الطوابق الناقصة في مبنى القوة

هآرتس بقلم: عاموس هرئيل 24/9/2021 حتى الآن، الجيش الإسرائيلي يجد صعوبة طوال سنين في تخطيط مبنى قوته للمدى البعيد. جزء كبير من المخططات صيغت كاستجابة فورية للمشاكل الملتهبة. درجة انخراط المستوى السياسي في قرارات رؤساء الأركان ضعيفة. على الأغلب يبدو أن الخطط، سواء التشغيلية أو خطط بناء القوة، غامضة جدا وتعتمد على توقعات مفرطة في التفاؤل للاستخبارات العسكرية وتضخم قوة التقنيات الحديثة في تغيير الواقع في ساحة المعركة. في حالة "تنوفاه" فإن نجاحها لفترة طويلة يرتبط بدرجة كبيرة بقدرة الجيش الإسرائيلي على مواجهة توجهات مقلقة استمرت لسنوات كثيرة، التي تميل القيادة العليا بشكل ثابت للتقليل من شأنها. هذه التوجهات مرتبطة ببعضها بعضا، وهي مكانة الجيش البري ونوعية القوة البشرية في صفوفه. بنظرة الى الوراء يبدو أنه يمكن تشخيص جذور الأزمة من العام 1973. في تلك الحرب كانت لدى الجيش الإسرائيلي القوة القيادية المهنية والأكثر تجربة في تاريخه، والتي راكمت تجربة قتالية كبيرة في حرب الأيام الستة وفي حرب الاستنزاف. ولكن الفشلين الاستخباري والسياسي، مكنا من القيام بالهجوم المفاجئ، المصري والسوري، في يوم الغفران، وأديا الى فقدان جيل كامل من قادة ميدان متميزين (الذين رغم شروط البداية الصعبة نجحوا في تحويل صورة المعركة قبل انتهاء الحرب). هذه كانت ضربة لم يستيقظ منها حتى الآن تماما الجيش الإسرائيلي. بعد الحرب وبتأثير الصدمة فإن حجم الجيش البري تقريبا تضاعف. إحدى النتائج إزاء الصفوف الناقصة كانت خفض المعايير والتساهل مع مستوى القادة. أيضا العيوب الشديدة التي كشفت في حرب لبنان الأولى، التي اندلعت في 1982، تأثرت من هذه الخطوات. الإنجازات المحدودة في لبنان والخلافات السياسية الحادة بشأن عدالة الحرب ردعت الكثير من الجنود المتميزين في الثمانينيات عن التطوع للقيادة والخدمة الدائمة. "مع وجود عدد كبير من الوظائف المطلوب إشغالها وقدر أقل من النوعية، أنت تضمن مستوى متوسط"، قال ضابط كبير عمل في مجال القوة البشرية. "المستوى المتوسط هو مرض خبيث. هذه إجراءات أثرت لـ30-40 سنة مقبلة، حتى عندما ننظر الى تركيبة هيئة الأركان الآن". في هيئة الأركان العامة عادوا في السنة الأخيرة الى مراجعة كتاب "أزمة في القيادة" الذي يصف التداعيات الخطيرة لحرب فيتنام على الجيش الأميركي. الأزمة هناك لا يتم وصفها عبر الخلاف السياسي، بل يركز على غياب التكتل في المستوى المقاتل، على مستوى الفصيل والحظيرة. عندما لا يكون هناك تكتل والقادة غير جيدين بما فيه الكفاية فإن الجدال في المجتمع يؤثر بدرجة أكبر. الى حد ما هذا ما حدث في تلك السنوات أيضا في الجيش الإسرائيلي. فقط مؤخرا، في محادثات مع قادة يمكن سماع اعتراف معين بما فكرت فيه طوال سنوات. ولكن على الأغلب تم نفيه رسميا. الجيش الإسرائيلي، لا سيما الجيش البري، يجد صعوبة في أن يبقي في صفوفه الكثير من الضباط المتميزين. هؤلاء يتركون من أجل حياة مهنية مدنية، بعد وظيفة قائد فصيل أو حتى قبلها. السلسلة واضحة: قائد كتيبة متميز سيقنع بسهولة أكبر ضابط شاب بالسير في أعقابه، قائد متوسط سيقنع ضباطا متوسطين. فجوة النوعية يتم الشعور فيها أيضا في قمة القيادة. منذ سنوات هناك في هيئة الأركان العامة انحياز نوعي وكمي واضح لصالح الطيارين وأعضاء الوحدات الخاصة والمظليين على حساب ألوية سلاح المشاة الأخرى وأسلحة أكثر رمادية مثل المدرعات والمدفعية. تدني النوعية يظهر أيضا في المستويات الوسطى. وبالتالي فإن عتبة القبول للحصول على درجة نفسية في كلية القيادة التكتيكية (التي تدرب الضباط الشباب حول درجة قائد فصيل) أقل بكثير من معظم المؤسسات الأكاديمية. في جزء منها هذا نتيجة طريقة التصنيف، التي طوال سنوات تعطي أفضلية كبيرة لسلاح الجو والاستخبارات والوحدات التكنولوجية. هذه الوحدات تحصل تقريبا على احتكار نوعي، والاستخبارات العسكرية تجند أيضا جنودا يمكنهم في ظروف أخرى أن يخدموا كقادة متميزين في المنظومة القتالية. توجد مشكلة أيضا في "سلسلة الغذاء" داخل سلاح البر نفسه. في كل يوم من أيام التصنيف يأتي الى الدوريات آلاف الشباب قبل التجند، الذين فقط قلة متميزة منهم يتم توجيههم الى وحدات النخبة مثل دورية هيئة الأركان ووحدة "شلداغ". والوحدات الخاصة وألوية الكوماندو والمظليين يحصلون على ما تبقى من المتميزين. هكذا فإن قادة قواعد المستجدين في جفعاتي أو في غولاني يتلقون مستجدين كثيرين سبق وتسربوا من ثلاثة أو أربعة تكتلات سابقة. ضباط التسوية في السنوات الثلاثين الأخيرة، كان قادة قسم القوة البشرية في هيئة الأركان، بالأساس، طيارين ومساعدي قادة لشؤون التنظيم. ربما ليس من المستغرب أن سلاح البر خسر في كل صراعات القوة الداخلية التي أدارها. "مساعدو القادة وضعوا طوال سنوات السياسة دون معرفة السياق الواسع لتنظيم عسكري واستراتيجيته"، قال مصدر عسكري للصحيفة، "سلاح البر واجه في السنوات الأخيرة عددا كبيرا من الأزمات القطاعية: النساء، الأصوليون، خدمة الاحتياط، شروط الخدمة ورواتب جنود الخدمة الإلزامية. ولكن لا أحد يقول إن الأمور قد تغيرت من الأساس أو يفكر في إيجاد نموذج بديل، من خلال تكييف مع النموذج الأصلي الذي وضعه دافيد بن غوريون في 1948". فكرة جيش الشعب، لا سيما في أسلحة البر، تستند الى قيادة نوعية نمت من بين صفوفها، من جنود الى جنرالات. في القاعدة هناك كتلة كبيرة من داخلها تتم ترقية النواة النوعية الى الأمام، حيث إن سلاح البر يمكنه أن يوفر عمودا فقريا قويا بما فيه الكفاية من أجل أن يجر عليه كل الجيش الإسرائيلي. ولكن في الحقيقة، عدد كبير من الجنود الذين لهم مؤهلات عالية ينزلق نحو أسلحة أخرى ووحدات أخرى. وعندما يأتي الوقت لإرسال أشخاص مرشحين ليصبحوا ضباطا الى مدرسة التدريب فإن الوحدات تضطر الى التساهل في جزء من الحالات وقبول أشخاص ذوي بيانات غير كافية. النتائج يمكن العثور عليها أحيانا في العمليات البرية المحدودة التي يواصل الجيش الإسرائيلي تنفيذها في لبنان (في 2006) وفي قطاع غزة (أربع مرات من 2008 وحتى الآن). عندما نعود الى الوراء لفحص أخطاء تكتيكية، التي أثرت أحيانا على صورة الحرب والطريقة التي استقبلت فيها لدى الجمهور، نشخص أنه في عدد من الحالات، يدور الحديث عن قادة حظائر وقادة فصائل لم يكونوا مناسبين تماما لوظائفهم، لكن تمت ترقيتهم بسبب النقص في الضباط الأفضل. مشكلة إنفاذ هكذا تولدت لدينا حلقة مفرغة. جودة قيادة متوسطة تقود الى المزيد من الأخطاء والمصابين في التدريبات وفي القتال. إنجازات قليلة تؤثر أيضا على العقيدة وبناء القوة. وفي المستوى العملي هي تحذر المستوى السياسي من استخدام واسع للقوة البرية أثناء الحرب. بدوره، غياب استخدام هذه الوحدات يقلص رغبة الجنود الجيدين في التجند فيها لأنهم يقدرون بأنهم أصلا لن يشغلوهم في الحرب. أيضا انخفاض الشعور بالتهديد الأمني لدى الجمهور بعد الانتفاضة الثانية والحرب في لبنان يؤثر على دافع الخدمة القتالية في سلاح البر. يجب، إضافة الى ذلك، الانخفاض المستمر في نوعية وكمية التدريبات لوحدات سلاح البر التي فقط قبل حوالي أربع سنوات، تحت قيادة رئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت، بدأت بجهد جزئي لإصلاح ذلك. في منظومة الاحتياط الوضع أكثر صعوبة. في نهاية المطاف، جيش مبني على روح وعلى تجربة عملية، وهي الأمور التي تنقص الآن سلاح البر. طوال سنوات الجودة في صفوفه تآكلت والثقة بقدرته انخفضت. الجيش الإسرائيلي يدرك المشكلة، ومن المرجح أن الحل يجب أن يرتكز على العثور على إمكانية كامنة للضباط في مرحلة التصنيف وتوزيعها بصورة أكثر عدالة. ولكن من أجل ذلك يجب على رئيس الأركان أن يفرض رأيه على الأقسام الأقوى في الجيش؛ سلاح الجو والاستخبارات العسكرية.اضافة اعلان