"العمل" و"الليكود" توأمان سياميان

هآرتس

يوسي كلاين

19/2/2015

في الواقع لن يتغير شيء بعد شهر، ولا يوجد سبب لأن يتغير شيء. فنحن لن نتحرك قيد ملليمتر واحد من المكان الذي نحن فيه. لم نطلب الانتخابات، فلا يوجد فيها ما هو جديد نحتاجه، لا يوجد خطط يجب قبولها أو أفكار علينا رفضها. لا توجد مبادرات لم نعلم عنها كما لا توجد مقترحات لم نسمع بها. أيضا المرشحون هم هم لم يتغيروا، نحن فقط نعرف عنهم أكثر قليلا مما كنا نعرف. هم لم يعودوا يفاجئونا. ما زالوا أنفسهم يؤكدون بأنهم سيشقون طريقا جديدة بينما إعمار من هم على شاكلتهم لا يجدون عملا. صحيح، لقد فشلنا، يقولون، ولكننا منذ الآن سوف نعمل أكثر.اضافة اعلان
نحن أيضا لم نتغير، فما زلنا شعبين لا يوحدنا سوى الخوف والتهديد، كلما أخافونا يزيد التصاقنا أحدنا بالآخر، عندما لا يخيفوننا نعود مرة أخرى لكي نكون شعبين مختلفين. "شعبين اثنين" أيبدو ذلك أكثر أمانا؟ "كتلتين اثنتين" هل هذا يبدو أفضل؟ "كتلتان" تبدو أكثر مرونة، كما هو في أميركيا. ففي أميركا يتبادل الجمهوريون والديمقراطيون الحكومة وبالعكس. ولكن هنا ليست أميركا، هنا يوجد شعبان وليس مجرد حزبان. نحن شعبان لهما لغة مشتركة ودين واحد. اللغة المشتركة تساعدنا على فهم كم نكره بعضنا بعضاً. هل كلمة "نكره" كلمة فظة جدا؟ ربما. ولكن الحب ليس موجودا هنا. الديانة أيضا مشتركة، كلنا يهود، واليهودية كذلك تفرقنا. يهوديتنا لا تبدوا كيهوديتهم. فواحدة منها حكومية والأخرى شخصية. الأولى تريد أن تحل محل قوانين الدولة والأخرى ترفض أن يتم ذلك.
سبق وأن كتب حول هذا الانقسام. اليساريون (ليسوا تماما يساريين، ولكن من المريح دعوتهم بهذا الاسم) هم علمانيون، أشكنازيون، برجوازيون، وعلمانيون. اليمين (كنا تمت الإشارة لليساريين أعلاه) هم تقليديون، متدينون، شرقيون، فقراء وقوميون. طابعهم الغالب وكذلك طابعنا، يعكس واقعا يزداد تجسدا باستمرار،.اليمينيون هم أكثر قليلا من نصف الشعب، والقليل منهم فقط يجتازون الحدود. أقل بكثير مما يحدث لدى الديمقراطيين والجمهوريين. يمكن تغيير الحزب، لكن الشعب لا يمكن تغييره. وماذا عن الوسط؟ لا يوجد في الواقع وسط. الوسط هو حمْل غير مخطط نكتشفه دائما قبل الانتخابات. بعد سنتين يتفرق اللقطاء ويبحثون عن أم أخرى.
دائما هناك أمهات جديدة، دائما سيوجد من تكون بعض مواقفه ملائمة لمواقف الشعب الآخر ولكن الانتماء سيبقيه في مكانه. دائما سيتجول على هامش الشعبين أيتام يبحثون عن حضن يضمهم ودائما سيجد المثقفون الشرقيون حضنا كهذا، هذه المرة انتخبوا شاس. فالتمثيل الشرقي أكثر أهمية في أعينهم من الإنماء الوطني وإقصاء النساء هم يستحقون التقدير على التصاقهم بمنظومة الأفضليات الخاصة بهم. الانضمام إلى شاس ودعم نتنياهو سيضمهم أخيرا إلى الجمهور الشرقي الذي لم يتمكنوا حتى الآن من الانضمام إليه.
لن تقبل أية نتيجة هنا بأريحية، فهنا ليس أميركا. كلمة "الخراب" لن تسقط بعد الانتخابات من جدول الأعمال. إذا خسر اليسار فسوف يعود إلى واقعه المعروف. سوف يجلس في الملاجئ ويخدم في الاحتياط، هو لن يطلب من حماس أن توجه صواريخها إلى المستوطنات ذات الأغلبية السكانية اليمينية. سوف يشعر بالسرور إذ تحرر من تدخله المتواضع من اجل تقليص الفجوات الاجتماعية ويركز كل جهوده على قيَمِه البرجوازية. بالنسبة لليمين سيكون أسهل كثيرا في حال فوزه. سوف يرفض مطالب الناخبين منه بتحقيق العدل الاجتماعي مدعيا أنه "ليس الآن فالوضع الامني خطير". لقد اشتغل هذا الادعاء حتى يومنا هذا ولا يوجد سبب كي لا يعمل في المستقبل.
يوجد فصل بين الشعبين، ولكن ليس انفصال. توأمان سياميان لا يمكن انفصالهما، نحن توأمان سياميان، ما زلنا بعد 66 سنة نحتاج لان ننفصل ولكن مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف البيولوجية التي تربطنا . الجهاز الهضمي الخاص بنا مشترك ولكن القلب منفصل، لا نستطيع ان نعيش سويا ولكن لا نستطيع أيضا كل على حدة.
إذا لم يكن الانفصال ممكنا، فعلى الأقل اوتونوميا (حكم ذاتي) ثقافي منفصل دون تدخل حكومي،  سوف تضطر دور السينما للتنازل عن موازناتها والكتّاب عن جوائزهم. مؤسسة التعليم سوف تتحرر من التمايزات المذلة والمفرقة، مسؤولية الخطط التعليمية ستتحول من الدولة إلى الجماعة. في حصص التاريخ للمجموعة اليمينية سيتعلمون سيرة اليهود الشرقيين. وفي دروس ليفني سيتصفح اليساريون الحلف الجديد. بعد ذلك لن يتغير شيء. توأمان سياميان يتعلمان، في نهاية الأمر، أن يعيشا معا.