العطارة: مهنة تبيع الطب البديل للفقراء والأغنياء

أحد محال العطارة - (ارشيفية)
أحد محال العطارة - (ارشيفية)

حلا أبوتايه

عمان- تنتظر أم ناصر أمام محل العطارة لحين تأمين العطار لها المواد التي دونتها على ورقة.
ومن بين المواد التي طلبتها أم ناصر البردقوش والمليسة وغذاء ملكات النحل؛ إذ سمعت بالفوائد العظيمة لتلك المواد في تحسين النفسية والاسترخاء وتأخير الشيخوخة، ولتدفع أم ناصر للعطار ما يقارب 30 دينارا كلفة المواد التي اشترتها.اضافة اعلان
وتشير أم ناصر إلى أن المواد الطبيعية تعد آمنة ولا مضار منها، معبرة عن ذلك بقولها "إذا لم تنفع فإنها لن تضر".
وأثناء انتظار أم ناصر تواجدت فتاة عشرينية تسأل العطار عن خلطة لتبيض البشرة، ليجيبها على الفور بتوفر جميع الخلطات التي تحتاجها البشرة.
وطلبت الفتاة من العطار تزويدها بالخلطات التي تحسن من شكل البشرة وتبيضها لتدفع في النهاية للعطار خمسة عشر دينارا ثمن عبوتين من المرهم المصنوع من الاعشاب الطبية.
كذلك تواجد شاب عشريني يسأل العطار عن خلطة لعلاج الثعلبة فيقوم العطار بإعداد الوصفة التي تعالج مرض الثعلبة.
وتعد العطارة ملاذا للكثيرين من المواطنين الذين يئسوا من العلاج بالأدوية أو لا يرغبون بإدخال المواد الكيماوية إلى أجسادهم.
ولا يقتصر زبائن محال العطارة على الفقراء أو محدودي الدخل بل أصبحت تكسب شعبية واسعة لدى الأغنياء أيضا.
واصطفت سيارة بالشارع المقابل لمحل العطارة لتنزل منها سيدة ثلاثينية يتضح من هيئتها انتماءها للطبقة فوق المتوسطة، لتسأل العطار عن خلطة لتطويل الشعر؛ وإذ بالعطار يتجه إلى إحدى أزقة المحل ويتناول من أحد الرفوف عبوة من الزيت يدعى "زيت الحية" ليعطيها للزبونة بعد إخبارها بكيفية الاستخدام.
ويقول صاحب محل عطارة مشهور في مدينة إربد، محمد إسماعيل الظاهر بيبرس، إنه يقصد محله مواطنون من مختلف الفئات الاجتماعية والعمرية يطلبون منه وصفات مصنوعة من الأعشاب الطبيعية الطبية كل حسب حالته.
ويشير الظاهر بيبرس، والذي ورث من والده محل العطارة، إلى أنه يعتمد في وصفاته على الخبرة التي اكتسبها من والده إضافة إلى العلم والرجوع إلى بطون كتب الخوارزمي وابن سيناء.
ويلفت إلى أن محل العطارة والذي يعود إلى العام 1922 ما يزال يستقطب أعدادا كبيرة من الزبائن والمرضى إلى يومنا هذا.
ويطالب الظاهر بيبرس بوجود نقابة للعطارين تنظم مهنة العطارة وتمنع المتطاولين والدخلاء على تلك المهنة ممن يستغلون المواطنين فيصفون ويبيعون المواد بشكل عشوائي ودون دراسة.
يذكر أن العطارة تدرج اليوم تحت مسمى الطب البديل، إلا أنها كانت أصلاً طباً قديماً، جربها أجيال من الأجداد وتوارثها أبناء وأحفاد ومارسها أهلها، يعلّمها الجد لابنه، ويأخذها الابن من الأب في سلسلة من التجارب وثقة من المجرب.
ومعظم أصول العطارة وموادها كانت شرقية هندية صينية أو إيرانية فارسية ومنها ما هو مصري أو مغربي.
ولعل تركزها في هذه المناطق يعود لطبيعة العمق التجريبي عند شعوب الشرق من جهة، ولما أعطى الله تلك البلاد من خيرات الأرض من بذور وبهارات وأعشاب.
ورغم أن مواد العطارة عمت الأرض وتعرّف عليها حتى الغرب، إلا أنها ما تزال في مواطنها الأصلية تزرع ومنها تصدر.