الفلسطينيون اختاروا أن يكونوا لاجئين

هآرتس

دان مرغليت  25/5/2018

آلاف الفلسطينيين الذين حاولوا هذا الشهر اختراق الجدار الأمني في غزة، هم احفاد جيل الحرب الذي تسبب في 1947 بمشكلة اللاجئين وصاغ الطلب المغيظ لتحقيق "حق العودة". لو أن العرب وافقوا على قرار الأمم المتحدة تقسيم البلاد بين الشعبين فيها، وهو القرار الأخير في سلسلة القرارات الدولية منذ لجنة سان ريمو في 1920، الذي اعترف أيضا بحق اليهود في أرض إسرائيل، لكانوا يجلسون هنا تحت كرمتهم وتينتهم. ولكن غداة القرار بدأوا بحرب وأعلنوا أنهم سيلقون اليهود في البحر. واليوم هم يتحملون مسؤولية النتائج.اضافة اعلان
بعد شهر من بداية إطلاق النار من يافا العربية على تل ابيب توصلت القيادات المحلية إلى اتفاق لوقف اطلاق نار. رؤساء الجمهور ومنظمة "النجادة"، طلبوا موافقة اللجنة العربية العليا، وتم الرد عليهم بالرفض. ليس هناك اتفاق مع اليهود (بحث دكتور ايتمار رداي في كتابه "بين مدينتين"). فقط بعد خمسة أشهر من القنص من يافا على المدينة العبرية الأولى سمح مناحيم بيغين لمقاتلي الايتسل بمهاجمة يافا، كان هذا في نيسان 1948 قبل شهرين من اقامة الدولة.
العرب اختاروا أن يكونوا لاجئين. وضع مشابه كان أيضا في حيفا في نفس الوقت. اليهود توسلوا امام العرب للبقاء، لكنهم غادروا المدينة، بعد أن تعهدت لهم قيادتهم بأنهم سيعودون خلال عشرة ايام وسينهبون بيوت اليهود. هذه الحقائق يمكن اخفاؤها ونفيها، لكنها هي الحقيقة الصحيحة. هاتان المبادرتان الكبيرتان حدثتا بمبادرة العرب.
في السنوات الأخيرة عندما تظاهر بنيامين نتنياهو بأنه ما زال يرغب في المفاوضات، طلب أن يعترف الفلسطينيون بإسرائيل كدولة يهودية. ربما كان من الأصح اشتراط المفاوضات باعتراف صريح منهم بأنهم أكثر من غيرهم تسببوا بخلق مشكلة اللاجئين. خلافا لأقوال عودة بشارات في مقاله في "هآرتس" في 21/5، حينما في تأبينه لروعي روتبيرغ في 1956 ذكر موشيه ديان أن اللاجئين كانوا ينظرون من غزة غاضبين ومتألمين، لم يكن لذلك حتى ذرة من تحمل اليهود المسؤولية عن وضعهم، بل فقط الرحمة. من هنا أيضا استنتاج ديان بأنه إذا اراد اليهود الحياة فعليهم التمسك بالرشاش والقنبلة.
لم يكن احد يستطيع التنبؤ أنه في 2018 سيبقون منشغلين بقطاع غزة، قريبا من مكان قتل روتبيرغ – بمسألة حق عودة اللاجئين إلى يافا وحيفا. هذا هو الوضع اليوم لأن الدول العربية لم تسمح لهذه المسألة بأن تذوي. في الكتاب الذي ألفته د. عنات وولف وعيدي شفارتس "حرب حق العودة"، الذي صدر في الوقت الذي جدد فيه الفلسطينيون في غزة اعمال العنف تحت عنوان "مسيرة العودة"، وجه انتقاد ليس فقط للعالم العربي بل أيضا للغرب وحتى لإسرائيل. محور الشر، حسب المؤلفين، هو الاونروا التي بدأت بالعمل بنية حسنة، لكنها ضخت وتضخ مليارات الدولارات وغذت مشكلة اللاجئين خلال سبعين سنة ولا تسمح لها بالتلاشي.
الاونروا تحولت إلى خزنة للجيل الثالث والرابع من المبعدين الفلسطينيين، الذين انتقلوا من حيفا إلى نابلس وتأسسوا جيدا وما زالوا يتلقون مخصصات كلاجئين. المنظمة حافظت، وتقريبا حبست اللاجئين في المخيمات في غزة. إسرائيل سلمت بالأونروا لأنها منحتها راحة مؤقتة، والحكومة والجيش ارادوا فقط الهدوء، "هدوء الآن"، وليذهب غدا إلى الجحيم.
يغئال الون كان صوتا وحيدا ينادي في الصحراء، باعتقاده أن على إسرائيل معالجة المشكلة وعدم اغماض العين. ولم يستجيبوا له. الآن الحديث يدور عن أن الولايات المتحدة وحلفاؤها سيتوقفون عن تمويل الاونروا، هذا توجه مناسب، لكنه يقتضي صقل وتوازن. وولف وشفارتس اقترحا أن تبقى المساعدات كما هي، لكن الاونروا يتم حلها والأموال تنقل إلى أيدي السلطة الفلسطينية للاحتياجات العامة. اللاجئون سيحصلون على الصنارة بدل السمكة. هذه فكرة يجدر تحريكها رغم أنه ليس هناك ضمان بأن خطوة دراماتيكية جدا ستستقبل بالترحاب في القدس.