العام 2020...دروس مستفادة

العام 2020 كان عامًا مليئًا بالدروس المحلية والعالمية على المستويات كافةً، السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كان عاما محملا بالكثير من التعاطف الإنساني والقليل من التضامن بمفهومه الحقوقيّ على المستوى الدوليّ، كان عام الجدل حول أولويات حقوق الإنسان والموازنة بين المصالح الأولى بالرعاية. إلّا أنّ وداع العام 2020 لا يمكن أن يكون دون الخروج بمجموعة من الدروس المستفادة من واقع التجربة الإقليمية والعالمية على حدّ سواء لتكون فرصة متجددة لمراجعة ما هو كائن، أملا في الوصول إلى ما يجب أن يكون، ولعلّ أبرز هذه الدروس: أولًأ: كشف العام 2020 وتحديدا ما شهده من انتشار الوباء العالمي(كورونا) عن وجود غياب واضح لسياسات عامة في القطاع الخاص في غالبية دول العالم تقوم على نهج حقوق الإنسان، يلعب من خلاله هذا القطاع دورا أساسيا في حماية هذه الحقوق وتعزيزها والاضطلاع بدور مفصلي في اطار المسؤولية المجتمعية التي يتوجب أن تكون ثقافة قائمة ومنهج عمل. وهو ما أكدّ عليه الأمين العام للأمم المتحدة في اطار حديثه حول دور قطاع الأعمال في حماية وتعزيز حقوق الإنسان حيث أشار إلى أنّ "التحدي الذي يواجهنا هو التأكد من أنّ قطاع الأعمال ليس جزءا من المشكلة بل مصدر للحلول..يجب أن تحترم حقوق الإنسان". ثانيًا: إنّ الربط بين فكرة انتفاء الحقوق والحريات خلال فترة انفاذ حالة الطوارئ في العالم واتخاذها ذريعة لانتهاك حقوق الإنسان، هو توصيف لا يعكس الحالة القانونية والفلسفة العميقة لهذه الحالة، التي تأتي شرعيتها ابتداء من وجود حالة استثنائية تهدد ممارسة الأفراد للحقوق وتمتعهم بها فيتم وضع قيود إضافية أواتخاذ جملة من الإجراءات الضيقة والمتناسبة مع حالة الطوارئ فقط يكون هدفها تجاوز هذه المرحلة وصولًا للعودة إلى الوضع القانوني الطبيعي. إنّ الانطلاق من هذه الفلسفة تجعل من حالة الطوارئ مكنة قانونية الهدف منها بالنتيجة صون الحقوق والحريات دون الافتئات عليها وتفريغها من جوهرها. ثالثًا: ما تفتقده غالبية دول العالم في سياق تطوير العملية التشريعيّة لتمسي أداةً للإصلاح والتطوير ومعولا للبناء والتقدم، هو سياسة تشريعيّة واضحة الرؤى وواسعة الأفق، وفلسفة تحكم عملية التّشريع ابتداء من اتخاذ القرار بأن قضية ما تحتاج إلى تقنين أو تعديل أو مراجعة، ومرورًا بتحديد الأولويات ودراسة الجدوى الاقتصاديّة والاجتماعيّة للتّشريع، وصولًا إلى مرحلة ولادة القانون بتحويل هذه الأفكار والمراحل إلى نصوص قانونية تتّسم بالوضوح والمفهومية والبلوغية في تجسيد الحق في إطار نص قانونيّ، وبغير ذلك ستبقى المنظومة التشريعية -في الدول التي لا تراعي الاعتبارات السابقة- تعاني من اختلالات وازدواجية تؤدي إلى اختلالات في عملية التطبيق. رابعًا: الوفاءُ بحق الأفراد في المعرفة هو الوظيفة الأساسية للإعلام، ومن أجل ذلك كان الإعلام سلطة رابعة وكان الدفاع عن الوصول لأدواته والحصول على المعلومات التي تمكنه من الوفاء بهذه الوظيفة مطلبًا مفصليًا من أجل أداء هذه الوظيفة التي تمكن الأفراد من تكوين الآراء وتشكيل المواقف وممارسة الرقابة الشعبية. وقدّ جاء العام 2020 بكل اشكالياته وتحديدًا فيما يتعلق بوباء كورونا ليؤكدّ هذه الحقيقة وليكون فرصة لمراجعة جميع ما يعيق عمل الصحافة والإعلام من تشريعات أو ممارسات على أرض الواقع. خامسا: الفرد غير قادر على ضبط سلوكه وفق النص القانونيّ. ومن أبرز الدلائل على أنّ التشريع كان تغييرًا وليس تطويرًا أن تكون المصلحة التي يريد المشرع حمايتها من إقراره للتشريع غامضةً أو متعارضة مع تشريعات أخرى.اضافة اعلان