العالم الرقمي يترقب إزالة “التيك توك”.. ما هي تداعيات الملف؟

“التيك توك
“التيك توك
إبراهيم المبيضين عمّان- يترقب مستخدمو العالم الرقمي وخبراء التقنية حول العالم باهتمام تطورات ملف الصراع بين اميركا والشركة الصينية المالكة لتطبيق “تيك توك”، والمطالب بازالة التطبيق عن المتاجر الالكترونية الرئيسية بسبب المخاوف الأمنية الأمريكية تجاه الصين، ليتصدر المشهد تساؤلات حول مدى الجدية والامكانية في ازالة التطبيق من المتاجر الالكترونية للهواتف الذكية في المدى القريب، ومدى تاثيره على كل المستخدمين حول العالم. واصبح سؤال ازالة “التيك توك” من المتاجر الرئيسية للتطبيقات: “الاب ستور” و “الاندرويد” هاجس ملايين المستخدمين للانترنت، لان التطبيق تصدر في اخر ثلاث سنوات قائمة التطبيقات الاكثر تحميلا في العالم الرقمي، ويستخدمه اكثر من مليار انسان في جميع ارجاء العالم، إلى جانب كونه مصدر ايراد للملايين من شركات وافراد. كل التساؤلات المشروعة حول ازالة “التيك توك” جاءت بعد مطالبة “برندن كار” مسؤول لجنة الاتصالات الاتحادية الأمريكية شركتي أبل وجوجل قبل اكثر من اسبوع حذف التطبيق الصيني الشهير من متاجر التطبيقات الإلكترونية التابعة لهما بسبب المخاوف الأمنية الأمريكية تجاه الصين ومنحهما فرصة لتاريخ الثامن من الشهر الحالي للرد على مطالبه. وقال كار عبر موقع تويتر للتواصل الاجتماعي: “تيك توك ليس مجرد تطبيق فيديوهات. إنه خطر متخف، فهو يجمع كما ضخما من البيانات التي أظهرت تقارير جديدة أنه يتم تقييمها في بكين. اتصلت مع أبل وجوجل لحذف تيك توك من متاجر التطبيقات”. كما نشر الخطاب الذي أرسله إلى كل من أبل وجوجل. بيد ان خبراء محليون استبعدوا ازالة التطبيق في المدى القريب المنظور للعديد من الاعتبارات منها ان لجنة الاتصالات الاتحادية الأمريكية لا تنظم الإنترنت أو أي شركات تعمل على الإنترنت، مما يعني أنها لا تملك سلطة إجبار شركات مثل Apple أو Google على فعل أي شيء، مثل حظر تطبيق من منصاتها، كما ان السلطات في امريكا ان استطاعت التاثير على شركات ابل وجوجل لازالة التطبيق او حظره في امريكا، فهي لا تملك سلطة لحجب التطبيق في دول اخرى، إلى جانب الامكانيات التقنية اليوم لتحميل التطبيق من مواقع ومتاجر اخرى، او التحايل على الحظر وصولا إلى التطبيق واستخدامه. وقال الرئيس التنفذي السابق لهيئة تنظيم قطاع الاتصالات الاردنية الدكتور غازي الجبور بان هذه القضية تشير إلى القوة التي باتت تتمتع بها مختلف منصات وشبكات التواصل الاجتماعي وجميعها سواء كانت صينية او امريكية تجمع البيانات من المستخدمين وتبيعها وتطوعها لخدماتها. واشار إلى ان ما يميز “التيك توك” هو انه منصة مفتوحة للجميع استقطبت اهتمام مئات الملايين حول العالم لمختلف، وموضوع حجبه او ازالته في امريكا لا يعني ابدا حجبه في دول اخرى، وحتى لو تمت ازالته من متاجر التطبيقات الرئيسية فقد اصبح هناك مواقع وتطبيقات يمكن من خلالها الوصول إلى التطبيق بسهولة. واكد ان ما يحدث ياتي في اطار صراع سياسي اقتصادي تقني بين امريكا والصين ومن سنوات، وخصوصا ان التطبيقات المفتوحة وشبكات التواصل الجتماعي اصبح اداة قوة وتوجيه وتاثير كبيرة في كل نواحي الحياة. و “تيك توك” هو تطبيق لإنشاء مقاطع فيديو قصيرة وعرضها، مملوك لشركة ByteDance الصينية. تم إطلاقه في عام 2018، وأصبح رائدا في قطاع تطبيقات الفيديو القصيرة في الصين ويكتسب شعبية في جميع أنحاء العالم، ويعد التطبيق اليوم الأكثر تحميلا في العالم، حيث تفوق على إنستغرام بـ 3.5 مليار عملية تحميل من انطلاقته قبل اربع سنوات، كما يقضي المستخدمون ما لا يقل عن 46 دقيقة يوميًا على التطبيق، مما يجعله يتخطى المنافسين. وقال الخبير الاردني في مجال التقنية حسام خطاب ان القضية لا شك أن لها أبعادا سياسية في ظل التجاذبات والتنافس بين أمريكا والصين، لافتا إلى انها تؤشر في الوقت نفسه إلى الصلاحيات التي تمارسها مختلف وسائل التواصل الاجتماعي على بيانات المستخدمين، وإلى اي حد خصوصية المستخدمين هي فعلا محمية. واستبعد خطاب ان يجري ازالة تطبيق “التيك توك” في المدى القريب المنظور، مبينا ان لجنة الاتصالات الاتحادية الأمريكية “لا تملك سلطة قانونية منفردة لإجبار الشركات على حذف التطبيقات”، ولكنه اشار إلى ان الرسالة بحد ذاتها تسلط الضوء على قلق أمريكي متزايد حيال صلاحية الصين على بيانات المواطنين، وهي فصل جديد من الخلاف بين التك توك والحكومة الأمريكية. وقال خطاب ان الملف يلقي أسئلة هامة في وجه وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، وكل هذه الأسئلة لها وزنها في منطلق أمن الدول وحماية بيانات المستخدمين وكيفية معالجتها، لافتا إلى ان هذا الحديث ينطبق على الرسائل النصية، والصور، والفيديوهات، والبيانات الحيوية مثل بصمات الأصابع، وتاريخ البحث، وبيانات المواقع، وكلمات السر، والتفاصيل اليومية لحياة المستخدمين، وغيرها. حيث ان كل هذه البيانات بحوزة الشركات في نهاية المطاف، وهو ما يترك خلفه علامات استفهام لا حصر لها، وخطاب المفوض الامريكي في لجنة الاتصالات الفيدرالية الامريكية هو واحد منها لا أكثر. عن القصة وخلفياتها وتفاصيلها بين خطاب ان “برندن كار” مسؤول لجنة الاتصالات الاتحادية الأمريكية كشف في تغريدة له قبل اسبوع عن رسالة وجهها إلى تيم كوك/ أبل وساندر بيتشاي/ جوجل، مع طلب بحذف تطبيق التك توك من متاجرهما، ووفق الرسالة، اعتبر المفوض تطبيق التك توك في ظاهره وسيلة تواصل اجتماعي، وفي باطنه أداة للوصول والبحث في بيانات المواطنين الأمريكيين. وقال خطاب ان المفوض أشار إلى تقرير نشرته Buzzfeed قبل أيام، والذي كشف عن أن الموظفين في الصين وصلوا عدة مرات إلى البيانات الحساسة للمواطنين؛ معتبرا التك توك وسيلة مراقبة معقدة تستهدف المواطنين والأمن القومي لأمريكا. وقال خطاب ان الرئيس التنفيذي للتك التوك خالف تقرير Buzzfeed. بقوله الموظفون يستطيعون الوصول إلى بيانات المواطنين الأمريكيين، ولكنها ليست مفتوحة بالمطلق وخاضعة لعدة ضوابط ومعايير وتحتاج إلى موافقات. كذلك وضح أنه لم يطلب منهم ولم يزودوا هذه البيانات للحكومة الصينية في السابق. واشار إلى ان القصة ليست جديدة ففي عام 2019، اعتبر “التك توك” أمريكيا مصدر تهديد أمني للدولة، وأجروا تحقيقا رسميا. وفي عام 2020، قامت إدارة ترامب بمنع التك توك في أمريكا، ومن ثم توصلوا إلى اتفاق يسمح للتطبيق بالعمل إذا خزنت البيانات في خوادم موجودة داخل أمريكا. وهو ما احتمت خلفه التك توك مؤخرا، أن البيانات مخزنة في السحابة التابعة لأوراكل. وفي آب 2020، تجاوزت “التيك توك” شروط الخصوصية لشركة جوجل، للحصول على بيانات المستخدمين وتعقب نشاطهم على الإنترنت، وفي عام 2021، دفعت التك توك غرامة فاقت 90 مليون دولار لنقل بيانات المستخدمين إلى خوادم في الصين.، في عام 2019، “التك توك” دفع غرامة خمسة ملايين دولار بسبب جمع بيانات الأطفال تحت سن 13 عاما. واكد الخبير في مجال التقنية وصفي الصفدي بان جميع الدول يجب ان تركز بشكل جدي لتطوير الإجراءات الخاصة بحماية البيانات الشخصية والأمن السيبراني نتيجة الانتشار الواسع للانترنت والتطبيقات الذكية بحيث يتم وضع قيود على اي انتهاك لخصوصية المستخدمين وبياناتهم والتجسس عليهم. واشار إلى ان قرارات الحجب وازالة التطبيقات ليست بالامر السهل وهي تتطلب اجراءات ووقت سواء في امريكا او في العالم، لافتا إلى ان عالم الانترنت اصبح مفتوحا وحتى ان قامت كل من ابل وجوجل بازالة تطبيق التيك توك عن متاجرها فهناك متاجر اخرى يمكن ان تتيح التطبيق مع امكانية تنزيله عن طريق متصفحات الانترنت ومواقع اخرى.اضافة اعلان