"العشر الأواخر" من رمضان.. اشتياق لطقوس مبهجة بالمساجد

تغريد السعايدة

عمان- تعود صلاة التراويح للمساجد لتنشر البهجة داخل المدن والأحياء، وتعيد لأجواء رمضان طقوسا مفرحة بأصوات المصلين الذين يؤدون الصلاة بعد انقطاع ما يقارب 20 يوما، وذلك ضمن إجراءات وقائية واحترازية للحد من عدوى كورونا.اضافة اعلان
ولطالما ارتبطت صلاة التراويح، وفي العشر الأواخر من رمضان تحديدا، بالاعتكاف وتحري ليلة القدر التي لها شأن كبير، وتنعكس أجواؤها على أطياف المجتمع كافة كبارا وصغارا، الذين اشتاقوا لأبواب المساجد ولعبادات ودعوات لا تتوقف حتى مطلع الفجر.
ومنذ اليوم الأول الذي أقرت فيه الحكومة إعادة إقامة الصلاة في المسجد، ضمن شروط وإجراءات محددة، تهافت المصلون الى المسجد لمعايشة الأجواء الروحانية، وفي صلاة الجماعة التي يتشارك الناس فيها الدعاء بأن تنتهي هذه الجائحة ويشفى المصابون، ويرحم من توفاهم الله.
وتقول عزه التميمي (ربة منزل) إنها شعرت بإحساس مختلف منذ اليوم الأول الذي بدأت فيه صلاة التراويح، إذ إن وجود مصلين في المساجد القريبة لأداء التراويح، له أجواء مختلفة ويضفي البهجة على شهر رمضان.
وكانت الحكومة قد قررت منذ إعلان شهر رمضان المبارك عن إجراءات احترازية وقائية، وكان لقرار وقف الصلاة في المساجد آثاره السلبية النفسية على المواطنين الذين انتظروا بشوق عودة صلاة التراويح ضمن شروط محددة خلال العشر الأواخر تحديدا.
وعلى الرغم من تخوفه من التواجد في أماكن فيها تجمعات للمواطنين، كونه حصل على جرعة واحدة من اللقاح، إلا أن الستيني ناصر عودة لم ينقطع عن أداء الصلاة في المسجد منذ اليوم الأول لعودتها في المساجد، معللا ذلك بكونه متشوقا للجلوس في المسجد برفقة سكان الحي، خاصة أن رمضان بات على أبواب الرحيل، وهذه فرصة لا تعوض يجب استغلالها كون هذه الأيام فيها ليلة القدر المباركة.
ويقول عودة إن صلاة التراويح لا تعني للناس فقط التعبد بالمسجد، بل إنها أحد طقوس الخير والمحبة في رمضان يعيشها الجيران والمصلون معاً، وأمست مرتبطة بعادات اجتماعية في الحي، فقد كانت الصلاة فرصة للدعاء معا "دعاء الجماعة"، كما أن بعض الأشخاص كانوا يستغلون تواجد المصلين في المسجد للمساعدة والأعمال الخيرية كما في توزيع المياه والتمور لكسب الأجر والثواب، عدا عن تنظيم مسابقات للأطفال وتقديم الجوائز لهم لحثهم على فعل الخير والعبادة في الوقت ذاته.
وذكر في العديد من المراجع والكتب الدينية الأهمية الكبيرة للصلاة والاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يعتكف المسجد والصلاة طيلة هذه الأيام الأخيرة من رمضان، ومن هنا استمد المسلمون اتباع السنة في الزيادة من الصلاة والعبادة وعمل الخير بكل أشكاله في هذه الفترة، ويتسابق فاعلو الخير لتقديم العون والمساعدة للمعوزين، طلبا للأجر والثواب المضاعف، ورسم الفرحة في بيوت المحتاجين قبل حلول عيد الفطر السعيد.
وزيادة على الأهمية الدينية لهذه الأيام المباركة، يقول الاستشاري والاختصاصي في علم الاجتماع الدكتور محمد جريبيع "إن القرار الذي اتخذته الحكومه بالسماح للمواطنين بممارسة طقوس رمضان من صلاة تراويح في الفترة الأخيرة كان له كبير الأثر في بث الفرح بقلوب المواطنين، تحديدا في العشر الأواخر على وجه التحديد".
ويبين جريبيع أن هذه الفترة الروحانية وخروج الناس للصلاة وبهذا "الشغف" لها أبعاد نفسية على المجتمع، حيث اشتاق الناس لهذا الجانب، ورفع من الحالة النفسية الإيجابية، خاصة في ظل الإجراءات المتبعة، والتي فرضت على الإنسان أن يكون معزولاً نوعاً ما عن كل هذه التفاصيل في رمضان، والخروج والاختلاط سيزيد الجانب الإيماني ويترك آثارا اجتماعية نفسية في ظل الحاجة للمواجهة بمناعة قوية ونفسية متفائلة.
وكان أستاذ الشريعة والفقة الدكتور منذر زيتون، قد لفت إلى أن العبادات للتقرب من الله في هذا الشهر الفضيل تتعدد ولها أشكال مختلفة ولا تقتصر فقط على الصلاة وبإمكان المسلم أن يحقق التوازن من خلال أعمال خيرية يقوم بها بحسب قدرته يمكن أن يحقق من خلالها كسب الأجر والتكافل المجتمعي مع الآخرين.
كما أوضح زيتون أنه من الممكن للصائمين أن يجدوا في العبادات والعادات الاجتماعية المحببة طريقهم لمضاعفة الأجر والثواب، حتى وإن أثرت أجواء الحظر والتباعد بأجواء الشهر المبارك. ومن العبادات التي يسهل الاستمرار بها في هذه الفترة الذكر والتسبيح والاستغفار، وقراءة القرآن الكريم ومعرفة أحكامه والاستفادة من العبر التي فيه، والدعوة إلى التسامح، الوفاء بالوعود، ونبذ البغضاء وصلة الرحم، هي أيضا عبادات ذات أجر كبير عند الله.