العلمانيون ..والصهيونية الدينية

هآرتس

عوزي برعام   30/11/2016

 لقد توفيت أختي دروره قبل اسبوع بسبب المرض. فقد كانت أختا صغيرة أصبحت متدينة واختارت أن تسكن في بيت إيل. أنا لم أكن زائرا دائما في بيت إيل، لكنني أذكر ليلة السبت التي أمضيتها هناك قبل عشرين سنة في احتفال عائلي. كنت في حينه وزيرا وتم استدعائي من اجل الحديث عن اتفاقات اوسلو أمام جمهور لم يقتنع بأقوالي. وقد سأل الحضور اسئلة، بعضها مستفزة وبعضها معتدلة، لكن التفاعل كان ندياً بشكل واضح.اضافة اعلان
عندما قمنا بدفن دروره في المقبرة المحلية نظرت إلى الجمهور الذي اجتمع هناك. وعندما قمت بتأبينها نظر إلي سكان بيت إيل بعيون جيدة كزائر لا يريد البقاء للمبيت ويتحدث عن صديقتهم. وقد ظهر لي أنهم فخورون بالنقاش الذي نشأ بيننا.
أيام الحداد كانت في منزل إبنتها رحيل، في حي ديني قومي في بيتح تكفا. وهكذا وجدت نفسي أقضي أيام الحداد في قلب الوسط الذي انتمت اليه. وقد التقيت مع رجال ونساء هم اصدقاء لرحيل، بعضهم من بيتح تكفا، واغلبيتهم من المستوطنات في يهودا والسامرة.
إن أيام الحداد لها طابع تصالحي يؤثر على التفاعل بين القادمين والجالسين. والاحاديث مع الزوار لم تحمل طابعا سياسيا. وقد لفت انتباهي حالة الاستقرار التي يعيشون فيها. ليس استقرار الانتصار، بل استقرار الايمان بالطريق. النساء هن نموذج يُحتذى في المساعدة المتبادلة والعطاء. البعض منهن لا يهتممن بالسياسة، لكن الاستقرار في عيونهن يقول إنهن قد وجدن الطريق.
أنا لا أحاول هنا امتداح المستوطنين، أو القول إننا نحن المعارضون لمواقفهم، قد اخطأنا. ولكن كلما جلست وقتا أطول في بيت العزاء، زادت غيرتي وغضبي. هل يعتقد أحد ما بالفعل أنه يمكن وقف هذه الحركة الخطيرة دون بناء بديل فكري؟ هل يعتقد أحد ما أنه أمام حركة قوية ومؤمنة وواثقة بنفسها، يمكن الاكتفاء برفض طريقها؟ ربما نحن لم نستوعب أن خلافنا ليس فقط مع الاصوليين الظلاميين، بل مع حركة لها علم ونشيد وطريق. صحيح أنها طريق ملتوية، لكن طالما أنها الحركة الوحيدة في الميدان، فلا أحد يمكنه وقف دولة الابرتهايد المستقبلية. عندما رأيتهم عن قرب، ونظرت إلى قوتهم الإنسانية والاجتماعية، لم أستطع إلا الشعور بأننا اذا استمرينا هكذا فنحن لن نصمد في المعركة أمامهم. والليكود ايضا لا يريد أن يقف ضدهم بشكل جدي. هذا مؤسف لأن حركة المستوطنين هي حركة أقلية. ولكنها الحركة الوحيدة التي تنشئ واقعا لن يبدأ ولن ينتهي باخلاء عمونة وقانون التسوية.
 ليست هناك صلة بين الحاجة الى البديل الاخلاقي وبين السؤال عن المرشح القادر على هزيمة بنيامين نتنياهو. وماذا سيكون بعد أن يهزمه، هل يمكنه أن يضع لإسرائيل اتجاها مختلفا جوهريا؟ هل سيرغب في ذلك بالفعل؟.
يجب على الجمهور العلماني أن يستيقظ. عليه الدفاع عن "عمونته". صحيح أن الصراع ضد الصهيونية الدينية هو صراع فكري وسياسي، لكن لا يجب علينا بناء أنفسنا على أخطاء الطرف الثاني. يجب علينا الاهتمام ببناء إسرائيل مختلفة وعادلة. ونتنياهو يحذر اصدقاءه المؤيدين للمستوطنين بأن قانون التسوية سيأخذهم إلى لاهاي، لكن لاهاي بعيدة، أما عمونة فهي قريبة جدا وتهدد ايضا.  أنا أعترف ولا أخجل: التفاعل المباشر مع اصدقاء أختي ترك أثرا فيّ. وأمام الاستقرار والايمان يجب علينا وضع نموذج تربوي اخلاقي حقيقي ومؤثر.