"الطلاق".. وزر يحمله المجتمع عادة للمرأة

20190708T135715-1562583435057577900
20190708T135715-1562583435057577900

رانيا الصرايرة

عمان- فيما يحمّل المجتمع، عادة، المرأة وزر الطلاق وتبعاته، تشير أرقام دائرة قاضي القضاة إلى أن العام الماضي قد شهد 20279 حالة طلاق رضائي تراكمي، أي بحضور وموافقة الزوج والزوجة، مقابل 4445 حالة طلاق قضائي، أي ما نسبته 18 % تقريبًا من مجمل حالات الطلاق.اضافة اعلان
وبالرغم من أن نوعي الطلاقين، الرضائي والقضائي، قد يكونان بطلب من الزوجة، وموافقة الزوج، أو بإقدام الزوج، وهو صاحب الإرادة المنفردة بايقاع الطلاق، إلا أن نقاشا يدور عادة في أوساط المنظمات النسوية يسلط الضوء على أن الطلاق الرضائي يكون بإرادة الزوج وحده، حتى وإن حضرت الزوجة؛ كون الزوج هو من يوقع الطلاق، وعادة ما تحتفظ المرأة بحقوقها من مهر مؤجل وغيره.
وبالنسبة للطلاق القضائي، ورغم أن أرقام دائرة قاضي القضاة لم تحدد من الذي رفع قضية الطلاق، هل هي الزوجة أم الزوج، إلا أنها تشير إلى أن العام الماضي شهد 4690 قضية تفريق تم الفصل فيها، منها 3941 بسبب النزاع والشقاق، أي بنسبة 88.7 % من مجمل قضايا التفريق، و335 بسبب الغيبة والضرر، و35 بسبب الهجر، و6 بسبب الإعسار عن دفع النفقة، و54 بسبب السجن، و14 بسبب الجنون، و56 بسبب الإعسار عن دفع المهر قبل الدخول، وقضيتان بسبب العنة، وقضيتان بسبب الأمراض المنفرة.
وعند تحليل هذه الأرقام؛ يتبين بأن أغلبها لقضايا النزاع والشقاق الذي عادة ما تلجأ إليه النساء، دون الرجال الذين يستطيعون الذهاب الى خيار الطلاق؛ كونه خيارا متاحا لهم.
الدكتور أشرف العمري، مستشار قاضي القضاة، قال لـ"الغد" إن دائرة قاضي القضاة؛ لا تستطيع تحديد من المسؤول عن الطلاق الرضائي ومن الذي رغب به، سواء المرأة أو الرجل، مضيفًا أن هذا النوع من الطلاق، له ثلاثة أشكال، أوله الطلاق الذي يقع في محاكم التوفيقات بتوافق الطرفين وبحضورهما، ولا يصرحان عادة من الذي رغب في الطلاق، وبذلك لا يمكن تحديد من الذي رغب بالطلاق، او من الممكن ان تكون رغبة الطرفين.
في حين يتم شكل آخر من الطلاق يقع في مكتب الإصلاح الأسري، ويكون رضائيا أيضا، وهناك الطلاق الرجعي أو الغيابي الذي يكون بإرادة الزوج وحده، ودون حضور الزوجة، حسب العمري الذي أكد أن هذا النوع "حالاته قليلة جدا لا تصل إلى 500 حالة سنويًا".
وفيما يخص الطلاق القضائي؛ بين العمري أنه من المتعارف عليه، ان يكون برغبة المرأة، كونها لا تستطيع تطليق نفسها دون اللجوء لهذا الخيار في حال عدم موافقة الزوج، لكنه أكد ان بعض الأزواج ، وهي حالات قليلة، يلجأون الى الطلاق القضائي، لاثبات الضرر الواقع عليه من الزواج، وبذلك يعفى من نسبة من المهر تعادل نسبة الضرر والإساءة التي رتبت عليه نتيجة النزاع، وأيضا قد يلجأ إليه الأزواج لتجنب الضغط المجتمعي الذي قد يقع عليهم بتحميلهم مسؤولية انهيار هذا الزواج.
بالنسبة للتفريق القضائي، يظهر العمري أن قانون الأحوال الشخصية أعطى مساحة واسعة وخيارات متعددة، يمكن أن تلجأ إليها المرأة لطلب الطلاق قضائيا، بينما حصر الطلاق للزوج بحالات ضيقة، أشهرها التفريق للشقاق والنزاع، لذلك فإن أغلب الحالات الواردة تكون بطلب من الزوجة.
من جهته، أوضح مدير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" منير ادعيبس أن الطلاق القضائي "عادة يختلف عن الطلاق العادي، الذي يقع باختيار الزوج وإرادته، لكنه يحتاج بالنهاية إلى حكم قضائي، بحيث تنتهي الرابطة الزوجية بطلب من الزوجة جبرًا على الزوج".
وقال إنه عند تحليل الأرقام الصادرة عن دائرة قاضي القضاة فإنه يتبين "أن الزوج عادة يكون هو المسؤول عن الطلاق، لكن على ارض الواقع، ومجتمعيا تحمل المرأة وزر وتبعات الطلاق السلبية، برغم ان الرجل هو من بيده قرار التطليق".
ولفت ادعيبس الى نقطة اعتبرها غاية في الأهمية؛ تتمثل في المصاعب التي تواجهها النساء بعد طلاقهن، بخاصة اذا كن في سن فوق الأربعين عاما، مبينا ان بيانا صدر عن "تضامن" مؤخرا بين أن العام الماضي شهد تسجيل 2379 حالة طلاق رضائي لزوجات أعمارهن فوق الـ40 عامًا، تشكل ما نسبته 11.7 % من مجموع حالات الطلاق التراكمي المسجلة في المحاكم الشرعية، لتشكل بذلك ارتفاعاً نسبته 15 % مقارنة بالعام 2017، حيث سجلت المحاكم وقتها طلاق 2066 امرأة، ما ينعكس سلباً على حياتهن وحياة أولادهن، مع تقدمهن بالعمر.
وتشير "تضامن" الى أن ارتفاع حالات الطلاق للنساء فوق الـ40 عاما، يؤثر مباشرة على مستقبلهن، فتضطر عاملات منهن لترك العمل للعناية بالأطفال قبل إكمال متطلبات الحصول على راتب تقاعدي، ويحصلن على تعويض الدفعة الواحدة، ومنهن من تبحث عن عمل لعدم كفاية النفقة التي تحكم بها المحاكم الشرعية وصعوبة تحصيلها، وهو ما يبرر بشكل أو بآخر ارتفاع نسبة النساء اللاتي يرأسن أسرهن، وازدياد الفقر بينهن، بسبب عدم تقاسم الأموال المشتركة والحرمان من الميراث.
وقال ادعيبس "إن طلاق النساء في هذا العمر؛ وقد يكون العديد منهن كبيرات في السن (+60 عاماً) يجعلهن في وضع اقتصادي واجتماعي وصحي صعب، وهنالك دلائل على ارتفاع نسبة إصابة النساء بالأمراض المزمنة، مقارنة بالرجال، خاصة بعض الفئات منهن كالمطلقات والأرامل والأميات، وهو مؤشر قوي على مدى ترابط تمكين النساء تعليمياً واقتصادياً وصحياً، وخفض نسب انتشار الأمراض المزمنة بينهن".
بدورها، تؤكد الناشطة في مجال حقوق المرأة المحامية هالة عاهد أنه بالرغم من أن المرأة عادة ما تكون الطرف الأضعف في معادلة الطلاق، وقد يقع دون موافقتها او حتى حضورها في المحكمة، لكن المجتمع عادة ما يوجه لها أصابع الاتهام، بأنها قوضت أسرتها، وهذا النوع من اللوم عادة ما ينجو منه الرجل.
وفي حالة الطلاق، بإرادة الرجل، تؤكد عاهد ان ما يحدث حاليا هو ان الرجل الذي يريد تطليق زوجته يراجع القاضي، الذي يحيلهما للاصلاح الاسري، فإذا تعذر الاصلاح، يقرر القاضي قبول ايقاع الطلاق بعد تحديد سائر حقوق الزوجة والنفقة لها ولابنائها وللحضانة.
وبينت أن القانون منح الرجل الحق بتطليق زوجته بارادته المنفردة، غيابا او شفاها او في المحكمة، وكثيرا ما تفاجأ نساء بعد مدة بانهن مطلقات دون علمهن، او يضطررن لمراجعة المحكمة لاثبات وقوع الطلاق ومتابعة سائر حقوقها الاخرى كالنفقة ونفقة اولادها، والحضانة والتعويض عن الطلاق التعسفي الذي لا يتناسب مع طول مدة الزواج.
وتشير ارقام دائرة قاضي القضاة الى انخفاض متوسط الحكم بالنفقة للزوجة الى 75.5 دينار عام 2017؛ بينما كان 78.3 دينار عام 2016، وارتفع متوسط نفقة الأولاد الى 68.9 دينار عام 2017، بينما كان 52.5 دينار عام 2016، وارتفع متوسط نفقة الآباء والأمهات الى 58.9 دينار خلال عام 2017؛ فيما كان 56.4 دينار عام 2016.
وفي التفريق للغيبة والضرر، تؤكد عاهد بأن العرض مجرد اثبات للغيبة كاف، لايقاع التفريق دون الحاجة لأعذاره، وفي حالة التفريق بسبب العقم، دعت عاهد إلى أن لا يتم الانتظار لخمسة أعوام، ما دام تم الإثبات بتقارير طبية حالة العقم.