العمل الحزبي في الجامعات: لا داعي للقلق والتردد

زيد نوايسة لطالما كان الانتماء الحزبي للطلاب بشكل عام وخاصة طلاب الجامعات والمعاهد محفوفاً بالمخاطر والقلق والتردد من الطلاب أنفسهم ومن أهاليهم بفعل الصورة التي تشكلت عبر عقود من أن العمل الحزبي مجرم وسيكون سبباً في خلق المشاكل مستقبلاً. هذا كان يحدث في مرحلة تاريخية معينة حكمتها ظروف سياسية معقدة في الجوار والإقليم ولا يمكن إنكار وجود تيار محافظ في الحكومات في تلك الحقبة يملك نظرة سلبية للعمل الحزبي، وساهمت الأحزاب التي اختارت أن تكون مشاريعاً للآخرين على الساحة الأردنية دون أن يكون لها مشروع أردني مستقل في تأكيد هذا الموقف المحافظ. الهواجس كانت لدى الجامعات نفسها خشية تحولها لساحات للتصفيات الحزبية بين الأحزاب على اختلاف مرجعياتها، وخشية أن يطغى العمل الحزبي على هدفها الأساسي وهو التعليم والبحث العلمي. حالياً؛ من المنتظر أن تقر الحكومة قريبا نظام تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبية في مؤسسات التعليم العالي، الذي سيصدر بمقتضى المادة (20) من قانون الأحزاب رقم (7) لسنة 2022، والذي يعطي الحق لطلبة مؤسسات التعليم العالي المنتسبين للأحزاب بممارسة الأنشطة الحزبية داخل حرم تلك المؤسسات دون أي تضييق أو مساس بحقوقهم السياسية وبما يعزز الشعور بالطمأنينة من أن ممارسة العمل الحزبي ليس فقط مسموحاً بل هناك دعم وتشجيع له. أستذكر هنا؛ أننا واثناء مناقشات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية والتي شرفت بأنني أحد أعضائها، بقناعتنا جميعاً كأعضاء بأن الإرادة الملكية التي وردت في رسالة تكليف اللجنة وفي كلمة جلالة الملك في افتتاح اعمال اللجنة قاطعة بأن مستقبل العمل السياسي لا يمكن أن يكون الا من خلال انجاز قانون عصري للأحزاب يضمن مشاركة فاعلة من كل قوى المجتمع وفي مقدمتهم الشباب لأنهم عنوان مستقبل البلاد. كان علينا أن نخرج ونحن نحظى بهذا الدعم الملكي الكبير والواضح بأن جلالة الملك عبد الله الثاني سيوافق على ما نتوافق عليه ويضمن بأن حكومته ستحيل هذه المخرجات لمجلس الأمة حرفياً وهو ما حصل فعلاً؛ إذ أحالت الحكومة الحالية لمجلس الامة بغرفتيه مخرجات اللجنة وأقرت ودخلت حيز التنفيذ. قبل أشهر التقى الملك رؤساء الجامعات الرسمية وحثهم على ضرورة انجاز هذا النظام وتوفير بيئة جامعية صديقة للعمل الحزبي وبما يضمن أن يمارس الطلاب العمل السياسي بحرية ودون أي عوائق أو قلق؛ وتبع ذلك لقاءات من سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني مع عمداء شؤون الطلبة في الجامعات الحكومية والرسمية ليؤكد لهم ضرورة تشجيع الطلاب على المشاركة السياسية وتشجيع الثقافة الحزبية لديهم باعتبار أن الجامعات هي رافعة عملية التحديث السياسي لأن الجامعات الحاضنة الاساسية لمختلف التوجهات والاتجاهات السياسية ولهذه الفئات العمرية الشابة. الدعم الملكي؛ بالغ الأهمية ورسالة إيجابية لمستقبل العمل الحزبي والراغبين فيه، ودلالة بأن مخرجات اللجنة الملكية للتحديث أخذت طريقها للتنفيذ وليست مجرد قوانين وخاصة أن قانون الأحزاب أعطى مساحة كبيرة في مواده لتوفير بيئة آمنة وضامنة بأن من يريد العمل السياسي عليه الانتماء للأحزاب؛ ولن يكون عرضة لأي شكل من اشكال المساءلة طالما كان يمارسه ضمن القانون وثوابت الدستور والقانون الذي ينظم العمل الحزبي بل ان قانون الأحزاب جرم كل من يقف عائقاً في وجه الانتماء الحزبي وهذه سابقة ليست موجودة في أي قانون ينظم العمل الحزبي حسب معرفتي. الفرصة المتاحة اليوم لم تكن موجودة سابقاً؛ والكرة الآن في مرمى الأحزاب القائمة لتصويب أوضاعها قانونياً، وفي الراغبين بتأسيس أحزاب جديدة أن يستكملوا المتطلبات، مع التأكيد دائماً بأن على هذه الأحزاب قديمة جديدة الاشتباك مع التحديات التي تواجه المجتمع ببرامج واقعية ومبتكرة وأن نخرج من حقبة البيانات فقط.اضافة اعلان