الفقر يرتفع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

77777
77777

جلاديس لوبيز وأسيفيدويوهانز وهوجفين

واشنطن-شهد العالم انحساراً في معدلات الفقر منذ أوائل التسعينيات، لكن لوحظ تباطؤ في معدل الانخفاض في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حتى قبل تفشي جائحة كورونا. في الواقع، كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي المنطقة الوحيدة التي شهدت "ارتفاعا" في مستويات الفقر منذ عام 2013، حيث لوحظ حدوث زيادة هائلة في معدل الفقر المدقع (أولئك الذين يعيشون على أقل من 1.90 دولار للفرد يومياً) بين عامي 2011 و2018 حيث ارتفع من 2.4 % إلى 7.2 %.اضافة اعلان
والآن، تواجه كل المناطق حول العالم احتمال التعرض لانتكاسات، حيث تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن جائحة كورونا أدت بمفردها إلى انزلاق 97 مليون شخص إضافيين في هوة الفقر خلال عام 2020 في أنحاء العالم. إذا، كيف أثرت الجائحة على رفاهة كل من الأفراد والأسر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟ وما هي القضايا التي يجب أن يركِز عليها واضعو السياسات لتسهيل تحقيق تعاف اقتصادي سريع ومستدام؟
يستعرض تقرير جديد صادر تحت عنوان "آثار جائحة كورونا على توزيع الدخل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" أبعاد هذه الأسئلة بتحليل بيانات أولية جمعت حديثا في المنطقة، جاء معظمها من خلال مسوح استقصائية هاتفية عالية التواتر، وتكملها تنبؤات أجريت من خلال نماذج محاكاة مصغرة تتيح لنا إجراء تقييمات لآثار الجائحة وتداعياتها على الفقر وعدم المساواة.
ويتمثل أحد الاستنتاجات الرئيسية للتقرير في أن الجائحة قد خلفت آثارا متفاوتة على الناس، إذ أثرت في الغالب على الفئات الفقيرة والأكثر احتياجا أكثر من غيرهم. ويُعد هذا الاستنتاج مبعث قلق بالغ لأنه قبل تفشي الجائحة كانت المنطقة تعاني بالفعل من تدني المعدلات السنوية للنمو الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة، وارتفاع مستويات العمل في السوق غير الرسمية، وانخفاض مستويات مشاركة النساء في القوى العاملة، وقلة الوظائف الجيدة، وصعوبة بيئة الأعمال، وانعدام الأمن الغذائي، وأوضاع الهشاشة والصراع.
ويتعيَّن الآن على واضعي السياسات التحوُّل سريعاً نحو الحد من تصاعد مستويات الفقر، وتقديم دعم للدخل ودعم اجتماعي للفئات الأشد تضررا، مع توخي الحصافة في ممارسات المالية العامة. وبغير ذلك، فإن خطر تعرض النسيج الاجتماعي المهترئ بالفعل في المنطقة للمزيد من التمزق سيصبح ماثلاً أمام الأعين.
كيف تتجلَّى الآثار المتفاوتة للجائحة؟ تشير النتائج التي تمخض عنها التقرير إلى ما يلي: (1) حدوث زيادة كبيرة في معدلات الفقر؛ (2) اتساع رقعة عدم المساواة؛ (3) ظهور مجموعة من "الفقراء الجدد" (أولئك الذين لم يكونوا فقراء في الربع الأول من عام 2020، لكنهم أصبحوا فقراء منذ ذلك الحين)؛ و(4) تغيرات في سوق العمل على أساس الهامش المُكثَّف (كفاءة العمل) والهامش الموسَّع (عدد المشتغلين؟). وتشير التقديرات الواردة في التقرير إلى أن معدلات الفقر في المنطقة ستزيد زيادةً كبيرة في 2020 تبعاً لظروف كل بلد أو اقتصاد لما يتراوح بين 5 نقاط مئوية و35 نقطة مئوية لاسيما في بلدان مثل جمهورية إيران الإسلامية والعراق ولبنان حيث أدت جائحة كورونا إلى تفاقم المتاعب الاقتصادية الأخرى.
وبدءاً بالتغيرات في مستوى الرفاهة: في تونس، أفاد أكثر من نصف الأسر التي شاركت في خمسٍ من جولات من المسح الاستقصائي الهاتفي بأن الجائحة أدت إلى انخفاض مستويات المعيشة بالمقارنة مع الفترة التي سبقت تفشِّي الجائحة وهي آذار 2020 . ولوحظ هذا بوضوح في معدل استهلاك شريحة أدنى 40% من الأسر دخلاً في الفترة من منتصف أيار إلى منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2020. واستمر هذا الهبوط الحاد في رفاهة الأسر مع تفشِّي الجائحة حتى بعد رفع القيود المفروضة على تحركات الأفراد. ولوحظ أن هناك نمطاً مماثلاً في مصر في الجولتين الأولى والثانية للمسح، وكانت الأسر المنتمية لشريحة أدنى 40% من الأسر دخلاً هي الأكثر تضرراً من الجائحة.
علاوةً على ذلك، تظهر المسوح الهاتفية في المنطقة أن درجة النقصان في مستويات الرفاهة تتفاوت بين الأسر على أساس الخصائص الاجتماعية والاقتصادية، مثل الثروة، ونوع الجنس، وقطاعات التوظيف، وطبيعة عقود العمل، ومكان الإقامة (الحضر أم الريف). ويعمل أكثر الناس معاناة (من ينتمون إلى أسر فقيرة أو قريبة من الفقر) في قطاعات تعرضت لأشد تداعيات الجائحة وهي: الصناعات الاستخراجية، والسياحة (ومنها الفنادق والمقاهي والمطاعم)، وتجارة التجزئة، والنقل، والتجارة، والإنشاءات. وهذه هي القطاعات التي تشتغل فيها العمالة غير الرسمية بأجر يومي أو من يعملون في وظائف بعقود (مؤقتة)، والتي لا يتاح فيها العمل عن بعد.
وثمة فئة أخرى مُعرَّضة بشدة للمعاناة ألا وهي فئة اللاجئين؛ ففي لبنان، تُقدَّر الزيادة في معدلات الفقر للمواطنين (المجتمع المضيف) بنحو 13 نقطة مئوية لعام 2020 من خط الأساس في 2019، و28 نقطة مئوية لعام 2021. ولكن تذهب التقديرات إلى أن الزيادة بالنسبة للاجئين السوريين تبلغ 39 نقطة مئوية لعام 2020 و52 نقطة مئوية لعام 2021. وفي جيبوتي، أفاد 7 % من اللاجئين (معظمهم من إثيوبيا وإريتريا والصومال، وفي الآونة الأخيرة من اليمن) الذين يعيشون في مناطق حضرية بفقدان وظائفهم بالمقارنة بالأسبوع السابق مقابل 3 % بين المواطنين. ويؤدي هذا إلى تفاقم مواطن الضعف القائمة حيث أنه يأتي إضافةً إلى 25 % من اللاجئين الذين كانوا لا يعملون بالفعل مقابل 11 % بين المواطنين الجيبوتيين.