكل تجمعات سكانية كبيرة.
وأشار إلى وجود دراسات مستقبلية وضعت من اجل توسعة نسبة الشمول بخدمة الصرف الصحي، في مناطق عين البيضاء وبصيرا والقادسية، حيث تفتقر تلك المناطق لمثل هذه الخدمة الصحية المهمة، بيد أن المشكلة تتمثل في التمويل لإقامة مثل هذا المشروع الضخم، الذي يتطلب عشرات الملايين من الدنانير، بانتظار تمويل إقامته سواء من منح خارجية أو من خلال الموازنة العامة.