الفساد والاقتصاد الأردني: المرض المزمن!

أصدر مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية نتائج استطلاعه الأخير حول رأي الأردنيين في الحكومة بعد (200) يوم من تشكيلها! وقد تباينت نتائج هذا الاستطلاع مظهرة بشكل عام تراجعا كبيرا بثقة الأردنيين بالحكومة وبمتوسط علامات دون الخمسين بالمئة! وتحت العنوان الفرعي "الفساد والاقتصاد الأردني: المرض المزمن" أشار الاستطلاع لجملة من النتائج التي تحمل دلالات في غاية الأهمية لكنها غير مفاجئة بالوقت نفسه!اضافة اعلان
فحسب الاستطلاع، كل الأردنيين (94 %) يعتقدون أن الفساد المالي والإداري منتشر في الأردن، وغالبية الأردنيين (82 %) يعتقدون أن الحكومة غير جادة وحريصة على محاربة الفساد! و(17 %) من الأردنيين يعتقدون أن وظائف كبار الدولة تعطى على أساس الكفاءة، مقابل أن عوامل المعارف والأقارب والولاء للحكومة وسياساتها هي العوامل الأكثر للحصول على الوظيفة!
ونقول إن هذه النتائج غير صادمة لأن أكثر من تقرير وجهة محلية وخارجية أشارت صراحة لكل ذلك! فحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية (الذي صدر مطلع هذا العام) أظهر الأردن قيماً منخفضة على مؤشرات قياس مظاهر الفساد التالية: الرشاوى في القطاع العام، وفاعلية آليات النزاهة والوقاية من الفساد، والملاحقة القضائية لمن استغلوا مناصبهم بقضايا فساد، الواسطة والمحسوبية ومدى استغلال المسؤولين الحكوميين للوظائف العمومية!!
أما تقرير هيئة النزاهة ومكافحة الفساد لعام 2019، فقد أشار إلى أن التجاوزات المالية والإدارية احتلت أعلى نسبة بمقدار 37 % من مجمل القضايا، وحدد التقرير صراحة وزارة الإدارة المحلية وأمانة عمان الكبرى التي احتلت الترتيب الأول، كأعلى ترتيب بشبهات الفساد تلتها وزارة الأشغال العامة والإسكان ثم وزارات الصحة والعمل والنقل!
يشعر الناس بعدم المساواة وبغياب العدالة، كما يلمس الناس أثر الفساد السلبي على الجانب الاقتصادي بحياتهم، فالفساد يحرمهم من الوظائف ويقلل من دخولهم ويزيد الكلف على أي مستثمر ويعوق خلق فرص العمل في المجتمع! كما يعمل على تحييد أولويات المجتمع وأهدافه في تحسين البنى التحتية وتطوير قطاعات الصحة والتعليم من خلال توجيه موارد الدولة إما لمشاريع بكلف عالية وليست ذات أولوية أو لمشاريع لا نراها إلا على الورق!!
خلاصة القول، هذا تقرير ثالث في ستة شهور يشير صراحةً إلى اتساع وعمق أزمة الفساد في الأردن وخطورتها! كما يشير إلى أن السياسات التي رسمت للحد من الفساد ومكافحته إما اعتراها خلل في التطبيق أو قصور في التنفيذ، وقد بات لزاماً إعادة النظر بكل تلك السياسات والمسارات حتى لا تتحول المشكلة إلى معضلة والحل إلى عقده مزمنة!