الفلسطينيون بحاجة إلى حل الدولة الواحدة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة - (أرشيفية)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة - (أرشيفية)

غادة الكرمي — (الغارديان) 20/9/2012

ترجمة: عبد الرحمن الحسيني

صادف الأسبوع قبل الماضي مرور عام واحد على تقديم الفلسطينيين طلباً لعضوية الأمم المتحدة. وقد أكسبت مناشدة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للجمعية العامة للأمم المتحدة بدعم القضية الفلسطينية يوم 23 أيلول (سبتمبر) السيد عباس الكثير من المديح والإطراء، حتى من المناوئين له. لكن تلك المناشدة لم تفض إلى أي شيء، ولم يتم التقدم بطلب فلسطيني آخر لعضوية الأمم المتحدة. ومع ذلك، يجري طرح موضوع الدولة ثانية على الأجندة الفلسطينية.
وكان عباس قد هدد مؤخراً بإعادة طرح الطلب على الأمم المتحدة إذا استمر التمدد الاستيطاني الإسرائيلي. وقال إنه سيسعى هذه المرة من أجل الحصول على وضع الدولة المراقب غير العضو في الجمعية العامة، لكنه يترتب عليه تقرير ذلك بالتشاور مع الدول العربية ودول أخرى، وثمة احتمال بأن لا يتم تحقيق أي شيء هذه المرة أيضاً. ومن الممكن أن يقوده خلو جعبته من الأفكار وإفلاسه منها باتجاه هذا التحرك على ضوء الحالة الراهنة من الإذعان الأميركي للهيمنة الإسرائيلية الإقليمية، والنجاح الإسرائيلي المذهل في تحويل الانتباه العالمي من الصراع القائم على عتبتها إلى مسألة السلاح النووي الإيراني غير الموجود.
كما يواجه الرئيس مشكلة خطيرة في الوطن. فالاقتصاد الفلسطيني، المعتمد على المساعدات، يترنح تحت وطأة عجز موازنة مزمن، وديون خارجية تصل إلى مليار دولار، أي ما يصل إلى خمس إجمالي الناتج المحلي. وفي الأثناء، تراجع تمويل الجهات المانحة من مليار دولار إلى 750 مليون دولار، كما أرجأت السلطة الفلسطينية دفع رواتب 153.000 موظف، ما أفضى إلى قيام الاحتجاجات. وقد هزت الإضرابات الجماهيرية والتظاهرات الضفة الغربية لعدة أيام.
ويريد المحتجون تعديلاً على بروتوكول باريس للعام 1994 الذي يعد جزءاً رئيسياً من اتفاقيات أوسلو التي تنظم العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وما يزال الأثر الرئيسي للبروتوكول يتمثل في الإبقاء على الاقتصاد الفلسطيني معتمداً على إسرائيل. وهو يربط معدلات الضريبة الفلسطينية بتلك الإسرائيلية الأعلى بكثير، ويبقي أبواب الأسواق الفلسطينية مشرعة أمام إسرائيل، على الرغم من أن العكس ليس صحيحاً. ومن خلال قيود مختلفة، يجري إجبار الفلسطينيين على الاتجار مع إسرائيل فقط. وقد دفعت حالات الفقر التي نجمت عن ذلك، سوية مع بطالة يصل معدلها إلى 40 % بين الشباب إلى جعل الناس ينزلون إلى الشوارع، وهم يطالبون باستقالة رئيس الوزراء سلام فياض والسلطة الفلسطينية نفسها. وفي هذه الأوقات، اقترح عباس إلغاء اتفاقيات أوسلو برمتها، بما في ذلك الاتفاقيات الاقتصادية والأمنية. ومع ذلك، لم يتم التوصل إلى أي قرار. أما إذا كان ذلك مجرد تهديد فارغ وحسب، فهذا ما ستكشفه الأيام.
على ضوء هذه الحالة، ألا يجب أن تكون هناك إعادة تقييم للاستراتيجية السياسية الفلسطينية؟ حتى الآن، ليس ثمة إمارة على أن القيادة الفلسطينية، أو في الحقيقة أي هيئة رسمية، تستطيع التفكير فيما وراء حل الدولتين. لكن الحقائق على الأرض تشير إلى استنتاج مختلف جداً. إن إسرائيل تسيطر الآن على 62 % من أراضي الضفة الغربية، وتحاصر معظم أراضيها الزراعية الغنية، بما في ذلك منطقة وادي الأردن الخصبة. وفي الأثناء، تستمر عملية الاستعمار بدون توقف. وحتى هذا التاريخ، قاومت إسرائيل كل دعوة لتسوية تستند إلى حل الدولتين. وعلى الرغم من ذلك، ما يفتأ الغرب يبدي تردداً شديداً في الضغط على إسرائيل.
ربما سيدحض القليلون أهلية الفلسطينيين لإقامة دولة، لكنه لا يمكن تحقيقها ببساطة في ضوء الواقع الراهن. وقد كان من السخف دائماً انتهاج حل الدولتين في سياق أوحى بأن ذلك لن يحدث أبداً. واليوم، فإن إسرائيل-فلسطين هي بوضوح دولة واحدة من المستحيل أن تقسم. لكن هذه "الدولة" التمييزية تطبق نظاماً على غرار نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا ضد الفلسطينيين، مع التمتع بالحصانة. وتقف حالة عدم المساواة الاقتصادية الكلية لتكون مؤشراً على وجود هذا النظام.
إن هذه الحالة تتطلب استراتيجية فلسطينية جديدة، خطة "ب" تقوم بتحويل النضال الفلسطيني من أجل دولتين إلى السعي إلى دولة واحدة تتمتع بحقوق متساوية، في إطار ما يعد الآن دولة أحادية الجانب تحكمها إسرائيل. وتتطلب الخطوة الأولى في هذه الخطة تفكيك السلطة الفلسطينية كما هي مؤسسة حالياً، أو على الأقل إحداث تغيير في وجهة القيادة الفلسطينية. ويجب أن ينتهي دور السلطة الفلسطينية كفاصل بين قوة الاحتلال والناس الخاضعين للاحتلال، سوية مع وهم الحكم الذاتي الواسع الذي تكرسه. فقد أفضى هذا إلى توفير حماية لإسرائيل من مواجهة التزاماتها القانونية كقوة احتلال، لكنه خلق توازياً زائفاً بين الناس الخاضعين للاحتلال وسلطات الاحتلال.
يجب أن تلتزم العلاقة الجديدة للسلطة الفلسطينية مع إسرائيل بالسعي إلى تحصيل حقوق شعبها الرازح تحت الاحتلال، بما في ذلك الحق في المقاومة السياسية. ويجب أن تقود السلطة الفلسطينية الحملة لإعداد الفلسطينيين للتخلي عن فكرة الدولتين والنضال من أجل الحقوق المتساوية بدلاً من ذلك. ومن دون وسيط مختبئ في الخلف، فإن حقيقة احتلال إسرائيل ستتعرى وسيكون منطق نضال الحقوق المدنية أمراً لا يقبل الدحض.
لقد تمتعت إسرائيل حتى الآن باحتلال لا يرتب أي تكاليف عليها بفضل وجود قيادة فلسطينية تقوم بعمل إسرائيل الإداري والأمني، وبفضل جهات مانحة تدفع الفاتورة. وبضربة واحدة، ستقوم الخطة "ب" بإزالة ورقة التوت وتزيل تمثيلية الدولة الفلسطينية التي حولت الاهتمام عن الواقع على الأرض. وسيكون المواطنون العرب المحتملون الذين يصل عددهم إلى 2.5 مليون في إسرائيل قادرين على تحدي ديمقراطيتها التي تتبجح بها، وإنهاء النظام القديم للصالح الفلسطيني. فهل يتوافرون على الشجاعة لاستيعاب فكرة التحدي؟

*نشر هذا المقال بعنوان:
Palestinians need a one-state solution

اضافة اعلان

[email protected]