الغمر والباقورة.. غياب الاحتفال يضعف جهود تنمية الحس الوطني لدى الصغار

Untitled-1
Untitled-1
منى ابو حمور عمان - مع فرض السيادة الأردنية الكاملة على أراضي الغمر والباقورة؛ أثيرت تساؤلات واسعة حول غياب مظاهر الاحتفال الوطنية لعودة هذه الأراضي التي كانت محتلة منذ العام 1950 وحتى توقيع معاهدة السلام في 1994، وتم بموجبها منح الجانب الإسرائيلي حق الانتفاع بها مدة 25 عاما انتهت يوم الأحد الماضي. لم تكن أجندة المؤسسات التعليمية ممتلئة ببرامج وفعاليات وأنشطة تحكي عن أهمية هذه المناسبة سواء في المدراس ومؤسسات أخرى، إذ لوحظ شبه غياب لمظاهر الاحتفال والفرح بهذا العرس الوطني كما يجب. خبراء وتربويون يدعون إلى أهمية أن تعي الأجيال الحالية والقادمة قضايا وطنية مهمة تشكل هوية واضحة لهم الآن ومستقبلا، وذلك يأتي من خلال مناسبات ينغي أن تأخذ مساحة كبيرة من الاهتمام وتجيب عن التساؤلات، وترسخ قيما قائمة على الحب والانتماء. ولا يأتي ذلك من فراغ، بل تلعب المؤسسات التربوية والتعليمية دورا كبيرا في ترسيخها داخل نفوس الأطفال عبر الالتفات إليها والحديث عنها دائما وأبدا لكي تكون الأجيال الحالية والقادمة على علم ودراية بكل ما يخص تاريخ الوطن وانجازاته. ولم تصدح الأغاني الوطنية في سماء المملكة ولم تجب المسيرات في هذا اليوم الشوارع الأردنية، في الوقت الذي لم يعِ طلاب المدارس ما يدور من حولهم، أو ادراك لحجم هذه المناسبة المهمة في تاريخ الأردن. وحالة من الاستغراب شعرت بها الثلاثينية منال حمدي بعد أن عجز أبنائها من معرفة تفاصيل هذا الحدث العظيم الذي يعيشه الأردنيون. حال أبناء منال حال الكثير من طلبة المدارس في الأردن الذي خلا طابورهم الصباحي من كلمات إذاعية تعرف بالباقورة والغمر وأهمية استرجاعهما بالنسبة للأردنيون. تقول منال أنها تشعر بالفخر بعد أن حضر أبنائها خطاب العرش، والوقوف على أهم المحاور التي تناولها جلالة الملك عبدالله الثاني خلال خطابه، وإعلانه انهاء اتفاقيتي الغمر والباقورة، مما يساهم بتشكل وعيهم واهتماماتهم أمام قضايا وطنية ومهمة. وعلى قدر مشاعر الفخر والاعتزار والفرح برفع العلم الأردني على الباقورة والغمر التي بدت واضحة في ملامح منال، عرف أبناؤه أهمية هذا الحدث بالنسبة للأردنيين وللعالم العربي والإسلامي، مبينة “بعد أن انتهيت من قصة الغمر والباقورة علت أصوات الأغاني الوطنية في المنزل فرحا باستقلالنا من جديد”. ويشاركها الرأي الخمسيني أبو إيهاب الذي استوقفه سؤال ابنه في الصف السابع عن سبب بقاء أراضي الغمر والباقورة طوال هذه الفترة بيد سلطات الاحتلال، مستغربا غياب دور المدرسة في الحديث عن هذا الحدث الجلل في حياة الأردنيين. ويقول “ما فائدة كتب التاريخ والتربية الوطنية إن كانت لا تزرع قيما وطنية عند أبنائنا وتعرفهم بتاريخهم المجيد”، لافتا إلى غياب احتفال حقيقي وكما يجب بهذا اليوم، رغم الإعلان عن انهاء التفاقيتي أراضي الغمر والباقورة شهر تشرين الأول أكتوبر الماضي. وفي الوقت الذي افتخر فيه الإعلام العربي بالمناسبة، ووصفها بأنها يوم تُرفع فيه الرايات، لم يكن دور محطات التلفزة المحلية وبعض وسائل الاعلام الأردنية بهذه المناسبة كما يجب، وفق التربوي الدكتور عايش النوايسة. ويلفت النوايسة ايضا إلى غياب دور وزارة التربية والتعليم والمؤسسات الإعلامية الحكومية عن الاحتفال بهذا اليوم العظيم وعدم التركيز عليه كما يجب، متساءلا عن خطة الوزارة في التعامل مع هذه المناسبة الوطنية. ويقول النوايسة كان الأجدر بوزارة التربية والتعليم أن تخصص في هذا اليوم الطابور الصباحي والحصة الأولى للحديث عن هذا الحدث، لتعرف الأجيال القادمة أهمية هذا الحدث التاريخي، فاستعادة الأراضي الأردنية بعد هذه السنوات ليس بالأمر العادي. ويرى نوايسة أن انشغال الناس بالظروف الاقتصادية الصعبة والأزمات المرورية الخانقة والتحديات الكبيرة التي تعيشها المنطقة العربية، كان الأجدر بالحكومة أن تجعل من هذا الحدث عطلة رسمية وتعميم الاحتفالات به على جميع مؤسسات الدولة ووزارتها. ويضيف “إعلان هذا اليوم عطلة رسمية يؤكد في المقام الأول أهمية غرس قيما وطنية عند ابناء الشعب الأردني”، كما يحيي روابط وطنية ويعلم الأطفال كيف يكون التمسك بالأرض. ويؤكد نوايسة على إعلان هذا اليوم كعطلة رسمية يذكر 10 مليون مواطن بذكرى هذا اليوم وسيكون هناك سبب حتى يعرف كل الأردنيين هذا الحدث الوطني وكيف تم استعادة هذه الأرضي وفرض السيادة الأردنية عليها. ويقول “نحن بحاجة دائما لتذكير أبنائنا بقضيتنا الأولى فلسطين”، مشيرا إلى أن الأصل أن لايكون الاحتفال خجولا في هذا الحدث الإيجابي، في الوقت الذي اعتبره الاحتلال الصهيوني يوم أسود في تاريخهم”. “من حقنا كأردنيين أن نحتفل ونفتخر ونفرح بعودة هذا الفرع “الغمر والباقورة” إلى الأرض الأم وليس منَّة من أحد”.. بهذه الكلمات أكد عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين على حق الأردنيين بالاحتفال بهذا العرس الوطني. ويذهب إلى أن هذا الحدث أصبح جليا وينبغي التعبير عنه بالفخر والاعتزاز بمنجزات الوطن والحديث عن هذا التاريخ واستذكار الشهداء، والتأكيد على منجزات الوطن والمعاني والدلالات الكبيرة للحدث، وليس المرور عنه. ويشير محادين إلى أن مؤسسات التعليم بما فيها المؤسسات الحزبية والنقابية وحتى مؤسسات المجتمع المدني قد “أخفقت في إيقاد حس الإنتماء للوطن الذي يمثل ذروة الفرح ومعنى امتداد الهوية التي تضلل مختلف مكوناته بتنوعها”. إن هذا اليوم بحسب محادين، مبعث فخر واعتزاز بأن ابن الوطن غير مسلوب بالرغم من تعرضه للضغوطات والمضايقات وأن هذا الفرع من الأردن قد عاد للسيادة الأردنية بفضل ابنائه، مع تأكيد الأردنيين على توقهم لتحرير باقي الأراضي العربية. وحول غياب الإحتفال بهذه المناسبة الوطنية على أجندة وزارة التربية والتعليم يؤكد أمين عام الوزارة الدكتور نواف العجارمة على حرص الوزارة التأكيد المستمر على المضامين الوطنية والحديث عنها في الطابور الصباحي. ولايخلو طابو صباحي وفق العجارمة من التأكيد على الانتماء والولاء والتطرق للحديث عن المؤسسات الوطنية والعسكرية والتاريخية التي من شأنها أن تثري المعرفة لدى الطالب الأردني بمقدرات الوطن ومكانته وتعزز ولاءه وانتماءه في الوقت ذاته. وتعكف وزارة التربية والتعليم وفق العجارمة في تصريح خاص لـ الغد” وضع خطة نهوض وطنية في جميع المدارس، مشددا على ضرورة التأكيد على مضامين خطاب العرش وتناول قرار جلالة الملك عبدالله الثاني الخاص بالغمر والباقورة ، مؤكدا على أنه سيكون هناك توجيهات لمديري التربية في كافة محافظات المملكة لإلقاء الضوء على هذا الحدث الوطني المهم.اضافة اعلان