العبء على كوخافي

معاريف ناحوم بارنيع رئاسة الأركان هي المنصب الأكثر رغبة في خدمة الدولة. ففيه خليط مميز من القوة، المسؤولية، المساحة لاتخاذ القرارات، الطاعة من جانب المرؤوسين والمحبة من جانب المواطنين، دون صلة بآرائهم السياسية. وقد درجت على أن أكرر على مسمع كل رئيس أركان جديد القول ان "صورتك ستعلق في آلاف المحلات في إسرائيل عشية يوم الاستقلال. هذا مدح، هذا تحذير: المسؤولية جسيمة. ان الانفعال الذي رافق انتهاء مهام أيزينكوت وتعيين كوخافي يدل كم هو الإعلام، وبعده الجمهور، عطش للنزعة الرسمية، للنظافة، لضبط النفس، لوعي الخدمة. كل ما لا يحصلون عليه في هذه اللحظة من الساحة السياسية. وفقا للقانون، فإن رئيس الأركان ليس قائد الجيش، بل الحكومة هي القائد. ولكن بتعابير عملية فإن رئيس الأركان هو القائد. غادي أيزينكوت قال لي انه حين انتقل من منصب النائب إلى منصب رئيس الأركان – المكتبان يتشاركان في ذات الطابق في مبنى هيئة الأركان، شعر جيدا بالفرق. فحين تكون نائبا يكون دوما أحد ما فوقك، اما عندما تكون رئيس أركان فلا يوجد احد غيرك. صحيح انه يوجد وزير أمن ورئيس وزراء وكابينيت وزاري، ولكن في النظام الإسرائيلي الكلمة الاولى، وفي احيان قريبة أيضا الكلمة الاخيرة، هي كلمة الجيش. أعرف كوخافي منذ كان قائد كتيبة المظليين 101. التقيته في عمق الجبهة الشرقية في لبنان، في القتال في مدن الضفة، قبل وفي اثناء السور الواقي، في فرقة غزة، في قيادة الشمال، في شعبة الاستخبارات وفي خدمته كنائب رئيس الأركان. هو ضابط استثنائي، مزيج من الجسارة وقدرة القرار للمقاتل مع رؤية واسعة، استراتيجية، لباحث اكاديمي. في كل منصب تولاه بادر إلى تغيير ما ونفذه. لديه وعي ذاتي ودعابة حادة. هو رأس كبير. مثل سلفه، كوخافي يضع المواجهة مع إيران وفروعها في رأس سلم الأولويات. السياسة التي كان أيزينكوت وكوخافي يتشاركان فيها، والكابينيت انضم، قالت: إيران لا تريد الحرب في هذه اللحظة. ولا حزب الله أيضا. السبيل إلى منع الحرب في المستقبل هو أن يشرع الجيش الإسرائيلي في اعمال مبادر اليها في سورية وحيال لبنان، اعمال على شفا الهوة. التصعيد من شأنه ان يؤدي إلى حرب: هذه مخاطرة الجيش الإسرائيلي مستعد لأخذها. لقد حققت هذه الخطوة النجاح حتى اليوم، ولكن لا توجد ضمانة الا تتدحرج إلى حرب في سياق الطريق. لا ضمانة أيضا في ألا تتدحرج الاحداث في غزة إلى معركة بحجم كامل. في الجبهتين ستنكشف الجبهة الإسرائيلية الداخلية إلى وابل من الصواريخ. هذه لن تكون نزهة في حديقة. مثل كل رئيس أركان، سيصطدم كوخافي أيضا بالساحة السياسية. سألت ذات مرة رئيس الأركان أمنون ليبكين شاحك لماذا وجهه عابس. فأجاب: "هذا منوط إذا كنت اسافر يسارا ام يمينا". شاحك كان يسكن في رعوت. حين توجه في طريق 443 يمينا إلى القدس، لجلسة الحكومة، كان مستاء. وحين توجه يسارا سافر إلى هيئة الأركان في تل أبيب. لكوخافي تفوق كبير: فهو غير ملزم بتعيينه لاحد. وهو ليس في اللعبة السياسية. ولكن اللعبة السياسية ستفعل كثيرا كي تجره اليها. لقد قلبت السياسة وجهها: اليمين، وليس اليسار، هو المنتقد الاكبر للجيش. في الطرف، على تلال يهودا والسامرة، فتيان يرشقون الحجارة على جنود الجيش الإسرائيلي وحاخاموه يحرضون ضد قادتهم. في قمة احزاب اليمين، من الليكود وحتى ليبرمان وبينيت والبيت اليهودي، يركل السياسيون القياديون، الجيش وقادته حين يستحقون وحين لا يستحقون. هذا يحصل أيضا في دول اخرى، في أميركا ترامب وتركيا أردوغان. اليمين الشعبوي يتحدى القيم القديمة. فهو يرى في الجيش المهني، الرسمي، الملجوم، عائقا في الطريق إلى الثورة. الجيش هو حارس الاسوار التي يسعى لان يدمرها. ثقافة الشبكات الاجتماعية تساهم بدورها. وكوخافي يعرف مع من ومع ماذا يتصدى. فقد رأى ما فعلوه لأيزينكوت.اضافة اعلان