العالم يحاول خفض انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري

الانتقال الى الطاقة النظيفة والابتعاد عن الوقود الاحفوري سيساعد في حماية الارض - (أرشيفية)
الانتقال الى الطاقة النظيفة والابتعاد عن الوقود الاحفوري سيساعد في حماية الارض - (أرشيفية)

مريم نصر

عمان - تعمل نحو 200 دولة في العالم على وضع ميثاق في الأمم المتحدة – ستصادق عليها  فرنسا أواخر العام 2015 – من أجل خفض انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، في وقت ما تزال فيه الجهود المبذولة للقضاء على الانبعاثات بطيئة رغم انطلاقها منذ 20 عاما.اضافة اعلان
وكان تقرير دولي نشر الاسبوع الماضي بين أن الاستثمارات المخصصة للاسهام في مكافحة تغير المناخ يمكنها أيضا تحفيز النمو الاقتصادي، بدلا من ابطائه كما يخشى كثيرون، لكنه حذر من أن الوقت ينفد لتحويل المدن وتبديل مصادر الطاقة، وهي عملية تبلغ تكلفتها مليارات الدولارات.
وبين التقرير الذي شارك في وضعه رؤساء حكومات ورجال أعمال واقتصاديون وغيرهم من الخبراء، ان الخمسة عشر عاما المقبلة ستكون حاسمة للانتقال بدرجة أكبر إلى الطاقة النظيفة، بدلا من الوقود الاُحفوري (الفحم والنفط والغاز) سعيا لمكافحة الاحتباس الحراري، وتخفيض تكاليف الرعاية الصحية الناتجة عن أمراض يسببها التلوث.
ومن المفترض أن يقدم التقرير إرشادات لقادة العالم الذين سيجتمعون في مؤتمر عن تغير المناخ في 23 أيلول (سبتمبر) المقبل برعاية  الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
واجتمع قادة العالم، قبل نحو اسبوعين بدعوة من الأمين العام بان كي مون، "لتأييد رؤية طموحة ترتكز على إجراء من شأنه التمكين من الوصول إلى اتفاق عالمي جاد" حيال التغيرات المناخية في العام المقبل.
ولكن المراقبون لا يعولون كثيرا على دول العالم للخروج بشيء ينقذ الارض من هذه الظاهرة إذ التقى زعماء الحكومات عدة مرات خلال العقود الماضية للتصدي لظاهرة التغيرات المناخية، وآخر تلك اللقاءات كان في 2009 بالعاصمة كوبنهاغن، حينما حاولوا من خلال المفاوضات التي فشلت في "عقد اتفاق" مع التزام جديد للحد من الانبعاثات الحرارية.
بيد ان آخرين يرون ان هنالك نوعا من الوعي قد يجعل حكومات الدول تتخذ تدابير معينة لخفض الانبعاثات، إذ قال فيليب كالديرون، رئيس المكسيك السابق ورئيس المفوضية العالمية للاقتصاد والمناخ، في مؤتمر صحفي "من الممكن معالجة تغير المناخ وتحقيق النمو الاقتصادي في نفس الوقت".
وأضاف أن الكثير من الحكومات والشركات مخطئة في خشيتها من أن تقوض الإجراءات التي ستتخذها لمكافحة الاحتباس الحراري النمو الاقتصادي وفرص العمل.
وتوقع التقرير الدولي استثمار 90 تريليون دولار على مستوى العالم في مشروعات البنية الأساسية خلال السنوات المقبلة، والسؤال هو هل ستؤدي هذه الاستثمارات إلى قيام اقتصادات أقل إصدارا للانبعاثات الغازية الكربونية.
وذكر التقرير ان المطلوب التركيز على تحول هيكلي في 3 مجالات أساسية، وهي أنظمة الطاقة، واستخدام الأراضي، والتنمية الحضرية لكي تتحقق نتائج مستدامة في الحفاظ على البيئة.
وقال التقرير "الطريقة التي ستتطور بها المدن الأكبر والأسرع نموا في العالم ستكون حاسمة لمسار الاقتصاد والمناخ العالميين" موصيا بتحول سكان المدن إلى استخدام السيارات الصغيرة الأقل استهلاكا للطاقة وزيادة الاستثمار في وسائل النقل العام.
وأشار التقرير إلى أن نحو نصف سكان الأرض البالغ عددهم 7.2 مليار نسمة يعيشون في المدن، التي تسهم بنسبة 80 في المائة من النمو الاقتصادي العالمي، وبنحو 70 في المائة من غازات الاحتباس الحراري المرتبطة بتوليد الطاقة، لكن الكثير من المدن مازالت تتمدد بشكل خارج عن السيطرة.
ويحاول العمداء في كل من برشلونة، وملبورن، وكوريتيبا البرازيلية، التوسع في قطاع وسائل النقل العام. وعمل مايكل بلومبيرغ، عمدة نيويورك السابق، مع شركات خطوط الأنابيب لزيادة وصول الغاز الطبيعي حتى يتمكن السكان من التحول من استخدام أفران الوقود الزيتي القذرة إلى الأفران الرخيصة النظيفة التي تعمل بالغاز الطبيعي.
وفي ولاية كونيتيكت الأميركية، بدأ تنفيذ مشروع "البنك الأخضر" الذي يستخدم أموالا حكومية محدودة للاستفادة من التدفقات الكبيرة في رأس المال لمشاريع الطاقة النظيفة.
كذلك كثف الكثير من القادة في مختلف الصناعات جهودهم أيضا، ويعدون الطاقة المستدامة أمرا جيدا من حيث الأساس. على سبيل المثال، شجعت الأقسام الغذائية في مجموعة "يونيليفر" المزارعين الموردين على تبني الكفاءة والتقدم وأساليب الإنتاج منخفض الكربون. وساعدت شركة "ألكوا" شركتي "بوينغ" و"فورد"  الحصول على أفضل كفاءة في استهلاك الوقود من خلال خفض أوزان الطائرات والسيارات.
وأشار التقرير الدولي إلى ان السنوات الخمسة عشرة المقبلة ستكون حاسمة لأن "الاقتصاد العالمي سينمو أكثر من النصف وسينتقل نحو مليار شخص للإقامة في المدن" فضلا عن أن التقنيات الجديدة ستغير وجه الأعمال التجارية وأنماط الحياة.
وقالت المفوضية إن الحفاظ على نموذج البنى التحتية، التي تنفث ثاني أكسيد الكربون بنسب عالية للمدن والنقل والطاقة وشبكات المياه يستلزم استثمارات بقيمة 90 تريليون دولار في السنوات الخمسة عشرة المقبلة أو ستة تريليونات دولار في العام.
وبالمقارنة فإن الانتقال إلى المصادر المنخفضة الكربون مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية سيتكلف 270 مليار دولار في العام فقط.
وأوصى التقرير بالتركيز على زيادة كفاءة استهلاك الطاقة باستخدام مصادر الطاقة المتجددة قليلة الانبعاثات الكربونية، والتي يمكن أن تكون متاحة بخفض أسعار الطاقة المتجددة وبخاصة طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
ويشمل الاستخدام المستدام للأراضي تطوير تقنيات جديدة لإدارة التربة ووقف إزالة الغابات من أجل توفير الغذاء لسكان العالم الذين يتزايد عددهم باطراد ليصل إلى حوالي 8 مليارات نسمة بحلول 2030 وفقا للتوقعات.

[email protected]

nasrmaryam@