"الغضب" يعطل العقل أحيانا والقدرة على إدارته مهارة

"الغضب" يعطل العقل أحيانا والقدرة على إدارته مهارة -(تعبيرية)
"الغضب" يعطل العقل أحيانا والقدرة على إدارته مهارة -(تعبيرية)

منى أبو صبح

عمان- “لا أستطيع التحكم بانفعالاتي”، بهذه الكلمات وصف الموظف هاني عبدالله نفسه لحظات تعرضه لموقف مزعج أو مضايقات من شخص ما، مستعينا بنظرية “لكل فعل ردة فعل... مساوية بالمقدار ومعاكسة بالاتجاه”، مؤكدا أن ردة الفعل تكون أعنف عادة من الفعل السيئ ذاته الذي يتعرض له المرء.
ويبين عبدالله أنه انفعل ذات مرة وهو يقود سيارته، لأن أحدهم زاحمه على الطريق بسيارته، مما أدى إلى اشتباك الطرفين، وتطاولا على بعضهما بالألفاظ السيئة واشتبكا بالأيدي، حتى وصلا إلى المركز الأمني لحل المشكلة.
وعندما قص عبدالله على زملائه في العمل ما حدث معه، تعددت الآراء والانتقادات لما جرى، لكنه على يقين أنه لو تعرض أحدهم للموقف ذاته، لكان رد فعله مشابها لما فعله حينها.
الغضب يطغى أحيانا على العقل، ولو رأى الغضبان نفسه حال غضبه لخجل من سوء صورته، وما يظهر على لسانه من الشتم، وما يظهر على أفعاله من الضرب والسوء مثلا، وما يضمره في قلبه من الحقد والكراهية، ولكن هل يستطيع الشخص التحكم في الغضب وإدارته، جراء المواقف الصعبة أو المضايقات التي يتعرض لها.
أما الخمسيني مروان العشا فيعبر عن غضبه تجاه أي موقف سيئ أو مزعج يتعرض له بالصراخ، ولا يأبه إن كان الشخص الذي أمامه كبيرا أم صغيرا، معتقدا أن الصراخ خير وسيلة للتعبير عن الغضب والدفاع عن النفس.
يقول العشا “لا أستطيع ضبط لساني إلا بالصراخ، وقد أنفجر أو أختنق إذا بقيت صامتا، ولم أعبر عن غضبي للآخرين، مع أنني أشعر في كثير من الأحيان بالندم جراء ما قلته أو قمت بفعله سلبيا”.
رانيا عمران (23 عاما)، تجد القلم خير وسيلة للتعبير عما بداخلها أثناء الغضب، وسرعان ما تبادر بتفريغه على الصفحات، والغالبية منه تقوم بإتلافه حتى لا تسترجع ذكريات تلك الحادثة.
وتقول “حين أغضب لا أرغب بالحديث مع أي شخص حتى المقربين مني، وأحب العزلة بمفردي مع القلم فهو صديق حقيقي لي، أعبر به عن ألمي ووجعي بحرية تامة، فهو المنقذ السحري في أي وقت”.
أما حسن خليل (26 عاما)، فيقول “فقدت أعز أصدقائي بسبب عدم قدرتي على ضبط نفسي حينما أفشى سرا ائتمنته عليه يوما ما، فلم يكن مني سوى الإفصاح أمام الآخرين عن جميع خصوصياته وخصوصيات عائلته التي أراد إخفاءها عن الجميع”.
يقول خليل “صحيح أن صديقي هو من افتعل المشكلة، لكني شعرت بندم كبير عقب انتهاء الخلاف، فقد أزعجني بموقفه، لكني سببت له إحراجا وأسى كبيرين، وحتى هذا اليوم أحاول إصلاح ما وقع لكن بدون فائدة”.
ويعرف الاختصاصي النفسي د. خليل أبو زناد، الغضب، بأنه إثارة عاطفية تبتدئ بحماس قوي بسبب زيادة إفراز هرمون الإدرينالين، إما بتعبير حركي أو لفظي أو بميل عدواني يصعب في أغلب الأحيان ضبطه والسيطرة عليه، والغضب طبيعة بشرية خلقها الله سبحانه وتعالى.
ويرى أن التأثيرات التي تحصل في البدن نتيجة الغضب الشديد تسبب فيضا هرمونيا يؤدي إلى ما يشبه التماس الكهربائي داخل المنزل بسبب اضطرابات الدائرة الكهربائية، وما ينتج عن ذلك من تعطل في أجزاء الدائرة الكهربائية كافة.
ويشير أبو زناد إلى أساليب وطرق التحكم في الغضب، ومنها؛ التنفس العميق بعد حدوث المؤثر مباشرة، تلاوة الأذكار التي تربطنا بالله، وصف الحال مثلا؛ أنا الآن غاضب، زعلان حتى يدرك الشخص وضعه الحالي.
وعلى الغاضب، وفق أبو زناد، أن يتساءل؛ هل هذا السبب يستحق أن أغضب لأجله، هل أعامل هذا الشخص بأخلاقه أم يجب أن أعامله بأخلاقي؟، حتى يستطيع التخلص من الموقف بدون الشعور بالندم أو إيذاء الآخرين.
ويبين الاختصاصي الاجتماعي د. حسين الخزاعي، أن سلوك الأفراد وتعبيرهم عن حالات الغضب يرجعان للتنشئة الاجتماعية لهم منذ الصغر، رائيا أن الأطفال يتعلمون من آبائهم عن طريق التقليد، لأنهم القدوة والمثل الأعلى في الحياة، وبالتالي ينعكس ذلك على سلوكهم في المدرسة والجامعة والشارع.
ويردف “لكننا نخشى أن يكون التعبير عن الغضب لفظيا أو بدنيا، فمعظم الأسر الأردنية تمارس “فشة الغل”، بالعقاب البدني، وهذا سلوك خاطئ ونرفضه تماما”.
ويرى أن مهارة إدارة الغضب بين أفراد المجتمع، تأتي من الحوار والتعاون والإيثار والتسامح، واحترام الرأي الآخر، وعدم الاستهزاء به والتطاول عليه، محذرا في الوقت نفسه من ردة فعل الطرف الآخر؛ إذ إن لكل فعل ردة فعل.
وتتفاوت ردود الفعل في مواجهة الغصب، كما يقول الخزاعي؛ إذ يمكن أن تكون ردة الفعل فيزيائية، بعدم التحكم بالجهاز العصبي أو الجسدي، وتؤدي لأضرار جسمية ونفسية وقانونية، داعيا الشخص الذي يواجه موقفا يزعجه أو يستفزه، بتغيير الحوار والمكان والاستئذان للخروج أو المسايرة لحين انتهاء تفريغ الغضب.

اضافة اعلان

[email protected]