العالم الموحد يجب أن لا يخاف من الأسد

متظاهرون في لندن أمس يحملون لافتات تطالب بعدم الهجوم على سورية -(ا ف ب)
متظاهرون في لندن أمس يحملون لافتات تطالب بعدم الهجوم على سورية -(ا ف ب)

اسرائيل هيوم

بوعز بسموت

العالم يفكر اليوم بصوت عالٍ عن الهجوم المتوقع ضد نظام الاسد. لم يعد السؤال اذا بل كيف ومتى. صور ضحايا السلاح الكيميائي لنظام الاسد تبث دون انقطاع في العالم. وليس الجنرالات وحدهم يعدون الضربة في سورية بل ومصممو الرأي العام في الغرب يعدون العالم للضربة. اوباما كان يفضل، على اي حال، الانشغال بأمور اخرى. وللحقيقة، نحن أيضا. ولكن متى وعدنا الشرق الاوسط ووعد العالم بالهدوء؟اضافة اعلان
أربعة أعضاء مركزيون وهامون في حلف الناتو – الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا وتركيا – شددوا في الـ 48 ساعة الاخيرة النبرة. من ناحية الاربعة، عمل المراقبين في دمشق أصبح اليوم زائدا. فالاسد اجتاز هذه المرة الحدود ويجب ان يعاقب. السؤال اذا كان البديل للأسد أفضل، لم يعد يُسأل. فالجواب على ذلك واضح: لا أحد يوهم نفسه في أنه اذا ما وعندما سيسقط الاسد، سورية ستكون دولة أفضل للمنطقة بشكل خاص وللعالم بشكل عام.
كما أن أحدا لا يؤمن بانه بعد الهجوم – بحجوم ليست واضحة بعد – ستقوم ديمقراطية في سورية. يبدو أنه بعد عمليات الغرب في السنوات الاخيرة على الاراضي الاسلامية – مثلما في العراق، في افغانستان او في ليبيا – بات واضحا أن خيرا لن يخرج من هذا في اليوم التالي. ولكن ليس للغرب الكثير من الخيارات. فعدم الفعل في ضوء استخدام السلاح الكيميائي سيجعل الغرب فقط قوة أخلاقية (وهذا أيضا محدود الضمان) هزيلة بل ومخصية. الغرب سيصبح جسدا ينبح ولكنه عديم قوة الردع. بدلا من أن يكون لنا عالم مقسم – مثلما هو الحال دوما – بين أخيار وأشرار، التقسيم سيكون بين أشرار وضعفاء. في واشنطن فهموا بانه محظور لهذا ان يحصل. خطاب كيري كان الأمر الذي انتظرنا سماعه من أميركا.
السؤال اليوم هو كيف سيتصرف اصدقاء الاسد في حالة الهجوم. طهران اعترفت بحقيقة أنه جرى استخدام لسلاح كيميائي، ولكنها تعارض بشدة الهجوم على شريكها الاسد بل وتهدد بآثار خطيرة على المنطقة. معقول الافتراض بان ايران لن تتدخل. فهذا هو الأمر الاخير المجدي لها عمله في الوقت الذي تحتاج فيه الى الوقوف في الظل والسماح لاجهزة الطرد المركزي لديها بالدوران. في طهران يحرصون اكثر على بقاء النظام والمشروع النووي. معقول الافتراض بان ايران ستفعل بالضبط ما فعلته في أثناء الهجوم الاميركي في العراق. ستبقى في الظل. بل وربما تتقوى بنشاط محظور في مجال النووي الى أن يمر الغضب.
الاختبار الكبير هو روسيا. لا شك انه منذ نهاية الحرب الباردة يدور الحديث ربما عن المواجهة الجبهوية الكبيرة الاولى بين واشنطن وموسكو.
ومع أننا شهدنا في الماضي خلافات بين القوى العظمى في مسائل كوسوفو والعراق، ولكن هذه المرة يخيل أن المواجهة بينهما أكثر حدة بأضعاف. لقد اصبحت روسيا منذ بداية الحرب الاهلية في سورية في 15 اذار 2011 كلب الحراسة للاسد.
من المثير للفضول أن نعرف كم بعيدا سيكون بوتين مستعدا لان يسير في معارضته المعلنة لهجوم على آخر حليف له في الشرق الاوسط. يجدر بالذكر ان المواجهة الدبلوماسية الجبهوية بين واشنطن وموسكو تتم في مناخ متوتر في اعقاب قضية ادوارد سنودان.
مفهوم انه يوجد مخرج يمكن أن يكون مناسبا للروس ولادارة اوباما على حد سواء: يوجد سيناريو هجمات موضعية على نمط صواريخ جوالة أمريكية ضد أهداف في سورية – الامر الذي يمكنه أن يتم بسرعة كبيرة – وبالتوازي تقديم موعد المحادثات بين الروس والاميركيين المخطط لها لتشرين الاول في لاهاي، قبيل لقاء جنيف 2. وسيكون لاوباما مريحا جدا الهجوم (فسيؤدي مهامه وبالتوازي يرفع العتب على حد سواء) مع ضوء اخضر من الاسرة الدولية ومع منظور حل دبلوماسي سريع. الاسد هو الآخر يمكنه ان يتعايش مع مثل هذا السيناريو، ولا سيما اذا ما حصل لاحقا على روسيا وايران كشريكتين نشطتين في محادثات جنيف 2.
رياح الحرب تهب حتى استراليا، التي تسير على الخط مع الولايات المتحدة. رئيس وزراء استراليا، كافين راد، تحدث مع اوباما بالنسبة للامكانيات التي تحت تصرف دول الناتو على السبيل للرد على الهجوم بالسلاح الكيماوي الذي نفده الاسد. ينبغي ان يكون على مسافة آلاف الكيلومترات من المنطقة كي يرى كم هو في مركز الانتباه العالمي.
الاسد، بالضبط مثل صدام حسين في 1991، يهدد باشعال المنطقة. ليس له مفر. العالم الموحد لا ينبغي أن يخاف من الاسد. كما أن الغرب الموحد ينبغي أن يكون كافيا. كما أن العالم العربي المصاب، الهش والمهزوز جدا بعد أحداث السنتين والنصف الاخيرة غير قادر، وفي هذه الحالة غير معني ايضا، بمنع هجوم في سورية. الديمقراطية في العالم العربي غير موجودة، ولكن الرغبة في الحرية كبيرة وللشارع العربي يوجد وزن اكبر. فمنذ زمن بعيد حسم موقفه من الاسد. نصرالله لم يفهم هذا وكاد يفقد كل مكانته.
الاسد منذ زمن بعيد كان ينبغي ان يكون الزعيم العربي السادس والاخير الذي يفقد كرسيه منذ 2011. وصور جثث الاطفال في سورية التي تصل الى بيوتنا منذ اشهر، تلزمه بان يكون قد رحل. غير أنه ينبغي الافتراض بان في الغرب ايضا سيكتفون بالحفاظ على مصداقيتهم وعلى الميثاق الذي يحظر استخدام السلاح الكيميائي (الامر الذي كان ينبغي لمجلس الامن أن يأخذه على نفسه).
عزل الاسد لا يفترض ان يكون الخطة.
نجاح اوباما في سورية سيكون ايضا نجانا. الويل للعالم الذي يمر بصمت على استخدام سلاح غير تقليدي. والتفكير بانه يوجد في المنطقة نظام مجنون يتطلع الى التزود بالنووي.