العدالة في سياسة القبول الموحد

رغم أن العالم دخل في العشرينية الثانية من القرن الواحد والعشرين، والأردن من ضمنه يحتفل بالذكرى المئوية الأولى لتأسيسه، إلا أنه ما يزال المواطن يشعر بالغبن وغياب العدالة، جراء عملية القبول الموحد في الجامعات الرسمية، التي انتهت قبل أيام. لقد آن الأوان لإعادة النظر بسياسة الاستثناءات التي تتضمنها قوائم القبول الموحد، وإجراء عمليات تغيير جذري على هذه السياسة، التي يجب أن تتجاوز نسبة العدالة فيها الـ95 بالمائة.. فمن السمات الرئيسة لتلك السياسية، أنها تتسبب بعدة ظواهر، سلبية، تؤثر على سمعة التعليم الأردني. وحتى لا تُفهم هذه الكلمات بشكل خاطئ، من قبيل أن هناك اعتراضًا على الاستثناءات التي تتضمنها المكرمات الملكية، لأبناء القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي، والأجهزة الأمنية، والمعلمين، والمخيمات، والمدارس الأقل حظًا، فإنني أوضح أن ذلك ليس القصد، فهذه الشريحة، قدمت للوطن الغالي والنفيس، في سبيل نهضته وتطوره وازدهاره، فمن الجُبن والحسد والحقد عدم إنصاف أصحابها، حتى لو بعد مماتهم أو استشهادهم. لكن يتوجب تشذيب سياسة «الاستثناءات» أو إخراجها بطريقة أكثر عدالة وإنصافًا. إن «الاستثناءات» في قوائم القبول الموحد، ما تزال حتى يومنا هذا تتسبب بغصة في القلب، وشعور بظلم، فالأصل والأصح والأكثر عدالة، أن يتم قبول كل الطلبة الأردنيين، ضمن قائمة موحدة (التنافس)، تعتمد معيار المعدل الذي حصل عليه الطالب في امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة (التوجيهي)، فقط، مع ضرورة النظر، إلى قضايا أخرى مرتبطة بمكان السكن أو الجغرافيا، لكن بطريقة أخرى، غير تلك المنظورة الآن. بعد هذه الخطوة، أي قبول الطلبة ضمن ذلك المعيار، تأتي عملية «الاستثناءات»، فكل جهة، سواء كانت مؤسسة الجيش أو وزارة التربية والتعليم أو القائمين على المخيمات، يقع على عاتقها اختيار نسبة الطلبة الذين ستشملهم المكرمة الملكية، حيث إنه ومن خلال هذه الطريقة يكون قد تم إنصاف الجميع، فمن ناحية لا يشعر الطالب وذووه بغُبن أو ظلم وقع عليهم، فقد حصل على مقعده الجامعي بناء على معيار المعدل (التنافس)، ومن ناحية أخرى فإن الطالب الآخر يضمن مقعدا جامعيا، وفي الوقت نفسه، تشمله إحدى المكرمات الملكية، أو أي استثناءات أخرى. الفائدة المرجوة من هذه الخطوة، هو حصول الطالب على حقه التعليمي بطريقة أكثر عدالة وإنصافًا، إذ يُصبح على يقين تام بأن ما حصل عليه من مقعد جامعي، جاء نتيجة العدالة التنافسية، التي تعتمد معيار المعدل في الثانوية العامة، وليست معايير أخرى، قد تتسب بنوع من عدم الانتماء والولاء للوطن، فتلك معايير تلفظها الإنسانية والعدالة. وفيما يتعلق بأولئك الذين يقطنون في مناطق نائية، سواء أكانت في قرى بمحافظات الأطراف أو بواد، فأمرهم سهل، نوعًا ما، إذ يتم تحديد نسبة معينة في كل منطقة أو محافظة، تتناسب وحجم السكان، وكذلك التنمية فيها، وتأخذ في الوقت نفسه بعين الاعتبار، الوضع الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة.. فمن أولى أولويات العدالة النظر إلى هذه المعايير، عند وضع «الاستثناءات». ثم يجب أن تأخذ «الاستثناءات» بعين الاعتبار الكثافة السكانية في كل محافظة من محافظات المملكة، فليس من العدل أن يتم هضم حقوق طلبة لمجرد أنهم يقطنون في العاصمة أو محافظات متقدمة على أخرى، اقتصاديًا وتنمويًا.. لكن وفي الوقت نفسه يتوجب أن تكون تلك الاستثناءات غير مبالغ بها، ناهيك عن ضرورة اعتمادها على النسبة والتناسب. فعلى سبيل المثال، ليس من العدل أن يتم تخصيص مقعد طب واحد كبعثة للعاصمة، التي يبلغ عديد سكانها أكثر من 4.5 مليون نسمة، للحاصل على الأول في امتحان «التوجيهي»، وبالمقابل يحصل أيضًا الأول في محافظة ما، لا يتجاوز عدد قاطنيها 165 ألف نسمة، على مقعد طب كبعثة!. عدلًا، أن يحصل الأول على كل محافظة على مقعد طب كبعثة، لكن ليس عدلًا، عندما تكون الفجوة بسكان محافظات المملكة كبيرة، فلماذا لا تكون هناك بعثة مثلًا لكل 500 ألف نسمة، وبذلك نضمن العدالة على أقل تقدير.اضافة اعلان