العبء الاقتصادي وجائحة التعليم عن بعد

الدكتور صالح فخري العجلوني
الدكتور صالح فخري العجلوني

الدكتور صالح فخري العجلوني

يجب أن نتفق جميعا على حقيقة علمية ثابتة في كل العالم وهي أن الوباء باق معنا لسنوات عديدة من ثلاث إلى اربعِ سنوات حسب رأي العديد من العلماء والباحثين في هذا المجال، حتى وإن تم إنتاج اللقاح في بداية هذا العام، فلن يكون بالكميات الكافية لكافة سكان العالم، وما يهمنا في الأردن إن استوردنا اللقاح فلن نستطيع توفير أكثر من مليون جرعة وهذا ما يمثل عُشر عدد سكان المملكة. انطلاقا من هذه الحقيقة الصعبة أصبح مبدأ التعايش مع هذا الوباء واقعا لا مفر منه، وفي جميع مجالات الحياة حفاظا على اقتصادنا المنهك أصلا قبل الجائحة، إنّ من أهم القطاعات التي يجب أن تعود للعمل وبكامل قوتها قطاع التعليم (المدارس والجامعات) فالتعليم خط أحمر لا يجب القفز عنه، فهو الذي يربي الأجيال ويبني المستقبل وإنّ من أهم أسس التعليم أن يكون مباشراً وجاهياً بين الطالب والأستاذ في المدرسة، فالمدرسة ليست للقراءة والكتابة فقط، وإنما لبناء الوعي، وهي العالم المصغر للمجتمع.اضافة اعلان
إنّ للتعليم الوجاهي تأثيراً إيجابياً على شخصية الطالب ومهاراته من خلال التواصل الاجتماعي وزيادة تفاعله مع الآخرين، وفيه اعتماد الطالب الكلي على نفسه من غير مساعدة الأهل، ناهيك عن تعليمه الالتزام واحترام النظام، ومزايا أخرى كثيرة جدا سيفقدها الطالب من خلال التعلم عن بعد الذي لو عددنا مساوئه سنجدها لا تعد ولا تحصى، أهمها :
اولاً: العبء الاقتصادي الكبير على الأهل من خلال توفير بيئة خصبة للتعليم ( غرفة منفصلة - لابتوب- إنترنت- موبايل).
ثانياً: فقدان الأهل السيطرة على الأولاد من خلال جلوسهم المتواصل على الشاشات خاصة إذا كان الوالدان عاملين.
ثالثاً: اهتزاز شخصية الطالب من خلال انفصاله عن المجتمع وتعوده على الخمول والكسل وعدم احترام الوقت.
رابعاً: هناك جانب مهم جدا اذا استمرينا في التعليم عن بعد وهو الجانب الاقتصادي وخسارة قطاع المدارس الخاصة لأن كثيرا من الأهالي سيتحولون للتعليم الحكومي لأنهم لن يجدوا أي ميزة بالتعليم الخاص وهذا سيترتب عليه فقدان فرص عمل كبيرة جدا للمدرسين والإداريين وغيرهم، مما ينعكس سلباً على مجتمعنا
خامسًا: هناك الاضرار الكثيرة على دماغ الطلاب من جراء استخدام الأجهزة الإلكترونية بمختلف أنواعها حيث تسبب الحركات اللارادية والتشنجات وآلام بالعيون والصداع وفرط الحركه وتشتت الانتباه وغيرها.
سادسا: المعاناة الشديدة والتي يعانيها الأهل من جراء عدم القدرة على الدخول إلى المنصة وانقطاع التواصل مع المدرسين في الكثير من الاحيان لأسباب تقنية.
لا نريد أن نخترع العجل مرة أخرى، هناك بروتوكولات جاهزة ومنفذة في الدول المتقدمة ( بريطانيا - ألمانيا - فرنسا) نستطيع أن نطبقها عندنا في الأردن، وهي:
أولا : ترك حرية الاختيار للأهالي سواء بالتعليم المباشر أو التعليم عن بعد.
ثانيا : في حالة التعليم المباشر وفي حالة ظهور حالات بالمدرسة لا يجب إغلاق المدرسة بالكامل وإنما تعليق الشعبة لمدة لا تزيد على خمسة أيام يتم خلالها تعقيم القسم بالكامل وفحص المخالطين المقربين فقط بالصف مع استمرار الدراسة في باقي الأقسام.
ثالثًا هناك خيار التعليم الهجين تعطى المواد الاساسية داخل المدرسة والمواد الثانوية عن بعد.
أخيرا وليس آخر : الحروب تقع والوباء ينتشر لكن المدارس لا تتوقف والغرف الصفية لا تغلق ولا توصد.
عبر الزمان حصلت المجاعات وحصلت الحروب وكان هناك فقر، وأزمات أشد بكثير مما نتعرض له اليوم ومع ذلك المدارس لم تغلق. علينا ان ننقذ أبناءنا من التجهيل والأمية وبأسرع وقت ممكن وهناك حلول كثيرة مطروحة وأصحاب الأمر يعلمون ذلك.