العلاج الأمثل لمرضى ارتفاع ضغط الدم

اتباع نظام غذائي صحي يساعد على تقليل ضغط الدم الانقباضي بمعدل 8-14 ملمترا زئبقيا- (أرشيفية)
اتباع نظام غذائي صحي يساعد على تقليل ضغط الدم الانقباضي بمعدل 8-14 ملمترا زئبقيا- (أرشيفية)

عمان- يعد مرض ارتفاع ضغط من الأمراض المنتشرة في المجتمع الأردني، ورغم عدم وجود أعراض تصاحب المرض عند معظم المرضى، إلا أن عدم علاج المرض سوف يؤدي إلى مضاعفات خطيرة على المدى البعيد، مثل الجلطات والذبحات الصدرية وتصلب الشرايين وتضخم القلب وغيرها الكثير.اضافة اعلان
يعتمد العلاج الأمثل لضغط الدم المرتفع على أسلوبين رئيسيين، ويجب استخدامهما معاً للحصول على أفضل النتائج العلاجية فأحدهما لا يغني عن الآخر:
أولاً- العلاج الدوائي: يوجد العديد من الأدوية لعلاج ارتفاع الضغط، لكل منها طريقة عمل وخصائص وأعراض جانبية مختلفة، لذلك يعتمد اختيار الدواء الأمثل على حالة كل مريض والأمراض التي يعاني منها، وتجدر الإشارة إلى أن المريض سيحتاج إلى استخدام دواءين أو أكثر للعلاج إذا كان ضغط الدم لديه أكثر أو يساوي 160/100 ملليمتر زئبقي، نذكر من هذه الأدوية:
1. مدرات البول من مجموعة الثيازيد (Thiazide Diuretics): تعد من الأدوية الرئيسية التي يمكن استخدامها كخيار أول للعلاج خاصة في حالات ارتفاع الضغط، ويفضل تناول هذه الأدوية في ساعات الصباح لتجنب الذهاب المتكرر لدورة المياة أثناء النوم، وإذا تتطلب أخذ حبتين في اليوم يمكن تناول الحبة الثانية بعد العصر أو قبل حلول المساء. من الأمثلة على هذه الأدوية: (Hydrochorothiazide, Indapamide, Chlorothalidone, Metalozone).
2. مثبطات الانزيم المحول للأنجيوتنسين الثاني (ACE Inhibitors): تعد أيضاً من الأدوية الرئيسية التي تستخدم كخيار أول في العلاج، ولها فوائد أخرى علاوةً على تخفيض ضغط الدم فهي تحمي القلب والكلى وتقلل من تطور أي مرض فيهما، لذلك يجب أن تكون أحد الأدوية المستخدمة لعلاج ارتفاع ضغط الدم عند الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري أو قصور وظائف الكلى أو ضعف عضلة القلب أو وجود تاريخ مرضي بالجلطات الدماغية أو الذبحات الصدرية. والجدير بالذكر أن هذه الأدوية قد تسبب حدوث سعال جاف عند بعض المرضى، كما قد تحدث ارتفاعا في مستوى البوتاسيوم والكرياتنين في الجسم، لذلك يجب إجراء فحص لمستوى البوتاسيوم ووظائف الكلى قبل البدء بالعلاج وبشكل دوري بعد ذلك حسب إرشادات الطبيب. من الأمثلة على هذه الأدوية: (Lisinopril, Enalapril, Ramipril) وغيرها.
3. محصرات مستقبلات الأنجيوتنسن (Angiotensin Receptor Blocker): تشبه هذه العائلة من الأدوية العائلة السابقة في فعاليتها وفوائدها، لذلك يمكن استخدامها كخيار ثانوي في حال تعذر استخدام مثبطات الانزيم المحول للأنجيوتنسين الثاني بسبب حدوث السعال أو غيره، حيث تحدث هذه الأدوية السعال بنسبة أقل بكثير، وبسبب غلاء سعرها يفضل استخدامها كخيار ثانوي بعد تجربة مثبطات الانزيم المحول للأنجيوتنسين. تسبب هذه الأدوية أيضاً ارتفاعا في مستوى البوتاسيوم والكرياتنين في الجسم، لذلك يجب إجراء فحص لمستوى البوتاسيوم ولوظائف الكلى قبل البدء بالعلاج وبشكل دوري بعد ذلك حسب إرشادات الطبيب. من الأمثلة على هذه الأدوية: (Valsartan, Candesartan, Losartan) وغيرها.
4. محصرات قنوات الكالسيوم (Calcium Channel Blockers): تعد أيضاً من الأدوية التي تستخدم كخيار أول في العلاج، وخصوصاً إذا كان المريض لا يعاني من أي أمراض أخرى، وأيضاً يفضل استخدامه عند كبار السن. تنقسم هذه العائلة من الأدوية إلى قسمين يختلفان في آلية عملهما والأعراض الجانبية التي يحدثانها، بعض هذه الأدوية قد تسبب الإمساك أو تباطؤا في ضربات القلب مثل (Verapamil, Diltiazem)، وبعضها يعمل على توسيع الشرايين والأوردة ويسبب زيادة في ضربات القلب أو انخفاضا في الضغط أو تجمع سوائل في القدمين، مثل : ((Amlodipine, Felodipine, Nifedipine.
5. محصرات مستقبلات بيتا (Beta blockers): لا تعد من الأدوية التي تستخدم كخيار أول في العلاج، لذلك يمكن استخدامها مع الأدوية السابقة إذا كانت غير كافية للسيطرة على ضغط الدم. في المقابل تصبح هذه الأدوية خيارا أول في العلاج ويجب استخدامها إذا كان المريض يعاني من ضعف في عضلة القلب أو تصلب في الشرايين التاجية أو لديه تاريخ للإصابة بالذبحات الصدرية، وذلك بسبب قدرة هذه الأدوية على التخفيض من ضربات القلب وكمية الأكسجين التي يحتاجها، وبالتالي إراحة القلب ومنع حدوث تغيرات غير طبيعية في تركيبته أو حدوث تضخم في عضلة القلب. قد تسبب هذه الأدوية تباطؤ ضربات القلب، أو دوخة، أو برودة في الأطراف، ولا يجوز التوقف عن أخذها بشكل مفاجئ، فهذا يؤدي إلى ارتفاع كبير ومفاجئ في ضغط الدم قد يؤدي إلى حدوث ذبحة صدرية أو جلطة دماغية وقد تكون مميتة في بعض الأحيان. من الأمثلة على هذه الأدوية: (Atenolol, Metoprolol, Bisoprolol) وغيرها.
بهذا نكون قد ذكرنا أهم الأدوية المستخدمة في علاج ضغط الدم المرتفع، ولكن الأدوية المتاحة لا تقتصر عليها فقط، فهناك العديد من الأدوية الأخرى التي يمكن استخدامها في حالات معينة حسب ما يراه الطبيب مناسباً. من أهم النصائح التي نوجهها لمرضى ارتفاع الضغط أن الأدوية المستخدمة في العلاج بأنواعها كافة قد تسبب انخفاضا في ضغط الدم، لذلك يتوجب على المريض أن يتحرك ببطء وأن لا يغير من وضعية الجسم بشكل مفاجئ حتى لا تشعر بالدوخة أو عدم القدرة على التوازن، فمثلاً يجب النهوض من النوم بالجلوس على السرير قليلاً، ومن ثم النهوض بشكل كامل، وكذلك الأمر عند الانتقال من وضعية الجلوس إلى وضعية القيام.
ثانياً- العلاج غير الدوائي: يشتمل على تغيير نمط الحياة واتباع نظام غذائي صحي وتجنب الممارسات الخاطئة التي تعمل على رفع ضغط الدم. ويجدر الذكر أن هذا النوع من العلاج لا يعد كافياً للسيطرة على المرض وإنما يساعد على تخفيض ضغط الدم والتقليل من عدد الأدوية اللازمة للعلاج. أما في علاج حالة ما قبل ارتفاع الضغط، فمن الممكن الاعتماد على العلاج غير الدوائي للسيطرة على ضغط الدم ومنع تطوره إلى مرض ارتفاع الضغط بدون الحاجة لتناول الأدوية. من الممارسات الصحية والنظام الغذائي الذي يجب اتباعه لعلاج مرض ارتفاع الضغط، نذكر ما يلي:
1. الحد من كميات الصوديوم المستهلكة، عن طريق التقليل من تناول ملح الطعام (صوديوم كلورايد)؛ حيث إن الكمية الكلية المسموح بتناولها يجب أن لا تتجاوز 3.8 غرام في اليوم، والالتزام بهذا الحد يقلل ضغط الدم الانقباضي بمعدل 2-8 ملليمترات زئبقية. لذلك ينصح بعدم إضافة الملح بشكل مبالغ فيه على الأكل، والابتعاد عن تناول المنتجات الغذائية الغنية بالصوديوم كالوجبات السريعة والجاهزة والصلصات والماجي والمعلبات والمنتجات المحفوظة والجبنة البيضاء والشنينة والمخللات والشيبس والبسكويت المملح والمكسرات وغيرها. وينصح دائماً بقراءة مكونات أي منتج غذائي قبل تناوله لمعرفة كمية الصوديوم الموجودة فيه، والانتباه أيضاً لمكونات أي دواء يتم استخدامه، فبعض الأدوية تحتوي على الصوديوم ويفضل تجنبها أو استخدام بديل لها بعد استشارة الطبيب.
2. اتباع نظام غذائي صحي، فهذا يساعد على تقليل ضغط الدم الانقباضي بمعدل 8-14 ملليمترا زئبقيا. يقصد بالغذاء الصحي الإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالألياف كالخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة ومشتقات الحليب قليلة الدسم، وفي الوقت نفسه ينصح بالتقليل من الأطعمة الدسمة والغنية بالدهون والكولسترول.
3. التقليل من الوزن الزائد، فحتى فقدان 2-3 كيلوغرامات من الوزن سيساعد على تخفيض ضغط الدم المرتفع، وتبين أيضاً أن فقدان كل 10 كيلوغرامات من الوزن سيعمل على تخفيض ضغط الدم الانقباضي بمعدل 5-20 ملليمترا زئبقيا.
4. ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم، فهي تساعد على تخفيض الضغط والتقليل من الوزن أيضاً، ويفضل عمل التمارين الهوائية كالمشي أو الجري أو السباحة أو ركوب الدراجة الهوائية لمدة لا تقل عن 30 دقيقة يومياً، وهي ستساعد على تخفيض ضغط الدم الانقباضي بمعدل 4-9 ملليمترات زئبقية.
5. الإقلاع عن التدخين وشرب السجائر أو الأرجيلة، فهي تحتوى على مواد ضارة ومسرطنة، وتزيد من احتمالية حدوث المضاعفات التي قد يسببها مرض ارتفاع الضغط كأمراض القلب وتصلب الشرايين. ويجدر بالذكر أن هناك العديد من الوسائل والأدوية المتاحة لمساعدة المدخن على ترك السجائر، ومن الممكن مراجعة أحد المراكز الصحية لطلب المساعدة.
6. الامتناع عن شرب الكحول، وتجنب بعض المأكولات أو المشروبات التي قد تزيد من ارتفاع ضغط الدم؛ كالقهوة والشاي والنسكافيه والكاكاو، فجميعها تحتوي على مادة الكافيين التي تزيد من ضغط الدم. كما ينصح بعدم تناول شراب العرق سوس الذي يعمل على رفع ضغط الدم أيضاً.
ومن ناحية أخرى، يمكن للمريض تناول 2-3 فصوص من الثوم الطازج يومياً أو شراء أحد منتجاته من الصيدليات، فبعض الدراسات أظهرت أن للثوم فوائد عدة في التقليل من ضغط الدم والكولسترول وغيرها.
7. تجنب المواقف والأماكن والحالات التي قد تسبب التوتر أو القلق أو الخوف للمريض، كما ينصح بعمل تمارين الارتخاء كالتنفس بشكل عميق وبطيء وغيرها، والحصول على كمية كافية من النوم والراحة.
8. مراجعة الطبيب بشكل متكرر، للاطمئنان على حالة المريض وفحص ضغطه وإجراء الفحوصات المخبرية اللازمة لاكتشاف حدوث أي مضاعفات للمرض أو أعراض جانبية للأدوية وإجراء التعديلات اللازمة تحت إشراف الطبيب.

إعداد: رؤى وليد جرادات/ دكتور صيدلة
إشراف: د. زينب يحيى الصبح
قسم الصيدلة السريرية
حملة "دكتور صيدلة نحو رعاية صيدلانية مثلى"
جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
[email protected]