العلاج الدوائي النفسي يسبب الإدمان.. حقيقة أم إشاعة؟

عمان- الأدوية النفسية لا تسبب الإدمان، بدليل أنها تستعمل في البروتوكولات العلاجية لحالات الإدمان المختلفة، وقد أثبتت الدراسات فاعلية مضادات الاكتئاب والذهان والبنزديازبين في علاج الأعراض الانسحابية؛ حيث إنها تستعمل لفترات قصيرة حتى اختفاء هذه الأعراض. هناك بعض أنواع العلاجات التي تستعمل بالطب النفسي تؤدي الى الإدمان إذا ما تم إساءة استعمالها، مثل مشتقات البنزوديازبين والترامال والمنشطات مثل مادة الميثيل فنيديت والجبابنتبن وبريجابالين. هذه الأنواع تكتب على وصفات حمراء ومقيدة وبإشراف طبي ولفترات محدودة، وإذا كانت فترة العلاج طويلة تعطى ضمن جرعات محددة وبإشراف طبي وحسب التوصيات الدوائية المعتمدة عالميا. ولكن، للأسف، يسيء البعض استعمال هذه الأنواع ويسعى للحصول عليها بطرق غير شرعية للوصول الى حالة من النشاط الزائد والسهر لفترات طويلة والتهدئة والعيش برحلة من الخيال والأحلام، وتستعمل من قبل هؤلاء بجرعات عالية، وبشكل متواصل وتؤدي الى الإدمان وظهور أعراض وأمراض نفسية ذهانية أو اضطرابات مزاجية أو حالة من الهوس عند العديد ممن يستعملون هذه المواد، وكل هذا أدى الى انتشار سوء الفهم عن ماهية العلاجات النفسية وأنها سبب الإدمان والأمراض النفسية. بعض الأمراض النفسية مثل الفصام العقلي واضطراب ثنائي القطب تحتاج الى العلاج لسنوات طويلة، وبناء على ذلك يعتقد الجمهور أن سبب استمرار المرضى على الدواء أو عدم تحسن المريض هو الإدمان على الأدوية النفسية، وللأسف ينسى الناس أن العديد من الأمراض الباطنية الأخرى مثل أمراض القلب والسكري والضغط تحتاج لعلاجات مدى الحياة وينتج عنها أعراض جانبية عديدة وعدد من المرضى لا يتحسن حتى مع العلاج وتتدهور حالته الصحية ولا أحد يقول إن هذا الدواء هو السبب. إن بعض الأمراض النفسية مثل الرهاب ونوبات الفزع ونوبة الاكتئاب، تحتاج الى علاج لفترة محدودة، وللأسف بعض المرضى يقررون وقف العلاج وحده فتحدث الانتكاسة ونوبات أخرى جديدة أصعب، والكل يقول إن الدواء النفسي هو السبب، متناسين أن السبب هو المريض أو الأهل الذين نصحوه بوقف العلاج الدوائي دون إشراف طبي، وللعلم هذا ممكن الحدوث في أي مرض آخر غير نفسي، وذلك بتوقيف العلاجات دون إشراف طبي. العاملون بقطاع الصحة النفسية، ونسبة من الأطباء لا يقدمون الإرشاد والتوعية اللازمة حول الأدوية النفسية، ومتى يبدأ التحسن عليها وطريقة تعاملهم معها، ما يؤدي الى ارتفاع نسبة حصول الأعراض الجانبية وحالات النعاس والارتخاء مع استعمال الأدوية النفسية والمنومة والعلاجات المنشطة أحيانا وبجرعات عالية من البداية، لاعتقادهم الخاطئ أن المريض سوف يتحسن بسرعة، علما أن الأدوية النفسية لمعالجة الاكتئاب والقلق والذهان والاضطراب الوجداني تحتاج فعليا الى أربعة أسابيع من أجل ظهور تقدم. وصمة المرض النفسي، تلعب دوراً مهماً في ظهور هذه الأفكار المغلوطة عن الأدوية النفسية، وهنا يبدأ دور العاملين في مجال الصحة لتوعية المواطن وتغير اتجاه الناس نحو الطب النفسي والأدوية، وإعطاء النصيحة المثلى. إيقاف الدواء النفسي يحتاج لإشراف طبي مثل أي دواء لأي مرض آخر حتى لا تحدث الانتكاسات سواء في المرض النفسي أو أي مرض آخر. أمجد الجميعان لواء طبيب متقاعد / مستشار أول طب نفسي دكتوراه تخصصية طب نفسية أطفال وأحداثاضافة اعلان