العواطف في الحياة العملية وإدارتها بذكاء

إسراء الردايدة

عمان- في الوقت الذي تغرق فيه وراء المواعيد والأهداف المراد تحقيقها، فليس من السهل أن تعرف أين تقف مع الآخرين، حيث تنهكنا تلك المشاعر.اضافة اعلان
وسؤال “كيف حالك؟ أو حقيقة كيف تشعر؟”، الذي يوجه لنا بدافع الأدب والاحترام من قبل شخص لا يعني بالضرورة أنهم يهتمون أو يريدون سماع إجابة صادقة من ورائه، فهو مجرد سؤال أخلاقي بدافع اللباقة، وفي المقابل عليك أنت أن تعرف كيف تشعر فعليا فهو أمر مهم.
هذا الأمر، بحسب موقع “cityam.com”، المتخصص بالأعمال وإدارتها بين استراتيجيات وحتى عواطف، يلفت النظر إلى أمور فد تغيب عن الذهن أحيانا فيما يتعلق بدور العاطفة وأثرها على الحياة العملية، فهي يمكن أن تجعل الفرد أكثر إنتاجا وإصرارا على النجاح، وتمنحه فرصة للتقدم على زملائه.
وهنا هل أنت قادر فعليا على التعامل مع كل ما تلقيه الحياة في وجهك؟، وهل تملك ذكاء عاطفيا لفهم عواطفك وفي الوقت نفسه لا تدع تلك المشاعر أن تحكمك، لا سيما في مكان العمل؛ حيث من المفترض فعليا أن نخفي عواطفنا والمتابعة وكأن شيئا لم يكن.
والحقيقة عكس ذلك تماما، فتلك العواطف دائما هناك سواء أعجبنا الأمر أم لا، لذا كيف يمكن السيطرة عليها بدون أن تخنقنا أو نكبحها؟
- استخدام العواطف بحكمة: هي الطبيعة البشرية التي تحاول فصل الأمور وتجزئة حياتنا، ولسنوات طويلة ظن كثيرون أنه لا مكان للعواطف في الحياة العملية، وتلك عقلية خطيرة لأننا دائمو القلق إزاءها والخوف من خروجها على السيطرة.
والمشكلة الحقيقية تكمن في تلك المساحة التي تغرق فيها وراء مواعيد العمل المهمة العالقة والأهداف، فليس من السهل دائما أن تعرف أين تقف بين الآخرين، فأنت مركز ومنهمك فيما تفعله، لدرجة أن تواصلك مع المحيط، وبالرغم من عدم قولك أي شيء، يمكن أن يساء فهمك نتيجة لغة الجسد الصاردة عنك، أو بسبب تغير بسيط بنبرة صوتك.
إذ قد يشعر من حولك بأن احتياجاتهم لا تلبى أو ليس لها أهمية في الوقت الذي تكون فيه منهمكا وشديد التركيز على أدائك ومهماتك وأهدافك. ولكن أن تملك ذكاء عاطفيا عاليا يعني أن تغدو قادرا على إدارة هذه العناصر الأساسية، لبناء علاقة ممتازة مع من تعمل معهم، ولكن ما الذي يعنيه هذا في الواقع؟
- الذكاء العاطفي: أن تملك ذكاء عاطفيا يعني أن تعي الفرق بين ردود الفعل الجيدة والسيئة بحسب ظرفها، فالعواطف تحمل معلومات مهمة مفيدة لأداء الأفراد الشخصي والاجتماعي.
ومن يفتقر للذكاء العاطفي تكون ردود أفعالهم سريعة، كونهم لا يعطون أنفسهم فرصة ووقتا كافيا لتقييم الإيجابيات والسلبيات والتفكير في الأشياء من خلال ما يشعرون به، وهؤلاء أقل قدرة على تنظيم مشاعرهم السلبية أيضا، وأكثر عرضة لمصاعب في الأداء الاجتماعي ومهاراته، التي تؤدي لتفاقم مشاعر الاكتئاب فعليا، لأنهم يواجهون صعوبات في فهم وإدارة مشاعرهم.
وأن تملك ذكاء عاطفيا يعني أن تنظر لأي وضع على أنه تحد، فإن اعترفت بالمشاعر السلبية بكل الأوضاع الصعبة، فأنت قادر على التركيز على الايجابيات كمؤثرات.
وهذا يعني لاحقا أنه يمكنك تعديل هذه العواطف وتوجيهها كما تريد، في الوقت الذي تكون فيه العواطف بأفضل حالاتها، تمر حالات أخرى تغدو الأسوأ، وأن تملك مهارة تغييرها مثل زيادة التفكير والتركيز والحافز مثلا في وقت ترتفع فيه مستويات القلق لديك، هو أمر مهم وعامل قوي، لأنك تملك مفاتيح إدارة ما تشعر به وتعديل الشعور بشكل مناسب للحالة.
ومن أبرز من درس الذكاء العاطفي منذ السبعينيات وتابع ردود أفعال الناس وعواطفهم عن كثب وعمق، دانيال غولمان، وهو عالم نفس أميركي ومؤلف كتاب “الذكاء العاطفي” الذي نشر العام 1995؛ حيث قسم الذكاء العاطفي لخمسة عناصر هي:
1 - الوعي بالذات: عند فهم العواطف لا تدع مشاعرك تقودك، وهنا تميل لتكون أكثر بديهية وثقة، وتعرف نقاط القوة والضعف لديك، ما يساعدك على تحسين أدائك في أي ظرف.
2 - التنظيم الذاتي; وهي معرفة كيفية التحكم بالعواطف، فإن سمحت لنفسك بأن تغضب بسرعة أو تثار غيرتك بسهولة أمر غير متزن، وبدلا من ذلك كن أكثر عمقا وتكامل في التعامل مع التغيير وقل “لا” في اللحظة المناسبة لإحكام السيطرة.
3 - الدافع: أولئك الذين يملكون مستويات عالية من الذكاء العاطفي يميلون لامتلاك مزيد من الدوافع والعواطف، وعلى استعداد لتأجيل نتائج قوية للنجاح على المدى الطويل فهم محبون للتحدي ومؤثرون فعالون فيما يقومون به، لأنهم يملكون طاقة وشغفا.
4 - التعاطف: وهي وسيلة جيدة للاعتراف بمشاعر الآخرين وفهم ما يحسون به، وهذا يعني أنك تملك مفاتيح إدارة العلاقات، والاستماع وتجنب الأحكام السريعة أو قولبة الناس، لأنك قادر على التركيز وتملك المرونة في فهم الآخرين من خلال وضع نفسك مكانهم.
5 - المهارات الاجتماعية: وهي بعد عميق للذكاء العاطفي، فأنت تكون متحدثا لبقا ولاعب فريق جيدا، وتعترف بمواطن القوة في الآخرين وتساعدهم على التطور، وتتواصل بشكل فعال، وتبني علاقات قوية مع الآخرين.
هذه كلها من شأنها أن تعزز ذكاءك العاطفي، وجزء لا يتجزأ من تحقيق النجاح في مكانك العملي، وتتداخل مع خصائص الكاريزما أيضا، ولكن من المهم فصل وتعزيز ذلك؛ أي أن تفهم أكثر كيف تشعر إزاء نفسك قبل أن تطلقه للعنان.