العالم ينتظر ويتساءل بعد انتخاب دونالد ترامب

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قبيل إلقاء كلمتها عن فوز ترامب في اليوم التالي لانتخابه – (أرشيفية)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قبيل إلقاء كلمتها عن فوز ترامب في اليوم التالي لانتخابه – (أرشيفية)

هيئة التحرير - (نيويورك تايمز) 11/11/2016

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

كانت القوى التي جلبت دونالد ترامب إلى الانتصار أميركية إلى حد كبير. لكن تداعيات انتخابه هزت الديمقراطيات الغربية المعتادة على النظر إلى الولايات المتحدة كمنارة للديمقراطية والتقدم والاستقرار. وإذا ما أراد الرئيس المنتخب أن يتولى مسؤولياته بجدية كقائد للعالم الحر، فعليه أن لا يضيِّع أي وقت في إيضاح أي قدر من التهديد والوعيد المتبجح في حملته الانتخابية لم يكن أبعد من مجرد خطاب حملات.اضافة اعلان
مباشرة في أعقاب ظهور نتائج الانتخابات، عكست طائفة من ردود الفعل المتحمسة من أقصى اليمين في أوروبا، والتي صنعت لنفسها قضية مشتركة مع السيد ترامب بمناهضة العولمة، وإرسال الرسائل المناهضة للهجرة والمعادية للمؤسسة، عكست تلك الردود شعورا بأن قضية اليمين تلقت دفعة قوية.
رأت مارين لوبان، رئيسة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة في فرنسا، في انتخاب السيد ترامب "حركة كبيرة تنشط في جميع أنحاء العالم" نحو الانقلاب على الوضع الراهن. وفي هولندا، أعلن خيرت فيلدرز، من "حزب الحرية" المماثل، أن هذه الانتخابات "تاريخية". وفي بريطانيا، أعلن نايجل فاراج، الذين كان حزبه "استقلال المملكة المتحدة" قوة رئيسية وراء التصويت على مغادرة الاتحاد الأوروبي، أنه "لا يمكن أن يكون أكثر سعادة". ووافق حزبا "بديل لألمانيا" اليميني الألماني و"حزب الحرية" النمساوي على هذا الاتجاه بإطلاق هتافات وتصريحات مماثلة.
سوف تواجه هولندا وفرنسا وألمانيا كلها انتخابات وطنية في العام المقبل، وعلى الرغم من أن أحزاب اليمين المتطرف لم تعطَ فرصة قوية للفوز، فإن الخروج البريطاني "بريكست" والسيد ترامب لم يُعطيا فرصة قوية للفوز أيضاً. وسوف يشكل، حتى مجرد ظهور أداء قوي للشعبويين في هذه البلدان، تهديداً رئيسياً للاتحاد الأوروبي وسياساته الحالية.
كما حظي فوز السيد ترامب أيضاً بترحيب حار في روسيا، حيث أثار تكهنات بأن العقوبات المفروضة على البلد بسبب ضم شبه جزيرة القرم ربما تُرفع في وقت قريب. وبصرف النظر عن مثل هذه الاحتمالات الملموسة، فقد احتفل خصوم الديمقراطية الليبرالية الغربية في روسيا والصين وغيرهما بما نظروا إليه على أنه دفاع عن سياساتهم غير الليبرالية.
قمة النموذج
فيما وراء التهديد بالمزيد من تقدم اليمين المتطرف في السياسة الانتخابية الأوروبية، كان السياسيون والمعلقون الأوروبيون من الاتجاه السائد مذعورين من احتمال أن تفضي رئاسة ترامب إلى قلب النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي لعالم ما بعد الشيوعية -والذي ارتكز الكثير منه على أساس علاقة أميركا العميقة والثابتة مع الديمقراطيات الأوروبية. وكان الاضطراب الاقتصادي وتدفق اللاجئين من سورية المتفككة قد أطلقا مُسبقاً نفس نوع المشاعر تجاه الهجرة التي ركب السيد ترامب موجتها في طريقه إلى السلطة. لكن أحداً لم يكن يتوقع حقاً أن يتصاعد دخان نفس هذه المشاعر في ذلك الحصن القوي للقيم الغربية نفسه، الولايات المتحدة الأميركية.
الآن، أصبح كامل هيكل القناعات والسياسات التي كانت تدعم العالم الغربي في القرن الحادي والعشرين -النظام التجاري الدولي، الجبهة الغربية الموحدة ضد نزعة الرد الروسية واستعادة الأراضي المفقودة، وأمن الناتو، واتفاق باريس بشأن تغير المناخ- أصبح هذا الهيكل كله يبدو فاقداً لليقين. وحلت بدلاً عنه المخاوف من نشوب حرب تجارية مكلفة، ومن مشاهدة ضغوط روسية جديدة على الدول من إستونيا إلى أوكرانيا، ومن كوكب يزداد حرارة باستمرار ويعاني من الجفاف، ومن ارتفاع مستوى سطح البحر وتشريد البشر.
المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي يمكن القول إنها أقوى زعيم في أوروبا، ضمَّنت رسالتها لتهنئة السيد ترامب محاضرة غير عادية عن الديمقراطية الليبرالية، وقالت في خطابها: "إن ألمانيا وأميركا ملزمتان بقيمهما: الديمقراطية والحرية واحترام القانون وكرامة البشر، بغض النظر عن الأصول أو لون البشرة أو الدين أو الجنس أو التوجه الجنسي أو المعتقدات السياسية".
لم يكن هناك أي رئيس منتخب في الذاكرة الحديثة في حاجة إلى مثل هذا التذكير. وسوف يحسن السيد ترامب صنعاً إذا هو أدرك الخوف الحقيقي والعميق الكامن وراء ذلك، وأعطى السيدة ميركل وأوروبا والعالم ذلك التطمين العاجل الذي يحتاجون إليه.

*نشرت هذه الافتتاحية تحت عنوان: The World Waits and Wonders About Donald Trump