العوامل الدافعة للهجرة

تنبه نتائج المسح الاستطلاعي الديمقراطي العربي للعام 2019 /2018 إلى مؤشرات خطيرة تنتظر مستقبل المجتمعات العربية على الصعيد الاقتصادي وانتشار الفساد والتطور الديمقراطي وحقوق الانسان والأمان الاجتماعي وخاصة لفئة الشباب والأجيال المتلاحقة والتي باتت تنتظر دون أمل في الأفق لمواجهة متطلباتها الحياتية واستقرارها وبناء ذاتها.اضافة اعلان
في الأردن كما هي باقي الدول العربية الخمس عشرة التي شملها الاستطلاع تتركز التحديات واهتمامات المواطنين على سوء الأوضاع الاقتصادية وانتشار الفساد، وهي تحديات مشتركة بين تلك الدول، لكن اكثر الاهتمامات في هذه النتائج هو ان 45 % من الأردنيين وخاصه فئة الشباب يفكرون بالهجرة إلى خارج المملكة، وهذه قضية خطيرة تلامس من ناحية نسبية تفكير اقل بقليل من نصف سكان المملكة.
في التحليل المنطقي والعلمي لهذه النتيجة نجد ان هناك عدة عوامل تدفع شريحة من المواطنين وخاصة الشباب للهجرة منها؛ فشل السياسات الحكومية في ايجاد حلول حقيقية لمشاكل المواطن الأساسية فيما يتعلق بالتنمية التي توفر فرص العمل وتخفض من نسب البطالة التي باتت تلامس 20 % خاصة لدى الشباب والحد من الارتفاعات المتتالية والشاملة للأسعار وكلف المعيشة والتعليم والعلاج وتعدد الضرائب، حتى بات معظم المواطنين الأردنيين مثقلون بالديون للمؤسسات المالية التي تفرض فؤائد ومرابحات هي الأعلى على مستوي العالم، و تؤدي إلى تآكل الدخل للمواطن الذي يجد نفسه عاجزا عن تأمين منزل او وسيلة نقل او اقساط ومستلزمات مدرسية وجامعية لأبنائه او ثمن دواء لا يتوفر في مستوصفات الحكومة الصحية.
أما العامل الآخر والمهم جدا هو عدم ثقة المواطن بمعظم المسؤولين بسبب عدم التزامهم بتنفيذ وعودهم التي يبدو ان هدفها اسكات المواطن وإبقاؤه في حالة انتظار مفتوح بلا نتيجة حقيقية تعالج مشاكله اليومية والتراكمية.
ثم يأتي عامل الإصلاح السياسي الذي يراوح مكانه دون جهود حقيقية وجدية تضع الأمور على سكة الإصلاح بالرغم من تركيز الملك عبدالله الثاني بأوراقه النقاشية وخطاباته وكتب التكليف للحكومات بتسريع خطوات الإصلاح، لكن دون انجاز ملموس، ثم عدم العدالة بتوزيع التنمية خاصة في المناطق والمحافظات خارج العاصمة.
من خلال نتائج الاستطلاع نجد ان العامل الوحيد الذي حد من ارتفاع نسبة المفكرين بالهجرة إلى اعلى بكثير من نسبة الـ 45 % من الأردنيين هو عامل الاستقرار الأمني الأسري، وهو الميزة الرئيسة للأردن على اقرانه من الدول العربية، لا بل انه العامل الرئيسي من أسباب توجه اللجوء العربي إلى الأردن الآمن على حياة مواطنيه.
ان هذه العوامل مجتمعة او منفردة تفرض على المواطن الأردني التفكير جديا بالهجرة وبالتأكيد فإنه في الحال التي تتغير فيه هذه العوامل او جزء منها فسينعكس ذلك على استقرار المواطن وبناء مستقبله في وطنه.