"العيدية".. رمز عطاء وامتداد لصلة الأرحام

تؤثر العيدية في النفوس بشكل ايجابي ولها وقع ايجابي على المتلقي- (ارشيفية)
تؤثر العيدية في النفوس بشكل ايجابي ولها وقع ايجابي على المتلقي- (ارشيفية)

تغريد السعايدة

عمان- يحمل شهر رمضان الفضيل في نهاياته فرحة حلول عيد الفطر المبارك بطقوسه الجميلة، وما يزيد من تلك البهجة سمة العطاء في تبادل العيديات بين الاقارب والارحام، حتى أصبحت هذه الظاهرة عادة محببة لدى الكثير من المجتمعات العربية على اختلافها.اضافة اعلان
وهو الحال لدى رقية أحمد التي تتلقى العديد من العيديات من اخوتها، وهي متزوجة، ووضعها المادي تصفه بالجيد، إلا أنها ترى في العيدية شكلا من اشكال المحبة بين الأخوة والأخوات والأرحام بشكل عام، عدا عن فرحة الأطفال في العيد والذي يتركز فيه إهتمامهم على القيمة المالية التي سيقومون “بتحويشها” من العيديات التي تأتيهم من الأهل والأفارب والجيران.
وفي كل عيد “اضحى وفطر”، تحصل رقية على عيديات مختلفة ومتنوعة، ومنها المبالغ النقدية من اخوتها الذكور، عدا عن الحلويات والمعمول والشوكولاته من اخواتها وصديقاتها وجاراتها، وهي تقوم بالمقابل بمبادلة تلك العيديات باشياء أخرى، فمثلا من يرسل لها المعمول ترسل له الشوكولاتة وهكذا، وهذا يبعث في نفسها السعادة وذات الفرحة التي كانت تشعر بها وهي طفلة تشعر بها لغاية الآن عندما تتلقى العيدية من الآخرين، على حد تعبيرها.
كثير من الأشخاص الذين يقومون بارسال العيديات قد يرون فيها بابا لكسب الأجر والثواب، حيث تذهب في أغلبها للارحام من الأم والأخوات والعمات والخالات، والأطفال، لذلك يعتقد ابراهيم مرزوق أن العيديات على اختلاف قيمتها تبعث على السعادة لدى الطرفين، فهو عندما يقدم العيدية لأخته يرى فرحتها والدعاء له، يشعر ان السعادة تغمره، وكذلك الحال عندما يقدمها للأطفال، لذلك يقوم بتجهيز “الدنانير” لتوزيع العيديات على الأطفال في كل بيت يقوم بزيارته.
ويتمنى ابراهيم من الأشخاص الذين يقومون بتقديم العيديات للارحام تحديدا بأن “لا يتذمروا من الوضع المادي أمامهم حتى لا يشعرون بأن تلك العيدية هي عبء عليهم وسبب في وجود ضائقة مالية، لذلك عليهم أن يقدموها بعيدا عن المبالغة في القيمة، حتى تكون سبب سعادة للطرفين.
والعيدية ليست بالظاهرة الجديدة على المجتمعات العربية على اختلاف عاداتها وتقاليدها، فبحسب التصنيفات التاريخية، فقد كُتب بأن العيدية تعود إلى عصر المماليك، إذ كان السلطان آنذاك يحرص على أن يقوم الجنود والأمراء بشراء ما يحتاجونه في العيد لنشر البهجة والفرحة لديهم ولدى عائلاتهم، فكان يقوم بصرف راتب لهم قُبيل العيد بايام، ومن هنا أصبحت هذه عادة في ذلك الحين.
أما بيان التي تنتظر العيديات من اقاربها وأخوتها وجيرانها، الذين يحرصون على زيارة بيتها وتقديم التهنئة لها بالعيد، بالتزامن مع تقديم هدايا العيد، فتقول انها ترى في العيدية “مخرجا لضائقة مالية” بالنسبة لها، لذلك تُشكل لها العيدية فرحة لا تضاهى عندما تأتيها من الآخرين، سواء أكانت من الحلويات أو المعمول أو المبالغ المالية التي يقدمها أخوتها حسب وضعهم المادي.
وتضيف بيان بان العيدية لا تقتصر فرحتها على قيمتها المالية فقط، بل هي معنوية بالنسبة لها، فعندما يدخل اخوتها إلى بيتها ويتسابقون إلى معايدتها تشعر بفرحة كبيرة، لذلك تتمنى أن لا يقطع أي شخص رحمه مهما كان وأن يعتبر الجميع أن العيد هو بداية لكل فرحة ونهاية لكل توتر ومشاحنات، حتى تعم البهجة على البيوت التي تحمل في داخلها الكثير من الهموم.
الاستشارية الأسرية والتربوية رولا خلف، ترى أن تاثير العيدية في النفوس دائما ايجابي، وله وقع نفسي على المتلقي أو حتى الشخص الذي يهديها، فهي رباط محبة وود ووثاق بين الأخوة والأرحام على إختلافهم، فالأخت أو الطفل أو الأم والعمة والخالة التي تتلقى العيدية تشعر بان هناك من يتذكرها ويريد أن يبقي حبل المودة بينهم دائما مهما ابعدتهم المسافات.
وتعتقد خلف أن من يتلقى العيدية يستشعر مدى قيمتها في النفس، كونه يرى من يحبه قد يزوره في البيت ويقدم له العيدية على اختلاف أشكالها سواء نقدا أو هدايا، أو حتى ألعاب للأطفال، ومن إيجابيات تلك العادة المحببة، كما تقول خلف انها تصبح متوارثة بين الأجيال ويحرص الأبناء فيما بعد على أن يقوموا بذات الفعل مع أخواتهم وأرحامهم بشكل عام، وهذا من التأثيرات الإيجابية المميزة للعيدية.
كما أن العيدية تنمي لدى الفرد منذ الصغر “التضحية”، بحسب خلف، فالإخ أو الأب قد يتنازل عن شيء مقابل أن يوفر قيمة العيدية لارحامه أو الأطفال، ومنهم من يجهز مبلغا ماليا قبل العيد بايام، كما انه يشعر الأم تحديدا بالهيبة والسعادة عندما يقوم أبناؤها المتزوجون بتقديم العيدية لها باشياء تحبها.