العروبة جزء من الحكومة

هآرتس

بقلم: غيداء ريناوي الزعبي

اضافة اعلان

احيانا الكلمات تصنع الفرق. واحيانا يبدو أنه في كل ما يتعلق بأعضاء الائتلاف الحالي فان سلوكهم يخلق كل أنواع الكلمات في الخطاب السياسي (حتى في وسائل إعلام كثيرة)، وهذه الكلمات تتم ملاءمتها مع هوية من قالوها.
على سبيل المثال، "زيادة رئيس الاركان" – هي شرعنة بأثر رجعي لتوزيع مليار ونصف شيكل للمتسرحين من الجيش الإسرائيلي في كل سنة. عندما جاءت المطالبة بالمصادقة على هذه الزيادة من وزير الدفاع بني غانت فانها تعرض دائما كأمر يروج له أو يدفع به قدما وزير الدفاع – كلمات محترمة وتثير الاحترام. هكذا ايضا وزيرة الداخلية اييلت شكيد التي "ستطرح للتصويت" قانون المواطنة. أو وزير البناء والاسكان، زئيف الكين، الذي "سيصادق" على المزيد من البناء في المستوطنات.
ولكن الى جانب "الائتلاف الفوقي" يوجد ايضا "الائتلاف السفلي"، أي الائتلاف الذي لا يطالب، بل "يضغط" أو "يبتز". يبتز باقي الائتلاف من اجل وقف التشجير في اراضي خاصة في النقب، يضغط من أجل وقف سن قانون المواطنة. وليس بالصدفة أن "الائتلاف السفلي" هو عربي بشكل عام.
"رئيس الحكومة الحقيقي هو منصور عباس"، يكرر أعضاء دعاية اليمين البيبي، وفعليا هم يقولون "العرب يحكمون" – نداء الحرب الثابت للبيبيين منذ "بيبي أو الطيبي" وحتى الآن. هذه الرؤية التي لا تعطي الشرعية لطلبات المجتمع العربي ومن يمثلونه، ليست من نصيب رجال الدعاية فقط. طلب عباس سيكون دائما مشروع بدرجة أقل من طلب افيغدور ليبرمان أو طلب غانتس أو ميراف ميخائيلي. لماذا؟ لأنه للكثير من الإسرائيليين، وليس فقط لمؤيدي اليمين، ما يزال من الصعب قبول واقع فيه أيضا عرب يجلسون في السلطة وفي الائتلاف. وما يزالون يجدون صعوبة ايضا في أن هناك عرب يقدمون طلبات، بعضها يتم قبوله. يصعب عليهم استيعاب أن اعضاء كنيست عرب يسمحون لانفسهم بالتصويت على مشاريع قوانين التي هي بالاساس تتعلق باليهود، بالضبط مثلما اعضاء كنيست يهود يصوتون على امور تتعلق بالمجتمع العربي. تصعب عليهم رؤيتنا بشر متساوون معهم.
ائتلافنا مهم. وطالما استمر فانه سيصبح مقبول اكثر وطبيعي اكثر، والفهم بأن اتخاذ القرارات في الدولة ليس في أيدي اليهود فقط. هكذا سينشأ "تطبيع للعروبة" في اتخاذ القرارات في كل اجزاء المجتمع في اسرائيل، من الحكومة والائتلاف وحتى المجتمع والاقتصاد. معظم الاطفال اليهود يقابلون عرب يعملون في دور السقائين والحطابين – عمال نظافة، عمال في مهن يدوية، أو في "محمية طبيعية" فيها مساواة مثل جهاز الصحة. دورنا هو تعويد هؤلاء الاطفال واهاليهم على واقع فيه يكون من الطبيعي تماما أن يكون المواطنون العرب ايضا وزراء ومدراء عامون وأن يستطيعوا تقديم طلبات واتخاذ قرارات بشأن مستقبل الدولة، بالضبط مثل اليهود.
في الأسبوع الماضي جربنا على جلودنا الاشكالية الكبيرة لهذا الائتلاف، عندما مر قانون المواطنة بالقراءة الأولى بمساعدة المعارضة، رغم معارضة حزب ميرتس والموحدة. ولكن رغم المشكلات، إلا أنه لا يمكن أن نأخذ من الائتلاف شيئا واحدا مهما وهو أنه يوجد فيه صوت عربي قوي ومؤثر. قانون المواطنة يوجد من العام 2003، لكن فقط في السنة الاخيرة، بتأخير 18 سنة، جرى نقاش في موضوعنا، وبدأوا يطرحون علامات استفهام. وهذا ما حدث ايضا فيما يتعلق بمعالجة الجريمة في الوسط العربي وتسوية وضع القرى العربية والقرى في النقب والمواضيع الاخرى. كل ذلك حدث لأنه أخيرا العروبة هي جزء من الحكومة، وايضا الشؤون العربية تطرح على جدول أعمالها. صحيح أنه ليس كل شيء يتقدم كما هو متوقع، وتوجد عقبات في الطريق، لكن الى جانب ذلك يتولد ببطء الادراك بأنه لا يمكن القفز عن المصالح العربية.
أحد المبادئ التي كانت موجودة في أساس اتفاقات السلام في شمال ايرلندا هو المساواة في التقدير، وهو مبدأ في أساسه الاعتراف بحقيقة أن المجتمعين القوميين المختلفان عن بعضهما يجب عليهما العيش معا، وأن الطريقة لفعل ذلك هي قبول الآخر. الاعتراف المتبادل والسماح بالتعبير عن تقاليد وتفرد كل واحد منهما. هكذا يجب أن تكون طريقتنا هنا أيضا، أن لا يتم التنكر للاختلاف، وأن كل شخص يجب عليه تقدير تقاليد واحتياجات زميله، وهكذا سيصبح لدينا فضاء فيه مساواة أكثر. يبدو أن هذه هي المهمة الأكثر أهمية للائتلاف والحكومة.