العمارات يستعرض تطور دور المرأة بالتشريعات والقوانين عبر عقود ماضية

عزيزة علي

عمان- صدر بدعم من وزارة الثقافة كتاب بعنوان "دور المرأة الاردنية في الحياة العامة"، للخبير المتخصص في قضايا التنمية والأمن الإنساني وبرنامج الغذاء العالمي د. فارس محمد العمارات، يناقش فيه العديد من قضايا المرأة في القوانين والتشريعات.اضافة اعلان
يرى العمارات في مقدمة كتابه الذي صدر عن دار الخليج للنشر والتوزيع، إن ما تعرضت له المرأة خلال العقود الماضية من تهميش وإقصاء لدورها الحيوي وعدم الاهتمام بشؤونها كان مدعاة من أجل مُطالبتها بالوصول إلى مواقع مُتقدمة في السلطة وصنع القرار، وهذه المُطالبة لم تكن من مطالب العدالة والديمقراطية بل هي شرط ضروري من شروط مُراعاة مصالح المرأة.
ويعتبر المؤلف أن إقصاء المرأة، وعدم إشراكها في صنع القرار، أو العملية السياسية يجعل تحقيق الأهداف المتمثلة في المساواة، والعدالة منقوصة، وصعبة المنال، ومن خلال ذلك جاء الاهتمام من قبل القيادة السياسية بدور المرأة في المُجتمع كافة وعلى جميع مستوياته.
ويوضح العمارات إنه في هذه الدراسة يستعرض دور المرأة الأردنية في الحياة العامة حيث طرأ بعض التحول في مسيرتها السياسية، المتعلقة بوصولها إلى قبة البرلمان، من خلال توجيه بعض الدعم من قبل كثير من النساء لبعضهن البعض، واثبتت المرأة من خلال دخولها العمل الاقتصادي أن لها القدرة الفائقة على تولي الأعمال الاقتصادية وإدارتها بكل كفاءة، ولكن ما زال هناك بعض المواد القانونية في جوانب الحياة التي تتعلق بالمرأة بحاجة إلى تعديل من أجل أن تنال المرأة ما تصبو إليه.
ويشير المؤلف الى دور الأحزاب السياسية التي تتبنى بنودا كثيرة تتعلق بالمرأة الأردنية، بالرغم من قلة مُشاركتها، ومع ذلك ما زالت منظومة القيم، التي تتمثل في العادات، والتقاليد تلعب دوراً في ثني المرأة الأردنية عن قبول التحدي في مجالات معينة تعد محرمة عليها، وهناك عدم وضوح في الإستراتيجيات التي تتبناها الحكومة من أجل تقدم المرأة في باقي المجالات، وتعتبر مجرد خطابات ولا تعتبر عابرة للحكومات المُتعاقبة وتُعاني المرأة الأردنية بعض المُعوقات، التي لم تجعلها تتجاوز كثيرا من الصعاب.
ويرى العمارات أن المرأة بحاجة إلى التوعية والتدريب في مجالات يتطلبها سوق العمل والتخصص الأكاديمي المناسب لها لتصبح قادرة على اتخاذ القرارات لاختيار العمل الذي ترغب فيه، والمشاركة في الحياة العامة والمطالبة بحقوقها في كل مجالات الحياة، داعيا الإعلام والمواقع الإلكترونية والمؤسسات التعليمية والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية إلى توعية المرأة بأهمية العمل كقيمة دينية وإنسانية دون اقتصاره على زيادة الدخل، وبهدف خلق جيل جديد من النساء قادرات على العمل كقيمة إنسانية والإيمان بجدوى مساهمتهن الفاعلة في النهوض بالمجتمع.
ودعا المؤلف إلى نشر وتشجيع التعليم من أجل التنمية وليس للشهادة فقط، بمعنى أن يخدم التعليم متطلبات سوق العمل، لا أن يساهم في تخريج البطالة، مبينا أن التعميم بمفهوم التعلم مدى الحياة ضرورة للتطوير المستمر للمهارات لمواكبة المتغيرات المستمرة والمطلوبة في سوق العمل، بحيث تواكبها المرأة في حياتها العملية ليساهم في رفع إنتاجيتها وقدرتها على المنافسة، وتأكيده التعاون والترابط والحوار بين المؤسسات التعليمية والقطاع الخاص كضرورة مُلحة لمردوده الإيجابي في توفير التخصصات اللازمة للقطاع الخاص الذي يوفر فرص العمل خاصة للمرأة.
ويرى العمارات أن الجهود والبرامج التي بذلت خلال الفترة الماضية لم تكن إلا وسيلة ساهمت في خطاب تضامني مع المرأة للحصول على حقوقها الاقتصادية، ولم تساهم في زيادة مُشاركتها الاقتصادية، وبالتالي زيادة مُساهمتها في قطاعات التنمية بمختلف أبعادها، لافتا إلى أن النساء العاملات في القطاع الخاص لا تزال تتعرض للعديد من الانتهاكات والتجاوزات المخالفة لنصوص قانون العمل الأردني، فأعداد كبيرة منهن يعملن لساعات أكثر من 8 ساعات يوميا ومحرومات من أي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي، كما أن هنالك أعدادا كبيرة من النساء لا يحصلن على أجور مُناسبة، حيث تقل كثيرا عن الحد الأدنى للأجور ولا يتمتعن بالاستقرار الوظيفي وغيرها من شروط العمل اللائق.
ويناقش الكتاب الذي جاء في أربعة فصول، وضع المرأة في قوانين العمل، والوضع السياسي والاجتماعي والثقافي للمرأة في الأردن، فيما يتناول التشريعات والنظريات النسوية والجندرة في فصوله، ففي الفصل الأول يتحدث عن الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الأردن، من خلال ثلاثة مباحث: تتناول خلفية تاريخية للمملكة الأردنية الهاشمية، وخلفية عن تاريخية المرأة في الأردن، ودورها في الحياة السياسية، والاجتماعية والاقتصادية، مع شرح لهذه الأدوار: السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
ويتحدث الفصل الثاني عن المصطلحات والنظريات والمفاهيم الدراسية: النظريات النسوية، والنظرية النسوية الليبرالية، والنظرية الوظيفية، والنظرية التفاعلية الرمزية، ونظرية الدور، والنظريات النسوية المقاومة، فيما يتحدث الفصل الثالث عن دور المرأة الأردنية في الحياة العامة ووضعها في التشريعات والمعوقات التي تواجهها لأداء دورها في الحياة العامة. ودور المرأة في جهاز الأمن العام، والدفاع المدني، والقوات المسلحة الأردنية، والنقابات المهنية، والعمالية، ودور المرأة في الثقافة والإعلام والأعمال، وفي سوق العمل، ومشاركتها في السياسية والانتخابات النيابية والمركزية والعوامل المؤثرة في المشاركة السياسية للمرأة، والعقبات الإعلامية، وأهمية مشاركتها في العمل السياسي، ودوافع هذه المشاركة، وفي المشاركة السياسية الأردنية وفي العملية الانتخابية والنيابية واللامركزية، وفي سوق العمل وحجم هذه المشاركة واهمية عملها، ويتحدث عن واقع المرأة الأردنية في: سوق العمل، التشريعات الأردنية، والمعوقات التي تواجه المرأة في الحياة العامة، مثل: المعوقات السياسية، والاجتماعية، والقانونية والنفسية، والشخصية، والاقتصادية، والإعلامية ومشاركتها في سوق العمل.
فيما يتناول الفصل الرابع عن تمكين المرأة وتحديات التنمية: مفهوم التنمية والتمكين والتحديات، وماالتمكين والتحديات لغة واصطلاحا خصائص التنمية الناجحة، وأنواع التمكين مثل: تمكينها اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، والتحديات التي تواجه تنمية المرأة، مثل الثقافة والعادات وظروف العمل ومسألة الجندر، والمشاركة الاقتصادية وآليات مواجه التحديات التي تواجه تنمية المرأة الأردنية.
وفي مقدمة الكتاب يشير العمارات الى أن المرأة سطّرت أسطراً من نور في جميع المجالات، وما زالت المرأة في المُجتمعات الإسلامية تكد وتكدح، وتُساهم بكل طاقاتها في رعاية بيتها وأفراد أسرتها، فهي الأم التي تقع على عاتقها مسؤولية تربية الأجيال القادمة، وهي الزوجة التي تدير امور المنزل وتوجه اقتصادياته، وهي البنت أو الأخت، وهذا يجعل الدور الذي تقوم به المرأة في بناء المُجتمع دوراً لا يمكن إغفاله أو التقليل من خطورته.
ويرى المؤلف أن قُدرة المرأة على القيام بدورها يتوقف على نظرة المُجتمع إليها والاعتراف بقيمتها ودورها في المُجتمع وتمتعها بحقوقها، وخاصة ما نالته من تثقيف وتأهيل وعلم ومعرفة لتنمية شخصيتها وتوسيع مداركها، ومن ثم يمكنها القيام بمسؤولياتها تجاه أسرتها وعلى دخول ميدان العمل، والمُشاركة في مجال الخدمة العامة وفي مجالات الحياة بكل أشكالها.
ويرى أن المرأة اثبتت من خلال الأعمال التي تقوم بها أنها على قدر عال من المسؤولية، وأن الصعاب التي يمكن أن تواجهها في أي مجال كان لا يمكن أن تثنيها عن القيام بواجباتها تجاه المجتمع التي هي جزء مهم منه، ولا يمكن التغاضي عنها في أي دور من أدوار الحياة، وأن عجلة النماء والتنمية والازدهار لا يمكن لها أن تتحرك بدون أن يكون للمرأة ودورها في عملية تحريكها، وأن المُجتمعات العربية لازالت مُجتمعات ذكورية لا تفسح مجالاً كبيراً، أو واسعاً للمرأة لتأخذ مكانها كما تريد إلا في مجالات ضيقة للحركة والنشاط.
ويرى المؤلف أن المجتمع حشر المرأة في زوايا معينة وهي خدمة الرجل وتربية الأطفال، والقيام بالأعمال المنزلية كالطهي، والنظافة مما ترك أثراً كبيراً في التعامل معها بطرائق بدائية، أو سطحية مؤلمة نازعين عنها العقل والذكاء والتفكير، بل إن هناك كثير من الرجال ينظرون إليها، أو يتعاملون معها وكأنه تتملكهم غريزة حب الانتقام رغم انها صانعة الاجيال، مما يولد حقداً وعداءً تجاهها يُساعد على اهتزاز كرامتها وكيانها، ويجعلها بشكل عام ضعيفة الثقة بنفسها حتى إن كانت على قدر عال من الثقافة والحنكة، والذكاء.
ويخلص العمارات الى أن الجميع أقر بقدرة المرأة الأردنية العملية والعلمية في كل المجالات التي انخرطت فيها، وبكل كفاءة واقتدار، وأن مرحلة جديدة قد بدأت من أجل دعم المرأة في كل المجالات، والمحافل الدولية، والعربية والمحلية والأخذ بيدها، وأن هذه المرحلة تتطلب من الجميع في المُجتمع الأردني أن لا ينتظر حتى يقدم الدعم للمرأة بل علية أن يدعم جهودها ودورها بكل ما أوتي من قوة من أجل أن ينهض المجتمع، والوطن التي تعد المرأة جزءا لا يتجزأ منه.