العالم مصدوم؟ ليستثمر في غزة

رجال إسعاف فلسطينيون يحملون أحد الجرحى خلال مواجهات أمس مع جنود الاحتلال في دير البلح  - ( ا ف ب)
رجال إسعاف فلسطينيون يحملون أحد الجرحى خلال مواجهات أمس مع جنود الاحتلال في دير البلح - ( ا ف ب)


سامي بيرتس   16/5/2018

احداث الاسابيع الاخيرة تكشف واقعا منقسما وغريبا في عدة ساحات: إسرائيل تهاجم قواعد ايرانية في سورية في الوقت الذي فيه الذراع اللبناني لإيران، حزب الله، خارج اللعبة. الصراع ضد إيران يجري إلى جانب حوار متواصل مع روسيا – التي تتقاسم مع ايران السلطة في سوريا. غزة تنزف في الوقت الذي تبدو فيه ساحة الضفة الغربية هادئة، والقدس تحتفل بنقل السفارة الأميركية بمراسيم احتفال مشبعة بالرسائل الدينية، في الوقت الذي تحيي فيه تل ابيب فوز نيطع برزيلاي في الاورفزيون في ميدان رابين.اضافة اعلان
من ناحية الحكومة هذا نجاح كبير، مهاجمة قواعد إيرانية في سورية بدون أن يفتح حزب الله جبهة اخرى من لبنان. كذلك فإن حقيقة أن قيادة حماس في غزة لم تنجح حتى الآن في جر سكان المناطق إلى احداث "مسيرة العودة" اعتبرت انجاز كبير. ويمكن حتى رؤية في وجود احداث مثل فتح السفارة الأميركية في القدس والاحتفالات في ميدان رابين رسالة واضحة – أن الحياة في إسرائيل تسير كالمعتاد في كل الجبهات. إلا أن هذا هو واقع مضلل، ليس بالامكان استمراره لفترة طويلة. يمكن لهذا الواقع أن ينفجر في وجهنا سريعا جدا.
التحدي الاكثر تعقيدا للحكومة في هذه الايام هو ادارة عقلانية للأخطار، الذي يعني نشاطات امنية إلى جانب تحديد ساحة المواجهة. قرار فتح معبر كرم أبو سالم لثلاثة ايام بعد احراقه يدل على هذه الهشاشة. قطاع غزة هو قنبلة موقوتة مع وبدون احداث الجدار، في اعقاب الوضع الانساني الخطير هناك.
الانفصال بين غزة والضفة الغربية وبين حماس وفتح يملي للجانب الإسرائيلي سياسة ابقاء الوضع القائم في غزة بدون أن يؤدي إلى اختراق تحسن حياة سكان القطاع. السلطة الفلسطينية تتعاون مع إسرائيل في الجانب الامني، لهذا الحياة في الضفة افضل بكثير مما هي في قطاع غزة. اذا منحت إسرائيل حماس انجازات مثل بناء مطار أو ميناء، الرسالة للسلطة الفلسطينية ستكون – إسرائيل تفهم فقط القوة.
حماس تعمل حسب المبدأ الذي يقول إن الطريق لحل ازمة هو تشديد حدتها. في الايام العادية الحياة في غزة لا تهم أحد، ليس فقط الإسرائيليين أو الدول العربية، بل حتى السلطة الفلسطينية التي تحارب قيادة حماس على حساب سكان غزة. الامتناع عن تقديم أي مبادرة لحل مشاكل الحياة في غزة أدى إلى الجولة الحالية، التي كما يبدو مريحة لإسرائيل، لأنه لم يتم اصابة مدنيين أو جنود فيها. ولكن هذا خاطئ لأنه يظهرها وكأن يدها سهلة على الزناد امام متظاهرين غير مسلحين – بالضبط مثلما تريد حماس. والشرك القديم – لا نعطي جائزة للعدو في الوقت الذي يناضل فيه، ولا نحمله عندما يكون هادئا – ظهر مرة اخرى.
حماس تتحمل المسؤولية الكبيرة عما يحدث في غزة، لكن هذا لا يعفي إسرائيل من أن تقوم بكل ما تستطيع من اجل تحسين واقع الحياة هناك. جهاز الامن يوفر للمستوى السياسي عدد لا بأس به من الافكار حول كيفية القيام بذلك.
فتح معبر كرم أبو سالم هو حل قصير المدى يدل على المسؤولية التي تشعر بها إسرائيل عما يحدث في غزة. هذا لا يكفي، مطلوب سياسة بعيدة المدى اكثر، بدعم دولي، تتركز على تحسين حياة السكان. اذا كانوا في العالم قلقين من رؤية الدماء في غزة فمن الافضل أن تستغل إسرائيل ذلك من اجل جعل تلك الدول والزعماء يستثمرون في القطاع. الخوف من أن تخرج حماس مستفيدة من ذلك هو خوف مرفوض تماما مقابل المخاطرة التي تكتنف مواجهات دامية اخرى.