العطلة الصيفية و"كورونا".. بدائل ترفيهية يعوض بها الآباء "ضجر" الأبناء

figuur-i
figuur-i

تغريد السعايدة

عمان- استجابت ربة المنزل فاطمة لنصيحة إحدى صديقاتها ببدء البحث عن مواقع عبر الإنترنت تقدم أنشطة بيتية متنوعة للأطفال، فهنالك العديد من المواقع الترفيهية التي تنشر مقترحات لأولياء الأمور حول كيفية قضاء العطلة الصيفية باتباع نشاطات وهوايات بيتية يمكن تنفيذها بأقل التكاليف.اضافة اعلان
فبعد عطلة "عامة" طويلة فرضتها اجراءات وقائية للحد من انتشار وباء "كورونا"، يستعد طلاب المدارس لبدء العطلة الصيفية، التي ينتظرها الطلبة والاهل طوال العام لقضاء أوقات ممتعة، ففي السابق كانت الحلول بتنظيم الرحلات والتجمعات العائلية، او الانضمام لنواد ومخيمات صيفية.
تقول فاطمة عبيد، إنها لا تتوانى عن ارسال ابنتيها في كل عطلة صيفية الى النادي الصيفي الذي تنظمه احدى الجمعيات في القرية التي تقطنها، التي تقدم مجموعة من الانشطة الترفيهية والتعليمية في الوقت ذاته، كما في تنظيم الرحلات ودروس التقوية، بمعدل ثلاثة ايام في الاسبوع.
هذه الايام الثلاثة، تصفها فاطمة بانها كانت كفيلة باستغلال العطلة بشكل ايجابي، خاصة وانها مقابل رسوم مالية رمزية، الا أنها في هذه العطلة، لن تكون قادرة على ذلك؛ حيث لا وجود للأنشطة، كما قررت الجمعية، حفاظاً على سلامة الاطفال وذويهم والتزاماً بالشروط الصحية.
بيد أن هذه العطلة التي تستمر لغاية بداية ايلول (سبتمبر) المقبل، مختلفة التفاصيل هذا العام؛ اذ إن اجراءات الحظر والوقاية المُتبعة لغاية هذه اللحظة، تقف حائلاً لفتح النوادي الصيفية سواء في المراكز الخاصة او الرسمية، وحتى ممارسة الأنشطة في الاماكن المفتوحة ونقاط التجمع، كما في الحدائق او مراكز اللعب والترفيه، وحتى النوادي الرياضية التي من شانها استقطاب الاف الطلبة في العطلة، كما في تدريب كرة القدم او الدفاع عن النفس، وغيرها من الانشطة.
هذا الحال، دفع أولياء الأمور الى التفكير ملياً في ايجاد طرق بديلة ومتاحة لهم، في ظل تقييد التحركات والتجمعات، ليكون البيت، وحديقته، ان وجدت، المكان الامثل لممارسة الهوايات، واكتشاف مهارات جديدة، وتعويد الابناء عليها، علها تكون وسيلة للتسلية وامضاء بعض الوقت بدون ملل.
واتفقت العديد من الامهات، بقولهن "مارست مع أبنائي عشرات الانشطة الترفيهية واللعب خلال فترة الحظر، على امل أن تكون النوادي والجمعيات متاحة في العطلة الصيفية"، ومنهن امال علي، وهي ام لاربعة ابناء ذكور، في المرحلة الأساسية، واعتادت في كل عطلة صيفية تسجيلهم في احد النوادي الرياضية المخصصة لتدريب كرة القدم؛ إذ يمضون ساعات ممتعة، ثم يعودون للبيت وقد "فرغوا طاقتهم"، على حد تعبيرها.
وتقول امال إنها خلال الحظر، وخاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، كانت تقسم الوقت في متابعة ابنائها لدروسهم، وجزء مخصص للعب في حديقة المنزل، ومشاركتهم بعض الانشطة، كونها ايضاً توقفت عن العمل تماشياً مع اجراءات الحظر، وما يزيد حيرتها الان هو عودتها للعمل في موسستها خلال أيام، ولن يكون بمقدورها ايجاد بدائل ترفيهية لابنائها.
وما يثير قلق الاهل هو اقبال الاطفال على الالعاب الالكترونية بشكل مضاعف، في حال اضطروا للبقاء في البيت لساعات طوال بدون الخروج لممارسة اي نشاط بدني وترفيهي، كما اعتادوا في السابق، فمنهم من ينتظر تلك العطلة لتعلم السباحة، وآخرون لتطوير قدراتهم التعليمية عبر الانشطة اللامنهجية، وهو ما دفع تربويين واسريين لتقديم النصح والارشاد للاهل في كيفية احتواء الابناء في العطلة المرتقبة.
التربوية الدكتورة انتصار ابو شريعة، تقول لـ"الغد"، إنه ومع نهاية عام دراسي سيبدا اولياء الامور بالتفكير من جديد بعطلة طويلة مستمرة ابتدات مع بداية الازمة الكورونية العالمية، حين وجد الآباء والامهات انفسهم وجها لوجه امام مهمة صعبة في ان يتحولوا بين عشية وضحاها من مربين الى معلمين ايضا، يلتقون عن بعد عبر منصات الكترونية فرضها الواقع الجديد، وتم تبادل الادوار بصورة مفاجئة، لتكون بالفعل مرحلة عصيبة، وتتمثل حقيقة مقولة أن التعليم مسوولية مجتمعية.
ومع تجاوز هذه المرحلة بمستجداتها، لياتي القادم وبدء العطلة الصيفية حتما سيكون اكثر صعوبة، كما تعتقد ابو شريعة، وسيعود اولياء الامور مرة اخرى للتفكير بقلق في كيفية استثمار هذه العطلة بما يعود بالفائدة والمتعة على ابنائهم مع عودة البعض منهم الى اعمالهم، وسيكون أبناوهم امام التقنيات الحديثة التي تعودوا على استخدامها جيدا في الاونة الاخيرة بدون رقابة اسرية.
وهنا يكمن التساول فيمن سيمارس الدور التوجيهي أو الرقابي على هذه التكنولوجيا اثناء بقاء الابناء وحدهم أمام الاجهزة الذكية التي الفوا استخدامها، وفي ظل غياب المراكز الثقافية والترفيهية ايضا، بحسب ابو شريعة.
وتضيف، من خلال خبرتها في مجال القطاع التربوي لما يزيد على ثلاثة عقود، ان ابرز ما يمكن ان توصي به هو "التركيز على غرس الوازع الديني والاخلاقي الذي سيعمل على ايجاد الرقابة الذاتية لدى الابناء، وفتح قنوات الحوار الايجابي والتوافق فيما بينهم على قواعد سلوكية يلتزم بها الابناء اثناء فترة الغياب، اضافة الى قيام الاهل وبالشراكة مع الابناء بعمل برنامج زمني محدد بالفعاليات التي يجب الالتزام بها خلال العطلة".
هذا الامر لا يمنع كذلك من وجود اوقات التواصل الالكتروني وتحديد مضمونه ولا باس من وضع وقت محدد للترفيه واللعب، كما على الاهل العمل على تفعيل المكتبة البيتية في ادراج المطالعة الذاتية ضمن البرنامج الأسبوعي ايضا، بحسب توصيات ابو شريعة، على ان يتضمن هذا البرنامج مختلف الفعاليات والانشطة الثقافية والاجتماعية والعلمية والرياضية والترفيهية.
وتتابع "ولا بد للاهل من الاستفادة من المنصات التعليمية التي تتوافر على مختلف المواقع الالكترونية لضمان استمرارية التعليم والتعلم؛ حيث إن هذه المنصات لا تتخصص فقط بالمنهاج بل تشتمل على برامج تدريبية وتثقيفية وترفيهية لمجالات عدة".
وتعتقد ابو شريعة ان توجه مواقع ومراكز تعليمية عدة على طرح برامج التعلم عن بعد خلال العطلة، ومن هنا تدعو أولياء الامور الى البدء بترتيب الشان الداخلي في كيفية اشغال هذه العطلة الطويلة والاستفادة من تجربة التعليم عن بعد لملء أوقات ابنايهم بما هو مفيد.
وتتابع أبو شريعة "فالامر ليس صعبا، ولن يكون مقلقا إذا أحسن اولياء الامور ترتيب وتنظيم الوقت والمحتوى، اخذين بعين الاعتبار ميول ابنائهم ورغباتهم وقدراتهم، مع تاكيد اهمية تواصل التعليم للطلبة في مرحلة التاسيس، كونها مرحلة تعتمد على بناء المهارات التراكمية وذلك بوضع جدول مراجعات للمواد الاساسية (اللغة العربية واللغة الانجليزية والرياضيات) يشرف عليها الاهل بالاستعانة بالمنصات والبرامج التعليمية".
الأخصائية الاسرية والاجتماعية الدكتورة سناء أبو ليل تتفق مع ابو شريعة على اهمية ان يتلمس الاهل مواهب الابناء على اختلافها، اليدوية والعقلية وتنميه المهارات الموجودة، سواء بالرسم أو القراءة أو الكتابة، وتنمية المهارات الرياضية والتخفيف من الكماليات الموجودة داخل المنزل على حساب الالعاب، وهذا يودي الى عدم تفريغ الطاقة التي يتمتع بها الاطفال.
وتوكد ابو ليل اهمية تفويض بعض المسووليات التي تشغل الوقت للأبناء، مع نوع من المتعة، وذلك بمراعاة الرغبات لديهم، فمنهم من يحب اعمال المطبخ وترتيب المنزل، والبعض يحب العمل في حديقة المنزل، فيما اخرون يقبلون على ممارسة الثقافة عن بعد بالدخول على المواقع الثرية بالمعلومات، وعلى الاهل استغلال قدرة الاطفال على استخدام الاجهزة الذكية في ذلك، ولا ينفي ذلك التوجه للالعاب اليدوية التي تنمي المهارات والتفكير.