العلاقات الإسرائيلية الأميركية تتدهور بوتيرة سريعة

العلاقات الإسرائيلية الأميركية تتدهور بوتيرة سريعة
العلاقات الإسرائيلية الأميركية تتدهور بوتيرة سريعة

7-6

بن كاسبيت

معاريف

يتواصل التدهور في العلاقات الإسرائيلية – الأميركية بوتيرة سريعة. وكانت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون قالت في نهاية الأسبوع إن "لا اتفاق على استمرار توسيع المستوطنات". وقد كانت كلينتون محقة. فلا يوجد اتفاق كهذا، ولم يتم ولن يتم التوصل إلى اتفاق من هذا النوع أيضا. لكن الموضوع هو ليس مضمون أقوالها، بل النبرة وطريقة إعلان الموقف. كان يمكن أن يصبح قول كهذا من كلينتون عنوانا رئيسا. أما اليوم، فهو ينضم إلى مجموعة كبيرة من الأقوال الواضحة التي يطلقها كبار رجالات إدارة اوباما ضد إسرائيل في الأسابيع الأخيرة.

اضافة اعلان

الآن يتبين أن مصدرا أمنيا أميركيا كبيرا للغاية، قال لمحادثيه في حوار مغلق جرى في واشنطن مؤخرا: "إذا لم يفهم نتنياهو بان واشنطن تغيرت، فسيكون هذا خطأ جسيما جدا من ناحيته". وقال مصدر أميركي آخر، مقرب جدا من الرئيس اوباما، في ذات المناسبة إن "واشنطن ستتحدث من الآن فصاعدا بصوت واحد. لن تكون هناك استثناءات".

التفاهمات الشفوية

في هذه الأثناء يتركز الجهد على التفاهمات التي كانت أو لم تكن، من عهد اريل شارون ودوف فايسغلاس بالنسبة للمستوطنات. ويعترف فايسغلاس نفسه بأن بعضا من هذه التفاهمات تحققت شفويا، وليس واضحا ما إذا كانت تلزم الإدارة الحالية. ويقول فايسغلاس أنه يحتمل أن يكون الأميركيون أرادوا إعطاء شارون تسهيلات في فترة فك الارتباط ولهذا وافقوا، في مرحلة معينة، بأن يكون هناك أيضا بناء خارج خط البناء القائم في المستوطنات. وقد كان هناك شرطان لهذه الموافقة: أن تكون في حالات خاصة وان يثبت بأن الحديث يدور عن بناء ضروري لتلك المستوطنة بشكل حقيقي. وكان ينبغي أن يحصل كل مشروع من هذا النوع على موافقة أميركية مسبقة.

وحسب رجال ايهود اولمرت، فان هذه التفاهمات استمرت في عهد أولمرت أيضا. ولكن الأميركيين غير معنيين الآن بمنح امتيازات لنتنياهو بعد أن تبين لهم بانه لا يلتزم بخريطة الطريق ولا يعلن بالفم المليء عن تأييده لمبدأ الدولتين (رغم أنه في المحادثات الداخلية التي أجراها مع اوباما قال صراحة إن دولة فلسطينية ستقام في نهاية المطاف). وعليه، فلا يوجد ما يبرر أن يعترفوا بالتفاهمات التي كانت شفوية.

التفاهمات الخطية

ماذا بالنسبة للتفاهمات الخطية؟ هنا، الأمور واضحة أكثر بقليل. من رسالة دوف فايسغلاس لمستشارة الأمن القومي في حينه كونداليزا رايس، والتي أصبحت ملحقا لخريطة الطريق ورسائل الرئيس بوش، بما في ذلك البند الصريح المحدد كبند "الزيادة في المستوطنات" وتقرر فيه أن تشكل إسرائيل والولايات المتحدة فريقا مشتركا يرسم خطوط التحديد للمستوطنات القائمة. يقول فايسغلاس إنه تم في تلك المرحلة، بناء على طلب الأميركيين شطب تعبير "زيادة طبيعية"، واستبدل بمفهوم "خط البناء القائم".

ويثبت هذا البند أنه اتفق بين الدولتين على أن البناء يمكن أن يتواصل في نطاق المساحة القائمة للمستوطنات، الأمر الذي لا يستوجب مصادرة ارض فلسطينية أخرى. وقد ضمت الطواقم التي تشكلت لتحديد خط البناء الخارجي للمستوطنات السفير الأميركي دان كيرتسر ورجاله، باروخ شبيغل الذي عين في المنصب من قبل وزارة الحرب وفريقه. لكن المشكلة هي أن خطوط البناء للمستوطنات لم تتحدد على الأرض أبدا.

وحسب فايسغلاس فإنه تم الاتفاق على هذا الموضوع في المداولات التي أجريت في القدس وفي واشنطن بمشاركة ايليوت ابرامز وستيف هيدلي، في 1 أيار(مايو) العام 2003 وفي 16 أيار(مايو) (لدى كونداليزا رايس نفسها). وتثبت ذلك محاضر المحادثات الموجودة في سجلات ديوان رئيس الوزراء. ويمكن تلخيص هذه المباحثات في مضمون رسالة فايسغلاس الى رايس بعد سنة من ذلك، وهناك نسخة من هذه الرسالة لدى كل طرف من الطرفين وقد نشرت رسميا. وبعد ذلك جاء دور التفاهمات الشفوية قبيل تطبيق فك الارتباط، وفي إطارها وافق الأميركيون على حل اللجام بعض الشيء والسماح في حالات خاصة بالبناء حتى خارج خط التحديد المذكور، شريطة أن يكون قريبا منه وبأحجام صغيرة.

المرحلة التالية

يسود في القدس الآن حرج كبير. فرئيس الوزراء نتنياهو ورجاله يجدون صعوبة في التصدي للمطالب الأميركية، من حيث حجمها، ونشرها والفظاظة التي تتضمنها. وليس لنتنياهو في هذه المرحلة أي علاقة حميمة مع الإدارة، ليس لديه من يبعثه إلى واشنطن ولا يوجد "خط ساخن" وسري بينه وبين الرئيس اوباما. وقد كانت أدوات عمل كهذه متوفرة لكل رؤساء الوزراء الذين سبقوه، ولكن السياسة التي انتهجها نتنياهو بعد تسلمه مهام منصبه خلقت عداء تجاهه في واشنطن، وكان صعبا عليه تغييره.

المرحلة التالية هي وصول المبعوث الخاص جورج ميتشل إلى إسرائيل، بعد نحو أسبوع تقريبا. وميتشل هو "الرجل الشرير" الحقيقي في هذه القضية، ويعتبر موضوع الاستيطان هو موضوعه الأكثر تركيزا منذ "تقرير ميتشيل" الذي أعده ورفعه في ذروة الانتفاضة الأخيرة. ومثلما سبق أن نشر هنا، سيكون لميتشل فريق مستقل وواسع ولن يكون مرتبطا بالسفارة في تل أبيب وسيكون احد نوابه الجنرال دايتون الذي ينكب على إقامة قوة عسكرية فلسطينية مدربة في السلطة الفلسطينية.

بنيامين نتنياهو، الذي حبذ تبديد فترة الرأفة الخاصة به في مباحثات "إعادة التقويم" عديمة المعنى، سيتعين عليه الآن أن يكون إبداعيا على نحو خاص إذا كان يريد استئناف الثقة بين إسرائيل والولايات المتحدة. وإحدى الإمكانيات التي تدرس بجدية هي الاعتراف العلني المتجدد لإسرائيل بخريطة الطريق. ومثل هذا الاقتراح طرحه على نتنياهو افيغدور ليبرمان وايهود باراك ونشر هنا مؤخرا. لكن نتنياهو يتردد حتى في هذا المجال لاعتبارات سياسية.