"الغد" تحاور رئيس "مستقلة الانتخاب" المعايطة

المعايطة خلال حواره مع فريق "الغد" -(تصوير: ساهر قدارة)
المعايطة خلال حواره مع فريق "الغد" -(تصوير: ساهر قدارة)
  • نعوّل على الأحزاب طريقا وحيدا للعمل الجماعي
  • علاقتنا مع الأحزاب تبدأ بالقانون وتنتهي به
  • عوامل عدة أفشلت الأحزاب في التحول لحواضن سياسية
  • سنلتزم بتوعية الأحزاب بحقوقها وواجباتها ودعمها فنيا
  • سنتعامل بالقانون مع الحزب الذي لا يصوب أوضاعه
اضافة اعلان

غادة الشيخ

عمّان- أبدى رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب المهندس موسى المعايطة، تفاؤله بتطور الحياة السياسية الحزبية في المستقبل القريب، معولاً على أثر قانون الانتخاب الجديد في دعم جهود تحديث منظومة العمل السياسي، عبر مشاركة حزبية فاعلة لها حصة مقررة من مقاعد المجلس النيابي المقبل.


وشدد المعايطة على أن علاقة الهيئة المستقلة مع الأحزاب تبدأ بالقانون وتنتهي به، مشيرا إلى أن الهيئة وفق صلاحياتها الدستورية والقانونية، لا تتدخل في عمل الأحزاب سياسيا، لكنها طرف رئيسي في جهود التوعية والتثقيف في الإجراءات النافذة والمصطلحات السياسية والمفاهيم الواردة في القانون، مشيرا إلى أن "الحيادية هي فلسفة نقل ملف الأحزاب إلى الهيئة".


وجاء حديث المعايطة خلال مقابلة أجرتها معه "الغد"، وقال فيها إن "الدولة الأردنية تعيش اليوم مرحلة التحديث السياسي وليس التحول السياسي، وعلينا أن ننتقل من العمل الفردي في الحياة السياسية إلى العمل الجماعي".


وأضاف "يجب أن ننتقل من العمل الفردي إلى العمل الجماعي في العمل السياسي"، معتبراً أن ذلك لن يتم إلا "عن طريق الأحزاب السياسية"، حيث قال: "صحيح أن ذلك ربما لن يحدث من أول دورة لكن من المؤكد عند انتخابات المجلس النيابي الحادي والعشرين، حيث ستيغير الوضع وتصبح هناك أحزاب تمثل كل تيارات ومصالح المجتمع المختلفة، فالحزب أساسه آلية تمثيلية لمصالح مختلفة وربما متناقضة". 


واعتبر أن عملية تطوير الحياة السياسية تنفذ بشكل تدريجي، حيث بدأت بالتعديلات الدستورية ودخولها حيز النفاذ، تلتها تعديلات قانوني الانتخاب والأحزاب.


وأضاف: "للأسف في السابق فشلت الأحزاب في أن تكون حاضنة للحياة السياسية، ليس بسبب قانونها السابق فقط، بل أيضاً كانت هناك عوامل سياسية واجتماعية ساهمت في إفشالها"، معولاً على قانون الأحزاب الجديد في ترسيخ مبدأ التعددية السياسية من خلال برلمانات قائمة على أساس العمل الجماعي الحزبي الذي يتنافس على تحقيق المصلحة العامة.


وأكد أن عماد الوصول إلى تلك المرحلة هو قانون الانتخاب الجديد الذي وسع لأول مرة مقاعد الأحزاب في البرلمان، والتي ستكون في أول دورة انتخابية قادمة بنسبة 30 % إلى حين الوصول إلى مقاعد تشكل نسبة 50 % في المجلس الحادي والعشرين، من ثم نسبة 60 % في مجلس النواب الثاني والعشرين.


 وتالياً نص المقابلة:
ملف الأحزاب 

  • اليوم أصبح ملف الأحزاب من صلاحيات الهيئة المستقلة للانتخاب، فهل الهيئة جاهزه لهذا الملف؟
  • انتقال ملف الأحزاب السياسية الى الهيئة المستقلة للانتخاب هو من نتاج التعديلات الدستورية الأخيرة، وهو الأصل في المطلب الذي تبنته قوى سياسية منذ العام 2011 بأن لا تكون الحكومات طرفا في التعامل مع الأحزاب من جهة منح التراخيص، وذلك من منطلق الحرص على استقلالية الأحزاب.
    والهيئة منذ الانتهاء من التعديل على التشريعات الناظمة وفق القنوات الدستورية، جاهزة لاستقبال هذا الملف، حيث أنشأت وحدة متخصصة مجهزة لوجيستيا بكافة التجهيزات اللازمة، وفيها كادر مدرب على تطبيق القوانين السارية، وبدأ عمله مبكرا في توضيح الجوانب الإجرائية لقانون الأحزاب، والتحضير لأتمتة خطوات تطبيق القانون داخل وحدة الأحزاب في الهيئة، وعلى رأسها تحديث السجل الحزبي وتوثيق وأرشفة جميع متطلبات القانون.
    كما تطوير برامج تفاعلية تهدف إلى تبسيط فهم الإجراءات ومتطلبات الترخيص وفق أحكام القانون الجديد.
     * ما مساحة علاقة الهيئة بالأحزاب.. أين تبدأ وأين تنتهي؟
  • الهيئة مسؤولة عن تطبيق ما ورد في القوانين الناظمة وسنلتزم بذلك، ولن تتدخل في سياسات ومواقف الأحزاب وهذه هي أصلا الغاية من التعديلات الدستورية، في أن تمنح الاحزاب الاستقلالية الخاصة بها، والمكانة التي تستحقها، خصوصا في ظل التحديث المنشود وصولا لحكومات برلمانية مدعومة من أكثرية نيابية.
    وسنلتزم بتوعية الأحزاب بحقوقها وواجباتها، كما سنحرص على دعمها في النواحي التدريبية والفنية في مجالات مختلفة، بما يمكن من تحقيق الغاية من دعم الحياة الحزبية.
     * نشرت الهيئة الأدلة الخاصة بسجل الأحزاب، ومنها فترة تصويب أوضاعها، وهنا نسأل عن توقعاتك حول مصير الكثير من الأحزاب، التي يرجح أن لا تتمكن من ذلك؟
  • نعم، نشرت الهيئة الأدلة الإجرائية والإرشادية الخاصة بالأحزاب السياسية والنماذج المعتمدة لذلك قبل نفاذ القانون بتاريخ 15/ 5/ 2022، وأرسلت الهيئة تلك الأدلة للأحزاب السياسية التي يبلغ عددها 56 لتصويب أوضاعها، كما أن الأدلة تساعد الأحزاب الجديدة في آلية التسجيل والترخيص، وحتى اليوم لم يتقدم أي حزب بشكل صريح وواضح من أجل التأسيس، بالرغم من أننا نشهد حراكا عريضا يبحث عن فرص ولادة أحزاب جديدة.
    لا نستطيع أن نجزم إن كانت هناك أحزاب سوف تغلق أم لا، فالقدرة على الاستمرارية يسأل عنها الحزب وليست الهيئة، نحن مسؤولون عن تطبيق القانون، ونُسأل عن ذلك في حال قصرنا في تطبيقه، بناءً عليه فان الحزب الذي لا يصوب أوضاعه خلال المدة الزمنية الممنوحه له سيطبق عليه القانون.
    نظام التمويل 
  • *نظام التمويل الحزبي متى سيرى النور؟ وما هي توصيات الهيئة المستقلة للانتخاب حتى يكون النظام داعما للأحزاب والحرص الرسمي على تطوير الحياة الحزبية؟
  • أولا إقرار نظام تمويل الأحزاب هو صلاحية الحكومة، وهي المسؤولة عنه، ولكنه سيخضع عند صدوره لإشراف الهيئة وتحت سلطة تنفيذ القانون بعدالة الشروط والأحكام، والهيئة تطمح حقيقة إلى دعم الأحزاب السياسية في حملاتها الانتخابية مستقبلا، وبما يعظم فرص تمكينها من المنافسة الحقيقية في الانتخابات المقبلة والتي منحها قانون الانتخاب الجديد ميزات عديدة منها الترشح عن مقاعد الدائرة العامة التي خصص لها القانون 41 مقعدا.
    كما تستطيع الأحزاب الاستفادة من فرص الترشح عن الدوائر المحلية وفق تحالفات مرنة، وتستفيد من فرصتين للترشح وليس واحدة فقط.
    ونظام التمويل حسب القانون يخضع لأسس، وهذه من ميزات القانون الجديد، حيث ستكون هناك موازنة للحزب من خلال فتح حساب بنكي تسري عليه الأصول المحاسبية، وأوجب القانون تعيين محاسب قانوني لتدقيق الحسابات وإرسال نسخة من الموازنة السنوية والبيانات المالية الختامية إلى الهيئة وبيان موقع من الأمين عن موارد الحزب المالية بالتفصيل، وقائمة تفصيلية بجميع التبرعات والهبات التي تلقاها الحزب خلال السنة المالية السابقة.
    كما منح القانون الهيئة حق الاطلاع على حسابات الحزب وتدقيق قيوده المالية وإعداد تقرير بذلك، على أن ترسل منه نسخه إلى الأمين العام للحزب، ولقد بقي نظام التمويل الحزبي طوال الفترة الماضية، من العام 2008-2019 قاصرا عن تأدية الهدف منه وهو تطوير الحياة السياسية، واليوم نحن نعتقد بأن أساس التمويل المالي للأحزاب هو نتائج المشاركة في الانتخابات حتى تتحقق العدالة وتساوي الفرص بين الأحزاب في المنافسة.
    وهذا التمويل من الموازنة العامة، ما يعني أن المواطن شريك فيه، ويجب ان يتجه وفق رغبة المواطن. 
     السجلات الانتخابية 
  • ما أهمية تحديث السجل الانتخابي، وإلى أين وصلت الهيئة به؟
  • وفقا لقانون الانتخاب فإن على الهيئة تحديث جداول الناخبين مرتين في السنة، وذلك عبر التنسيق مع دائرة الأحوال المدنية والجوازات، ففي بداية شهري كانون الثاني (يناير) وتموز (يوليو) من كل سنة يتم نشر سجل الناخبين المحدث على موقع الهيئة المستقلة للانتخاب، بما يتفق وأحكام القانون والتعليمات التنفيذية الصادرة بمقتضاه.
    والتطور الأبرز في قانون الانتخاب الجديد أن الناخبين سيعاد توزيعهم على الدوائر الانتخابية، وفق مكان الإقامة للناخب، وليس مكان ولادته أو بلدته الأصلية، ما يعني أننا سنشهد تغيرات كبيرة في جدول الناخبين تستوجب حملة توعوية خاصة لمن يرغب بتصويب أوضاعه، حتى لا يتفاجأ يوم الانتخابات بعدم وجود اسمه في الدائرة الانتخابية التي اعتاد أن يصوت فيها.
    ولكي يتسنى لنا ذلك، فهناك حاجة ماسة إلى إقرار نظام تقسيم الدوائر الانتخابية من الحكومة، حتى نتمكن من عكسها على جداول الناخبين، كما من المهم أيضًا أن لا تُفسر أي حملة للتوعية والتثقيف في مسألة سجل الناخبين على أنها تمهيد لانتخابات نيابية مبكرة، لكن القانون يحتاج لشرح المستجدات التي طرأت عليه، وتقديمها بشكل مبسط لجمهور الناخبين حتى نحقق هدف توسيع قاعدة المشاركة.
    وهنا سنسعى إلى تجاوز تحدي إعلان الجداول، وسنعلن بالتزامن عن تحديث الجداول في وقتها القانوني باعتبارها استحقاقا قانونيا بلا دلالات سياسية.
    تعزيز المشاركة الانتخابية 
  • المشاركة الانتخابية ما زالت التحدي الأبرز امام الجميع خصوصا في عمان والزرقاء، ماذا قدم القاون الجديد لهم وماذا ستعمل الهيئة لتعزيز مشاركتهم؟
  • لا بد من التوضيح أن ارتفاع أو تدني نسبة المشاركة ليست مسؤولية حصرية تقع على كاهل الهيئة المستقلة للانتخاب، لكننا معنيون بتنفيذ حملات توعية وتثقيف تشد انتباه جمهور الناخبين وتحفزهم لممارسة حقهم الدستوري في المشاركة السياسية وأهمية اختيار من يمثلهم. بالتزامن مع ذلك تجد الهيئة أن مسؤوليتها الأكبر هي إدارة العملية الانتخابية بأقصى معايير النزاهة والحياد والدقة، وفق أحكام القانون، وذلك حتما سيصنع الثقة بأهمية المشاركة.
    بالتالي تأتي نسب المشاركة المرضية عبر تطبيق معايير النزاهة، ويمهد لذلك أيضًا بدء اتساع دائرة الثقة الشعبية بإجراءات الهيئة، خصوصا بعد الارتفاع الكبير بنسبة الثقة باجراءات الهيئة خلال العملية الانتخابية الأخيرة، وهو ما أيده استطلاع الرأي الأخير الذي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية.
    كما أن هناك شركاء في مسألة رفع نسب المشاركة، وهم يمثلون المؤسسات الرسمية كافة ومؤسسات المجتمع المدني والإعلام، الذين يخدمون الهدف والغاية نفسهما، كما أننا نعول مستقبلا على الأحزاب نفسها والمرشحين في قدرتهم على تشجيع الناخبين من خلال برامجهم الانتخابية.
    بموازاة ذلك، فإن قانون الانتخاب الجديد الذي اعتمد كما اسلفنا مكان الإقامة للناخب وإعادة توزيعه على جداول الناخبين، من المتوقع أيضًا أن ترتفع نسب المشاركة في عمان والزرقاء، كما أن القائمة الحزبية على مستوى الدائرة العامة، من المؤمل أن يكون لها دور في تعزيز المشاركة في مدن الكثافة السكانية.
    لكن هذا لا يكفي، فنحن نعمل اليوم ضمن برامج توعوية منها (أنا اشارك بالتعاون مع مؤسسة ولي العهد) والتي نسعى من خلالها الى تشجيع مشاركة الشباب واستهدافهم. كما نعمل على استراتيجية خاصة للمرأة، ومراجعة تحديات مشاركة ذوي الإعاقة بهدف تعزيز مشاركتهم الانتخابية.
    ما يهمنا في مشاركة انتخابية واسعة، هو أن يدرك المواطن أن لديه مصالح في البرلمان القادم، وجزء كبير من هذه المصلحة يحققه قانون الانتخاب الحالي، ويجب على الناخبين ان يدركوا أن البرلمانات القادمة هي رافعة الحكومات البرلمانية الفاعلة في صناعة القرار والتوجهات.
    وفي جميع الأحوال، فنحن في الهيئة نبحث في الأسباب الحقيقية للعزوف عن المشاركة في بعض المدن، وهذا لا يحله الانطباع أو التحليل، بل يحتاج دراسة علمية نحضر لها، ولن نعمل منفردين بل سنعمل على تعزيز نهج الشراكة مع كافة الشركاء المعنيين فهذه مسؤولية وطنية مشتركة.
    ومبدأ توسيع المشاركة لا يترسخ فقط عن طريق قانوني الانتخاب والأحزاب الجديدين، ونشاطات التوعية والتثقيف من جانب الهيئة، بل أيضاً هناك جهود يجب أن تبذل من جهات أخرى، مثل وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي، ووزارة التربية بصدد وضع مناهج دراسية لصفي العاشر والحادي عشر تتناول مفاهيم الديمقراطية والتنوع ومفهوم الحزب، كما أنها مستقبلاً ستطلق منهاجا دراسيا اسمه "التربية الوطنية المدنية".
     *على الصعيد الانتخابي هناك نجاحات متتالية للهيئة بإدارة الانتخابات السابقة، كيف تستعدون لإدارة الانتخابات المقبلة في ظل قانون جديد؟
  • بالطبع ستكون هناك مهام جديدة للهيئة، أهمها التوعية للقانون الجديد الذي فيه تفاصيل مهمة عن مقاعد المرأة والشباب والأحزاب، فالمهام ستكون عن طريق استمرارية التدريب وهو ما بدأنا به فعلياً، لكن الأولوية اليوم لتحديث سجل الناخبين بحسب مكان الإقامة، والإعلان عن ذلك، ليتسنى لأي متضرر من تصويب وضعه بحسب الإجراءات المتبعة، وحتى لا يتفاجأ أي مواطن بتغيير دائرته الانتخابية ويكون السجل فعلا محور إجراءات النزاهة.
     *بشكل شخصي، ماذا كنت ستضيف من تعديلات على قانون الانتخاب الجديد؟
  • أنا كنت مع القائمة النسبية المغلقة على مستوى الوطن، ومع زيادة مقاعد المرأة، وهذه الأمور تحققت في القانون الجديد.
    لكن تمنيت أن نطبق فكرة الترشح في القائمة سواء المحلية أو العامة، على أساس رجل وامرأة، لتكون نسبة تمثيل المرأة أعلى في المجالس النيابية، ولكن قد نحتاج لمناقشة الفكرة في المستقبل.