الفلسطينيون والخسارات المستمرة

هآرتس

تسفيا غرينفيلد

الكتاب الجديد للمؤرخ بيني موريس "من دير ياسين وحتى كامب ديفيد" ينضم إلى النقاش الذي يجري منذ سنوات حول مسألة هل الفلسطينيون حقا وافقوا على صيغة دولتين لشعبين. ولكن النقاش حول نوايا الفلسطينيين والفرص التي قاموا بتفويتها لم يعد مهما. ليس مهما إلى ماذا سعوا في السابق بل ما الذي سيقررونه الآن.اضافة اعلان
إذا كان "حل القرن" لترامب موجود في الواقع وليس مجرد خيال فقط فعلى الفلسطينيين أن يتبنوه على الفور، وإلا فإنهم سرعان ما سيكتشفون أن رفضهم تجاه الإدارة الأميركية يمنح سلطة اليمين فرصة ضم المناطق ج كلها. وفي حينه فإن أي امكانية لاقامة دولة فلسطينية حتى لو كانت صغيرة، ستتبدد إلى الأبد، وسيبقون بدون سيادة ذاتية، مشتتين في كانتونات صغيرة ومحاطين بأكثر من 60 في المئة من اراضي الضفة الغربية، التي كان يتوقع أن تحقق الدولة الفلسطينية، لكنها سلبت من قبل إسرائيل وسيتم استخدامها من الآن فصاعدا كقاعدة للاستيطان في كل المنطقة.
إذا تمكن الفلسطينيون من الدخول فورا إلى المفاوضات بوساطة أميركية يمكنهم انقاذ مناطق ج وربما ازالة عدد من المستوطنات والمواقع الاستيطانية. ولكن على المستوى المبدئي فإن نقل السفارة الأميركية إلى القدس هدف إلى اقناعهم بأنه لا توجد طريق حقيقية للعودة إلى الخلف. ليس إلى العام 1948 وليس إلى العام 1967. وكل يوم من الرفض يجر عليهم مصيبة اخرى.
في المقال الذي نشره حسين الآغا وروبرت مالي في "نيويورك ريفيو أوف بوكس" في آب 2003 اثناء الانتفاضة الثانية تم وصف رؤية ياسر عرفات، الذي كان في حينه محاصرا في المقاطعة. حسب اقوالهما فإنه كان يعتقد أن "ليس كل شيء اسود". ورغم أنه كان موجودا بالفعل رهن الاعتقال، فإن تأييده وشرعيته تعززا.
إسرائيل ما زالت تعاني من عدم الأمن، اقتصادها تدمر والهجرة اليها تتضاءل. من جهة اخرى توجد انجازات: العالم، بما في ذلك إسرائيليون كثيرون، يطلب أكثر فأكثر من الإسرائيليين الانسحاب إلى حدود 1967، وتفكيك المستوطنات وتقسيم القدس إلى عاصمتين؛ وفي هذه الاثناء أيضا يزداد الضغط لتدخل دولي. الفلسطينيون يعانون، والإسرائيليون مثلهم. فقط عندما يشعر الإسرائيليون بكامل ثمن المواجهة فهم سيقدرون تماما كامل فوائد حل الدولتين الذي فيه سيعيد الفلسطينيون لأنفسهم ارضهم المفقودة.
لقد مرت 15 سنة على ذلك، والآمال التي وضعها عرفات تبددت. إسرائيل اليوم قوية أكثر من السابق، وتوقع أن امكانية سحب ما تنسبه لنفسها من أيديها هي وهم خطير. حكم اليمين كان يريد بالطبع بلع كل مناطق الضفة وأن يبقي تحت ادارة فلسطينية مدنية فقط المناطق الفلسطينية المأهولة والمكتظة. ولكن المصيبة لم تحدث بعد، ويمكن منعها مسبقا. ترامب بسبب صفاته الفريدة يبدو أنه الرئيس الأميركي الوحيد الذي يستطيع جعل إسرائيل الرافضة تتفق مع الفلسطينيين، وأن يحرر جزءا كبيرا من اراضي الضفة من بين مخالب اليمين الاستيطاني.
اذا لم يوافق الفلسطينيون الآن على خطة المصالحة الأميركية، فليس فقط لن يستطيعوا مرة اخرى تقسيم البلدة القديمة في القدس أو اعادة حتى عدد رمزي من اللاجئين الفلسطينيين، بل سيفقدون بشكل عام القاعدة الجغرافية لسيادتهم. يجب عليهم العمل قبل أن يصبح الوقت متأخرا جدا.